حملة مصرفية للحد من جرائم الاحتيال المالي
أطلقت المصارف السعودية حملتها التوعوية الرابعة بعمليات الاحتيال المالي والمصرفي وسبل الوقاية منها يوم السبت الماضي الموافق التاسع من حزيران (يونيو) من العام الجاري، التي تزامن إطلاقها مع بداية موسم الإجازة الصيفية، الذي عادة ما يشهد حراكاً مجتمعياً غير عادي ونمواً متزايداً في الطلب على السفر والسياحة في الداخل والخارج، مقارنة بمواسم الأعوام الأخرى، ويصاحب ذلك على خطٍ موازٍ نمو وإقبال كبير من قبل عملاء المصارف على استخدام القنوات المصرفية الإلكترونية المختلفة، بما في ذلك البطاقات المصرفية والائتمانية.
بهدف الحد من انتشار جرائم الاحتيال المالي والمصرفي في السعودية، تُطلق المصارف السعودية في كل عام، وبالتحديد في مثل هذا الوقت، حملة توعوية عامة على مستوى المملكة، تستهدف من خلالها توعية عملاء المصارف وغيرهم من أفراد المجتمع، بنماذج وأساليب الاحتيال المالي والمصرفي وسبل الوقاية منها، لدى استخدامهم للقنوات المصرفية الإلكترونية في تنفيذ عملياتهم المصرفية المختلفة، أو أثناء استخدامهم لبطاقاتهم المصرفية والائتمانية في دفع قيمة مشترياتهم من السلع والخدمات.
لعل ما يميز حملة التوعية المصرفية هذا العام، التي أطلقتها المصارف السعودية مقارنة بسابقاتها من حملات التوعية، أنها توسعت بشكل كبير في استخدام الأدوات والوسائل والتطبيقات التوعوية، لتضمن إيصال رسائل التوعية إلى أكبر شريحة ممكنة من عملاء المصارف وغيرهم، كما أن الرسائل التي تضمنتها الحملة لهذا العام، صممت بعناية فائقة لتخاطب شرائح مختلفة ومتعددة من فئات المجتمع، حيث، على سبيل المثال، خصصت رسائل لتوعية كبار السن بالاستخدامات الآمنة والسليمة للقنوات المصرفية الإلكترونية المختلفة، إضافة إلى تحذيرهم بعدم قبول المساعدة من الآخرين أو الغرباء لدى استخدامهم لأجهزة الصراف الآلي، الذين عادة ما يتربصون بكبار السن بهدف استغلالهم في تنفيذ عملياتهم الاحتيالية المختلفة.
كما تضمنت حملة هذا العام رسائل توعوية حذرت من الرسائل النصية والإلكترونية، التي تزعم الفوز بجائزة عينية أو تعد بمبالغ مالية، كما شددت رسائل التوعية، على ضرورة تجاهل مثل تلك الرسائل، وعدم التجاوب معها وحذفها على الفور من الجوال أو من البريد الإلكتروني، لكونها تنطوي على شتى أنواع الاحتيال والنصب المالي والمصرفي، إضافة إلى كونها قد تستدرج ضحاياها للإيقاع بهم في عمليات ابتزاز مالي وعمليات غسل أو تبييض للأموال دون علمهم.
من بين رسائل التوعية المهمة، التي تضمنتها حملة المصارف السعودية هذا العام أيضاً، رسالة تطلب من عملاء البنوك تجاهل الإعلانات عن تسديد المديونيات ومنح القروض وتمويل المشاريع الصادرة عن جهات غير نظامية وغير مرخص لها بمزاولة الأعمال المصرفية بموجب المادة الثانية من نظام مراقبة المصارف، التي حددت الأشخاص المرخص لهم بموجب النظام بمزاولة الأعمال المصرفية.
كما خصصت هذه الحملة رسائل موجهة لرجال الأعمال من التجار، حذرت من خلالها من أنماط وأساليب احتيال تجاري مختلفة، وسبل الوقاية منها التي في الغالب ما يتعرض إليها التجار لدى عقدهم لصفقات تجارية سواء في الداخل أو في الخارج مع جهات تجارية غير نظامية وغير مرخص لها.
هذه الجرعات المكثفة من رسائل التوعية، التي تطلقها المصارف السعودية في كل عام لعملائها وتمتد لغيرهم، تستهدف في المقام الأول تبصير عملاء المصارف وتوعيتهم بنماذج وأنماط عمليات الاحتيال المالي والمصرفي، وما يستجد منها، إضافة إلى توعيتهم بأضرارها وسلبياتها المادية، ولكن لعل الأهم من هذا وذاك، استهداف توعيتهم بكيفية التصرف السليم حيالها، وبالذات في حالة الوقوع ضحية لها. كما تستهدف تلك الحملات، توعية عملاء البنوك بالأساليب وبالأسس السليمة والآمنة لاستخدام القنوات المصرفية الإلكترونية كالهاتف المصرفي، وأجهزة الصرّاف الآلي، والإنترنت البنكي، والبطاقات الائتمانية والمصرفية على أنواعها، لحمايتهم من محاولات التحايل المالي والمصرفي، التي عادة ما يتخذها المحتالون مدخلاً حيوياً لتنفيذ عملياتهم الاحتيالية الخبيثة، خاصة في ظل ما تشهده تلك الأدوات من معدلات استخدام مضاعفة خلال مواسم الإجازات وخاصة الإجازة الصيفية، نظراً لتزايد العمليات المالية والمصرفية التي تتطلبها مقتضيات السفر والإجازة.
ولكن وعلى الرغم من تزايد وتيرة عمليات الاحتيال المالي والمصرفي على مستوى العالم، نتيجة للتطور المذهل الذي طرأ على التقنية البنكية، والقدرة الهائلة على تحويل الأموال بين دول العالم في وقت قصر للغاية، إلا أن الخبراء يجمعون على أن العميل هو طوق النجاة من عمليات الاحتيال، باعتباره يمكن أن يشكل حجر عثرة أمام تنفيذ عمليات الاحتيال المختلفة، من خلال حرصه الشديد على معلوماته الشخصية وبياناته البنكية وحمايتها من أن تكون عرضة للسرقة أو الاستغلال، بما في ذلك سوء الاستخدام من قبل الآخرين. كما أنه، على الرغم من الازدياد الملحوظ على مستوى العالم في أعداد عمليات الاحتيال المالي والمصرفي، حيث تشير المعلومات إلى أن نحو 540 مليون شخص على مستوى العالم قد تعرضوا لعمليات احتيال خلال العام الماضي، إلا أنه لا تزال نسبة الاعتماد على القنوات المصرفية الإلكترونية في ازدياد مطرد عاماً عن آخر من قبل عملاء المصارف، سواء كان ذلك على المستوى المحلي أو الدولي، لكون أن تلك القنوات توفر مظلة متكاملة من المزايا والفوائد والخصائص، التي تعود على مستخدميها بقيمة مضافة لا تعترف بحدود الزمان أو المكان، وخاصة من حيث السرعة والدقة الفائقة في الإنجاز، والسهولة في الاستخدام وتوفير الجهد والوقت، فضلاً عما توفره تلك القنوات من حماية ودرجات عالية من الأمان لمستخدميها، نتيجة لتعزيزها من قبل المصارف دورياً بأجيالٍ مبتكرة من أنظمة أمن المعلومات لمواجهة أي أخطار ناشئة أو محتملة، إلا أن ذلك بطبيعة الحال، لا ينفي أهمية حرص العميل على معلوماته الشخصية وبياناته البنكية وتوفير الحماية الذاتية لها، بهدف عدم سرقتها واستغلالها من قبل الآخرين، ليضمن بذلك سلامته وسلامة أمواله ومدخراته وتجنيب استخدامها في تنفيذ عمليات احتيال ونصب مالي ومصرفي، لا قدر الله.