ضرورة تفعيل أدوات الرقابة المالية وإجراءات المراجعة والتدقيق لضمان جودة وكفاءة تنفيذ الميزانية العامة

ضرورة تفعيل أدوات الرقابة المالية وإجراءات المراجعة والتدقيق لضمان جودة وكفاءة تنفيذ الميزانية العامة

ليس سرا أننا في المملكة كغيرنا من دول العالم نعتمد على الإنفاق الحكومي بنسبة كبيرة وأنه المحرك الأكبر للنشاط المالي والاقتصادي رغم التوجه الدائم نحو تقليل الاعتماد وتفعيل دور القطاع الخاص ليأخذ فرصته ودوره المناسب بالمساهمة في تنمية الاقتصاد الوطني.
وعليه، فإن الهدف يبقى دائما بالعمل على تطوير الإدارة المالية للدولة والاستفادة من تجارب الدول وكذلك المجتمعات المتقدمة وذلك باستمرار استعراض ودراسة تجارب تلك الدول وكذلك العمل على الاستفادة من مراكز البحوث ودور الخبرة الأكاديمية والمهنية المتخصصة في هذا المجال ويدخل في ذلك الرقابة على الأداء ومكافحة الغش والفساد وتكوين الاحتياطيات وتنويع مصادر الدخل وتشجيع الاعتماد على القطاع الخاص وإشراكه في إدارة وامتلاك ما أمكن من مشاريع ومؤسسات حكومية وتحقيق الشفافية، والإفصاح عن جميع العناصر السابقة له أهمية كبرى، ومن الضروري أن يكون قد تم أخذها في الاعتبار عند إعداد ميزانية الدولة وضمن أهدافها، وكما هو معلوم أن الموارد المالية للدولة والاعتمادات المقدرة للميزانية تظل محدودة مهما بلغت مقارنة بضخامة متطلبات التنمية وتحقيق الرخاء للمجتمع، وهذا ما يستوجب دائما الحرص على استخدام هذه الموارد بكفاءة عالية وأن تتم دراسة جميع المشاريع والخطط والبدائل والآثار المتوقعة بالعناية اللازمة لكي تحقق النتائج بأقل تكلفة ممكنة، وكما هو معلوم فإن النجاح لم يكن في يوم من الأيام بقوة الصرف بغير حساب حتى وإن تحققت الأهداف فالعبرة دائما عند المقارنة بين المكتسبات المتحققة والتكاليف لأي برنامج، وهنا يأتي دور الرقابة المالية المبنية على المعلومات والإحصاءات ووضع الوسائل الجيدة لقياس النتائج وكل ذلك يجعل من الرقابة المالية وسيلة دافعة للنمو وأداة حفظ وصيانة للمال العام.
وإذا كان إعداد الميزانية العامة للدولة وتنفيذها يقع ضمن اختصاصات السلطة التنفيذية وكان الهدف التقليدي للميزانية العامة هو تحقيق الرقابة المالية على الأموال العامة وتوجيهها التوجه الصحيح لتحقيق الأهداف الحقيقية للتنمية فإن فاعلية الميزانية العامة في تحقيق هذه الأهداف تعتمد بشكل كبير على ما تملكه المجالس التشريعية والرقابية من صلاحيات في تحديد توجهاتها ومراقبة تنفيذها وعلى قدرتها في الاستخدام الأمثل لأدوات الرقابة المالية، فالميزانية العامة تحتل مكانة مهمة في ظل أي نظام اقتصادي وتؤدي وظيفية مهمة باعتبارها الوسيلة الأساسية لتحريك عجلة النشاط الاقتصادي وتوجيه مسارات مختلف قطاعاته وأنشطته كما أنها الأداة الرئيسية لتمويل برامج وقطاعات التنمية الاجتماعية وتوفر متطلبات الأمن والاستقرار السياسي والاجتماعي. والميزانية العامة تعتبر بحق مرآة حقيقية تعكس واقع النظام الاقتصادي.
لذا فإن التوسع في أدوات الرقابة المالية وتفعيل أجهزتها وتطوير النظم المحاسبية وإجراءات المراجعة والتدقيق وتعزيز آليات المساءلة والمحاسبة هي ضرورات لا بد منها لضمان جودة وكفاءة تنفيذ الميزانية العامة وحسن استخدام الموارد المالية وترشيد الإنفاق، وفي الختام لا يفوتني الإشارة إلى أن الرقابة والترشيد لا يعنيان إعاقة التنمية بل قد يسهمان في تحقيق الاستخدام الأمثل لموارد الدولة تحقيقا للرفاه وزيادة العطاء وحماية لمكتسبات المجتمع.
والله الموفق

الأكثر قراءة