الراقصون مع الذئاب

الراقصون مع الذئاب

ُُُربما أتى كلامي هذا متأخراً جداً .... فما عساي أن أقول بعد ُقرابة عامٍ ونصف من المحنة التي ُابتلي بها اخواننا السوريون ؟!!
لقد أغمضنا أعيننا عن رؤية الحقيقة وأغلقنا أذاننا عن سماع صوت الحق ونداء الواجب.. لم تؤثر فينا صرخات المكلومين وآهات الموجوعين وأعناق الأطفال المنحورين ودماء الشباب العزل في الشوارع والميادين.
أعرضنا عن كل ذلك وركنا إلى ُدنيانا بصخبها وملذاتها وتكالبنا عليها .. تراقصنا مع الراقصين وغنينا مع المغنين وبثت قنواتنا جميع أنواع المجون والفساد المشين ..!!!
وكأن المسلمين في تلك الدولة التي اسمها "سوريا" لا ينتمون لنا بشئ .. إنها فقط مشاهد تمثيلية كالتي تعودنا عليها في قنوات الآكشن التي صارت بمسميات عربية !!
استعدينا لرمضان شهر الطاعة والعبادة بتجهيز الموائد والمخازن التموينية وبانتاج ٍ ضخمٍ من المسلسلات الهابطة !! ولم نكلف أنفسنا عناء السؤال عن اخواننا المنكوبين وماذا يحتاجون ؟؟
ُقرابة عامٍ ونصف وهم ُيمتحنون في دينهم .. ويبذلون في سبيل هذا الدين أغلى ما يملكون ... دمائهم وأموالهم وبيوتهم ..
لقد داس ذئاب بشار على أجسادهم وجثامينهم ورقصوا عليها فرحين ظانين أنهم كسروا فيهم حب الله ورسوله .. ولكن .. هيهات .. هيهات لقلوبٍ صدقت مع الله أن ُتهزم أو تيأس ..
ونحنُ ...... ماذا قدمنا لهم ؟؟؟؟؟
أنا لا أنكرُ أن الغيورين من أبناء الأمة تغلي دمائهم وقلوبهم حرقةً على اخوانهم ويتمنون ُنصرتهم لكنهم لم يجدوا إلى ذلك سبيلا ... ومع ذلك فقد بذلوا محاولات .... لكنها ولدت ضعيفة فلم تصل نهاية الطريق .
إن أقل ما يمكننا فعله الآن أن نترك الألم ليحرك ضمائرنا الساكنة علها تستفيق من سباتها وتنفضُ عنها حب الدنيا الذي ُألبسته سنين عديدة .... ولا نكن كالذئاب الراقصة على أشلاء الموتى وأنهار الدماء ...

وختاماً أتركُ لكم أبياتاً ( بتصرف ) من قصيدة
-الراقصون مع الذئاب على الدماء-
للشاعر العراقي ( خليل البابلي ) والتي صورت المشهد العربي أروع تصوير ..

الراقصون مع الذئاب على الدماء
ما بين غزة والعراق
النفطُ والكرسي قد صنعوا البلاء
صنعوا الهزائم والفواجع والضياع
غربٌ وأمريكا ... التوابعُ واليهود
ومكائدُ الفرسِ المقنعة بالنفاق
وعمائم الحقد المجوسي المستديم
حوزات تجهيل الرعاع
فما المزيد ؟؟؟؟؟
لكمُ القصور والمال والسلطان والعيش الرغيد
ولنا مضارعة الجحيم .. ولنا الإباء
ولنا الكرامةُ بالشهادة من سماء
هانحن نختارُ الممات بكبرياء
الملكُ في الدنيا يلازمه الزوال
فخذوا لدنيا...
ما استطاب لكم سقطُ المتاع
الراقصون مع الذئاب على الدماء