البحر بيضحك علينا ليه ؟

الواجهة البحرية المطلة عليها مدينة جدة حينما نراها من الجو ونحن في الطائرة أثناء اقلاعنا أو هبوطنا لمطار الملك عبد العزيز تبدو كبيرة (جدا جدا جدا) ولكن ما أن نهبط علي الأرض ونسير علي الكورنيش إلا وتختفي هذه الواجهة قبل ان نتوصل لحل هذا اللغز ونعرف أن ذلك كان خداع بصري و أنها علي ارض الواقع صغيرة (جدا جدا جدا ) بل قد نعتبرها غير موجودة مقارنة بما رأيناه في الجو ، ونترك للعلماء والمختصين دراسة هذه الظاهرة خصوصا وأن الارتفاع من الجو كان منخفضا(جدا جدا جدا) ، وهذا يفسر ظاهرة حرص المسافرين القادمين الي جدة عبر الجو علي حجز مقاعدهم علي الطائرة بجوار النافذة لكي يستطيعوا رؤية البحر الاحمر ولو لمرة واحدة قبل عودتهم الي ديارهم ترافقهم السلامة وذلك لصعوبة تحقيق ذلك من علي الأرض .
لكن وعلي الرغم من صغر الواجهة البحرية المطلة عليها مدينة جدة علي الأرض مقارنة بما نراه في السماء فان رائحة ونسيم هواء البحر العليل يصل الينا ، نستنشقه دون أن نري البحر علي الأرض يخيل الينا من شدة نسيمه العليل أنه قريب (جدا جدا جدا ) ينادينا ونتحاور معه ويضحك ونسمع قهقهته والتي أتضح فيما بعد أنها كان بسبب عدم قدرتنا علي الوصول اليه كونه كان بالفعل قريب (جدا جدا جدا) ونحن لا نعلم ، وعدم القدرة للوصول للواجهة البحرية لمدينة جدة ليس بسبب الكثافة المرورية ولكن بسبب الكثافة البنائية التي انشئت في السابق وحالت بين البحر ومرتاديه بعد ان تم ردم مساحات كبيرة من الواجهة البحرية ومن ثم تخطيطها وتوزيعها علي الأفراد والسماح لهم بالبناء عليها دون اكتراث بالبقية الذين كانوا ضحية هذا (التخبيص).
مما تسبب في عزلة البحر عن المناطق الأخرى المجاورة وترتب عليه (الفرقة والهجر) بين البحر وعروسته جدة (البعيد عن العين بعيد عن القلب) فأصبحت غالبية الواجهة البحرية محاطة بأسوار وليت أصحابها استمتعوا بالبحر ونسيمه وقدروا جيرته بزيارتهم المستمرة للكبائن والاستراحات والدور التي أنشئوها علي شاطئه الا أن معظمها في الغالب تكون مغلقة وان زاروها فان ذلك من النادر (جدا جدا جدا ) وإذا صادفت أي شخص في هذه المناطق الجميلة الساحرة المطلة علي البحر فهو ممن يعملون فيها من سائقين وبوابين وهم في واقع الأمر محظوظين (جدا جدا جدا )، أعتقد أنكم بعد ذلك لستم بحاجة الي معرفة السبب الذي جعل البحر يضحك علينا وأزيدكم من الشعر بيت وضحكته كانت بصوت عالي (جدا جدا جدا) لدرجة ان الاخوه في (صعيد مصر) سمعوها بل وكدنا أن نتسبب في مشكلة بينهم وبين البحر، إلا أن الامور عادت لوضعها الطبيعي بعد ان حاول الشيطان أن يوقع بينهم وبين البحر وتخيلوا أن البحر (عينه طويلة) ويبصبص علي البنت كما قال الشاعر على لسان احدي الفتيات (البحر بيضحك ليه وأنا نازله أدلع املا القلل)