التصحيح يقلص الجريمة ويغذّي الشعور بالأمان

التصحيح يقلص الجريمة ويغذّي الشعور بالأمان
التصحيح يقلص الجريمة ويغذّي الشعور بالأمان
التصحيح يقلص الجريمة ويغذّي الشعور بالأمان
التصحيح يقلص الجريمة ويغذّي الشعور بالأمان

أتت مهلة تصحيح أوضاع العمالة لتعيد "فلترة" كثير من الأمور، إذ تشير الإحصاءات غير الرسمية إلى أن نسبة جرائم العمالة في السعودية خلال عام واحد بلغت 40 في المائة من مجمل الجرائم المرتكبة في البلاد.
وتعد المهلة دليلاً للأجهزة الأمنية السعودية كونها ستسهل من عملية العثور على هويات الأشخاص، إذ أقرت المهلة تنظيماً يرتكز على إعداد قوائم بكل المقيمين في البلاد عبر نظام معلوماتي مرتبط ببصمة العين، واستخراج وثائق رسمية لمن لا يحملون أي إقامات نظامية.
وبدأت المديرية العامة للجوازات في نيسان (أبريل) 2010 في ربط الخدمات التي تقدم للمقيمين النظاميين في البلاد بتطبيق نظام "البصمة" الذي خضع لثلاثة مراحل سابقة منذ البدء في تشغيله 2008، وأكدت الجوازات في حينه أن تطبيق هذه الأنظمة سيحد من الاختراقات الأمنية والمخالفات، وإيقاف الأضرار المرتبطة بالمقيمين أو المواطنين.
وفي منتصف العام الهجري الماضي، بدأت الجوازات في تطبيق نظام الخصائص الحيوية "البصمة" بالنسبة للنساء الوافدات إلى المملكة، تضمن الإصدار الأول للإقامة الجديدة، ونقل الخدمات، وتعديل المهن، وكذلك إصدار بدل فاقد.

#2#

#3#

#4#

وعن انعكاسات تصحيح أوضاع العمالة المخالفة، ذكر مختصين أن تصحيح أوضاع العمالة المخالفة سيقلل من العنف، ما سينعكس إيجابا على خفض معدلات الجريمة، معتبرين أن هذا كله لم يكن ليتحقق في حالة عمل العامل الوافد لدى غير كفيله.
وأشار أساتذة في علم الاجتماع إلى أن الإجراءات التصحيحية تعد سبيلاً للحفاظ على حقوق الطرفين (العامل وصاحب العمل) معتبرين أن العلاقة بين الطرفين ستصبح أكثر أماناً إذ بإمكان أي طرف اللجوء إلى الجهات الرسمية في حال وجود مخالفات، مما سيشعر معه الطرفين بالأمان في حفظ الحقوق.
واعتبر إخصائيو علم الاجتماع أن الانعكاسات ستعيد ترتيب علاقة العامل برب العمل، وتصبح أكثر نظامية ووضوحا مما عليه في السابق، وسيدرك العامل حدود مهنته التي أتى من أجلها ومتطلباتها، وسيدرك العامل حدود أرباحه من تلك المهنة، فلا تنطلق طموحاته دون ضبط، وسيستشعر العامل بالنظام وبقوة نفاذه، مما سيعزز الأمن.
وأرجع الدكتور عبد الله بن أحمد الشعلان أستاذ علم الاجتماع والجريمة بقسم العلوم الاجتماعية في كلية الملك فهد الأمنية، أسباب جرائم العمالة الوافدة، إلى التحاق بعض العمالة بأعمال لدى غير كفلائهم مما يضعف من مراقبتهم ومتابعتهم نظاميا.
وأشار الدكتور محمد بن علي العتيق، الأكاديمي في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية والمختص في الأبحاث الاجتماعية، إلى أن المتأمل في وضع العمالة في السعودية يلاحظ أن غالبية العمالة التي تم منحها تأشيرات للعمل ليست لديها دراية بالمهنة التي جاءوا من أجلها، إضافة إلى عدم حملها مؤهلات علمية حتى على مستوى شهادة المتوسطة أو ما يعادلها، كذلك عدم درايتها بطبيعة العمل ونظام العمل السعودي.
ورأى الدكتور صالح الدبل، أستاذ علم الجريمة المشارك في كلية الملك فهد الأمنية، أن من انعكاسات برنامج التصحيح على تقليص الجريمة تكمن في تحويل هؤلاء المخالفين إلى نظاميين، وتخليصهم من الحرج النظامي والنفسي وتقليل مستوى الخوف لديهم وخفض مستوى الرهاب النفسي والاجتماعي.
وأعاد الدكتور عبد الله الشعلان، أسباب كثرة الجرائم، إلى وجود عمالة منفلتة (غير نظامية) تسعى للكسب المادي السريع وبأي طريقة، فتقوم بارتكاب جرائم السرقة أو بيع المخدرات وتصنيع المسكرات أو إدارة أوكار للرذيلة أو التسول.
وعرج على أن إجراء تصحيح وضع العمالة ستكون له آثار إيجابية في خفض معدلات الجريمة، لافتاً إلى أن ربط العامل بالكفيل وإلزامه بالعمل لديه فقط، من شأنه أن يعزز من الإجراءات الأمنية الخاصة بمتابعة العمالة وسهولة الوصول إليهم، مما يضيق الخناق على العمالة غير النظامية.
وأضاف: "يعد هذا الإجراء حفظا لحقوق الطرفين (العامل وصاحب العمل)، ففي حالة حدوث تقصير من أحد الطرفين يستطيع المتظلم اللجوء إلى الجهات الرسمية لإنصافه، مما سيشعر معه الطرفان بالأمن والأمان في حفظ الحقوق، وهذا سيقلل من فرص الاحتكاك والعنف في حالة الشعور بالظلم، مما ينعكس إيجابيا على خفض معدلات الجريمة، وهذا كله لم يكن ليتحقق في حالة عمل العامل الوافد لدى غير كفيله، حيث لن يلجأ العامل للجهات الرسمية لأخذ حقه في حالة شعوره بالظلم، بل سيلجأ إلى أخذ حقه بيده لأنه يعلم أنه مخالف".
من جهته، ذكر الدكتور محمد العتيق، أن الهدف الأول لهؤلاء هو البحث عن المال وزيادة الدخل فقط بغض النظر عن العمل ومدى شرعيته، مشيراً إلى أن أصحاب المؤسسات والمحال التجارية ليس لديهم معلومات عن نظام العمل وحقوق العمالة.
لافتاً إلى أن هناك من العمالة التي يتم منحها تأشيرات عمل وتأتي إلى السعودية ليس هدفها فقط العمل، بل هناك أهداف أخرى يتم استغلالهم فيها حين وصولهم سواء في الترويج أو نشر الفساد ونحوه، على حد تعبيره.
وأضاف: "من خلال هذه الأمور فإن العمل على تحسين وضع وإجراءات العمالة سيحقق أهدافا كثيرة من أهمها، نشر السمعة للوطن عبر التعامل مع هذه الفئة، ومحاربة انتشار المشاكل الخلقية والترويجية، وإعطاء كل ذي حقه، إضافة إلى التقليص من العمالة التي ليس لها حاجة فعلية، والتخفيف من تحويل الأموال بالطرق غير الشرعية، كذلك الوصول إلى قاعدة معلومات أكثر دقة لمتابعة العمالة ووضعها، والتخفيف من العمالة السائبة في الشوارع".
وفي السياق ذاته، بين الدكتور صالح الدبل، أن وجود أعداد كبيرة من مخالفي أنظمة الإقامة والعمل يعد من الجريمة في حق الوطن، وهو بحق بحاجة إلى معالجة سريعة ومستديمة، لافتاً إلى أن لكل واحد من المخالفين ظروفه الخاصة ووضعه الخاص، ويتمنى أن يجد حلا لمشكلاته المترتبة على وضعه.
واعتبر أن المخالفين يتوقون أيضا إلى تصحيح أوضاعهم، عاداً القرارات الأخيرة جاءت خدمة لهم من ناحية وخدمة للوطن من ناحية أخرى، وقال: "على المخالفين أن يقتنصوا الفرصة ويقدموا الشكر للدولة لهذا البرنامج".
وقال الدكتور الدبل إن تصحيح الأوضاع يعطي كل ذي حق حقه "العمالة المخالفة في الغالب لا تطالب بحقوقها بسبب عدم وجود الإثباتات الرسمية للتعامل مع الجهات المختلفة، ولهذا سيسهل على هؤلاء المطالبة بحقوقهم لدى الآخرين، وسيحسب الآخرون ألف حساب لذلك، وسيقل الاعتداء والاستغلال والتجني على الناس"، لافتاً إلى أن من الانعكاسات الإيجابية عدم الجنوح لأخذ الحق باليد وبدلا من ذلك اللجوء للجهات المسؤولة".
وأضاف: "من المظاهر والجرائم المحتمل أن تتقلص مظاهر التسول المنتشرة، ففي تصحيح الأوضاع يمكن أن تتقلص هذه المظاهر بشكل كبير، كما ستتقلص الجرائم الأخلاقية وخاصة للعاملات وجرائم النصب والاحتيال وانتحال الشخصية للولادة في المستشفيات وقضايا الإجهاض".
وأشار الدكتور البدل إلى أن من القضايا المحتمل تقلصها مسائل السكن العشوائي للعمالة، فسيتمكن هؤلاء العمال من الاستئجار النظامي للمساكن في مواقع سكنية مناسبة، وليس الاندساس بين العمالة في الأحراش والخرائب والصحاري.

الأكثر قراءة