وظل الماء شحيحا

وظل الماء شحيحا

وظل الماء شحيحا

عرف الساكن الأول بوفرة الماء عند الساكن البعيد وإعطائه لمن حوله، فطلب أن يكلمه في شح الماء عن الباقين، فارسل إليه الساكن البعيد أن الساكن الثاني يخرج من عنده عويل لا ينبغي السكوت عنه. ضج الجميع وشكوا الساكن الثاني الى المحكمة وانشغلوا سنينا.
لمح الساكن الثالث انابيب الماء تمتد من باب الساكن البعيد لمن بجانبه فمشى ليسأله فظهر له أحد اقرباء الساكن البعيد وأدخله عنده وضيفه وأبلغه بأن الساكن الرابع يخرج من عنده نتن لا ينبغي السكوت عنها. ضج الجميع وشكوا الساكن الرابع الى المحكمة وانشغلوا سنينا.

رأى الساكن الخامس أن الساكن البعيد ومن معه لا يشتكون قلة الماء وهو ينسكب أمام أبوابهم وعلى سياراتهم فعزم أن يتحرى الأمر فاذا بخارج من جهة الساكن البعيد يعلق ورقة في لوحة الاعلانات مكتوب فيها ان نارا عند الساكن السادس تبعث سخاما لا ينبغي السكوت عنه. ضج الجميع وشكوا الساكن السادس الى المحكمة وانشغلوا سنينا.

خرج الساكن السابع ليلة يمشي حائرا ضائقا فوصل موضعا مزويا خلف المكان ورأى طرف أنبوب كبير يدخل شقة الساكن البعيد نازلا من السطح، فصعد يتتبعه ووجد خزانا عامرا بالماء لا يظهر من بعيد إلا كأنه سور سطح فارغ، ولما اقترب منه رأى الساكن البعيد يضيف في الظلام أنابيبا جديدة توصل الماء من الخزان له ولمن حوله. لم ينم الساكن السابع في بيته ليلتها. ومرت الايام وصارت سرقة الماء أمرا مالوفا وضج الجميع وتخاصموا الى المحكمة وانشغلوا سنينا.

ظهر الساكن البعيد مرة ينادي مبتسما مشيرا إلى انبوب ماء صغير جديد يصل إلى حيث يستقي منه المحرومون، معلنا أنه مده لينهي البلاء الذي هم فيه. شكروه كثيرا وقدموا له الهدايا قبل أن يختفي عنهم، ثم تزاحموا على الانبوب وتدافعوا وتسابّوا، ثم اختلفوا ووصلوا الى المحكمة وانشغلوا وانتقلت خصومتهم الى ذرياتهم.

استمر الصوت والرائحة والسخام، وظل الماء شحيحا.

الأكثر قراءة