لماذا ؟ المسلسلات التركية ويهود الدونمة
لماذا ؟ المسلسلات التركية ويهود الدونمة
الامر ليس غريبا على معظمنا عندما نتابع بشغف مسلسل او أكثر من تركيا فمنذ خمس سنوات تقريبا دخل على الساحة الدرامية العربية زائر تركي جديد تمثل في المسلسلات التركية وهذه المقدمة لا تعني انني معادية لهذا النوع من الدراما بالعكس انا من اشد المعجبين بمجموعة من الاعمال التركية للجودة في التصوير واتقان الحبكة الدرامية والدقة في اختيار الممثل المناسب لشخصيات القصة( على عكس معظم اعمالنا العربية التي يرجع اختيار الممثلين فيها الى اسباب ليس لها علاقة بالعمل الدرامي المراد تصويره) ، ناهيك عن ابراز الجانب الايجابي في الحضارة التركية ، كل ماتم ذكره على العين والرأس ولا خلاف عليه.
بدأت المشكلة معي في أحد الايام القريبة عندما سألت نفسي سؤال غريبا ، لماذا الان الدراما التركية ؟ سؤال يوحي بنظرية المؤامرة لدى البعض ،ولكن فعلا لازلت اتسأل لماذا في هذا الوقت ؟ الموضوع بحاجة الى ان نعود للتاريخ سريعا منذ حوالي 90 عاما عندما أمر مؤسس الجمهورية التركية الحالية مصطفى كمال اتاتورك الاتراك التخلي عن اللغة العربية وقرر ان تكون كتابة الاتراك للغتهم بحروف لاتينية وليست عربية ، في هذا الوقت كان اغلب الشعب التركي في حالة من الانبهار ببطلهم العظيم اتاتورك! وقال قائل وقتها فالنترك الكعبة للعرب ويكفينا اتاتورك! اذن لماذا تركز الان وسائل الاعلام على العلاقات العربية التركية وتفرد لها صفحات وصفحات ، العلاقات بين الفريقين موجودة منذ زمن ولم تنقطع ولكن لماذا التركيز في الوقت الحاضر على العلاقات الطيبة بين معظم الدول العربية وتركيا ، اذا عدنا بالزمن عشر سنوات او أكثر لما وجدنا ذلك الاعجاب الاعمى والسبب ان الاعلام العربي لم يكن وقتها يركز على تركيا وشعبها فلماذا يركز عليها الان ؟ فالمسلسلات والافلام التركية متوفرة منذ اكثر من ستين عام. فلماذا اصبحت تركيا تمثل للعرب عودة الابن الضال ؟
ربما يكون كلامي اخرق وتافه بالنسبه لمن يقراءه ، فليسمح لي قارئي الكريم بعرض نبذه تاريخية عن جماعة تعيش في تركيا منذ اكثر من 400 عام (النبذه مأخوذه من كتاب حقيقة يهود الدونمة في تركيا لهدى درويش ) قد لا تكون هذه النبذه لها علاقة بما اتحدث عنه عند بعض الناس وقد تعني الكثير والكثير فالحكم لكم.
باختصار يهود الدونمة هي طائفة يهودية دينية ظهرت في مدينة ازمير بتركيا في القرن السادس عشر الميلادي وكلمة دونمة تعني العودة او الردة ، اشتهرت باتخاذها شخصيتين مزدوجتين الشخصية الاسلامية الشكلية والشخصية اليهودية الاصلية ، حيث اعلن مؤسس الطائفة سبتاي زلفي اسلامه خوفا من النخبة الاسلامية السياسية الحاكمة في انذاك ومنذ هذه الفتره والى الوقت الحالي تعيش هذه الطائفة بظاهر اسلامي وباطن يهودي له طقوسه في الخفاء ، سيطرت هذه الفئة في النصف الاخير من القرن التاسع عشر على مناصب مهمة في الدولة العثمانية ( تركيا تحديدا ) كما ان لها دور كبير في انشاء جمعية الاتحاد والترقي بزعامة اتاتورك ، بالاضافة لسيطرتها على الاقتصاد والاعلام وهذا الحقل الاخير كانت السيطرة عليه كبيرة جدا بدايه بالصحف التركية ومن اهمها جريدة( حريت ) و وصولا الى اشهر واهم القنوات التركية ، ولازالت هذه الفئة تتحكم في حصة كبيرة من تركيا.
ربما ما اتحدث عنه ضربا من الخيال وربما يكون حقيقة لها ابعاد اجتماعية وسياسية واقتصادية! فرضية تحتمل الصواب والخطأ.