نفتقدك في رمضان
30 عاماً قضاها إماماً وخطيباً في المسجد الحرام ليصدر الأمر الملكي بتعيينه رئيساً عاماً لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي برتبة وزير، لم يتمالك فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس نفسه وهو يجلس على كرسي المسؤولية يخاطب منسوبي الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي حول عظم المسؤولية التي تحملها حتى اغرورقت عيناه وأجهش بالبكاء، تكرر ذلك أكثر من مرة أثناء الحديث وقال إنه ''جاء يحمل مشروعاً إسلامياً رائداً، وهو مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير رسالة الحرمين الشريفين''، وبهذا الصدد قال فضيلته ''سأنزل للميدان وأتفقد كل شيء - إن شاء الله - بشفافية وتعاون مع الجميع، وسيتم تشكيل مجلس أعلى استشاري ووكالة للتطوير والإبداع والتميز وأن الأولوية في العمل ستكون للدراسات والشراكات''، وحث منسوبي الرئاسة قائلاً: ''أوصيكم وأوصي نفسي بالإخلاص لله - عز وجل - والتضرع بين يديه بأن يعيننا ويجعل عملنا خالصاً وأن يعيذنا من الرياء والسمعة، والمسؤول خادم وهي سياسة ولاة أمرنا - حفظهم الله''.
ومضى قائلاً: ''ألتمس من جميع إخواني المسلمين ألا يبخلوا علينا بدعوة صالحة ومشورة ورأي سديد لتطوير الخدمات في الحرمين الشريفين''.
هذه العبارة تحديداً هي ما جعلتني أتفاعل مع الموضوع كوني مسلماً بفضل الله وتنطبق عليّ الشروط فلذلك لن أبخل بالنصيحة والمشورة حسب طلب فضيلته، خصوصاً أننا سنفتقد تلاوته وبكاءه في صلاة التراويح، حيث التفرغ حتما لإدارة الرئاسة العامة لشؤون الحرمين التي تتولى بجانب إدارة الحرمين الشريفين وخدمة الزائرين وتسهيل أداء شعائرهم وتذليل الصعوبات أمامهم، تتولى مهاما عديدة منها الإشراف على الإدارات المتعلقة بالحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، كالإدارات الدينية والفنية والخدمية والإدارية وإدارات أخرى تتبع الرئاسة وهي معهد الحرم المكي وفروعه في المدينة المنورة، ومكتبة الحرم الشريف ومكتبة المسجد النبوي، ومصنع كسوة الكعبة المشرفة، ومعرض عمارة الحرمين الشريفين، لذلك بات من الضروري أمام هذه التغييرات أن يضع فضيلته آليات جديدة ومعايير واضحة في اختيار أئمة وخطباء ومؤذني الحرمين وأسلوب وطريقة تعيينهم وتحديد عددهم، خصوصا أن فضيلته سيكون بعيدا عن الإمامة للأسباب السابقة، فالتركيز على منطقة معينة ومدرسة واحدة يفقدنا التنوع في التلاوة وقراءة القرآن بأكثر من طريقة، ويحرمنا من الاستمتاع بالمقامات التي تتميز بها كل منطقة، وطبقات الصوت المختلفة عند كل قارئ، كما أن تعيين أعداد كبيرة ليس له ما يبرره، خمسة من الأئمة المختارين بعناية ودقة لأداء صلاة الفرض طوال العام، وتشريف آخرين في شهر رمضان فقط لصلاة النافلة شريطة تداول الوتر والقنوط بينهم دون أن يستأثر بها أحد وإن كنت مع الرأي الذي يرى أن تقام صلاة النافلة (التراويح وقيام الليل) في المساجد المحيطة خارج الحرم (الحرم المكي على وجه الخصوص) وهي كثر لإعطاء فرصة وفسحة للزائرين والمعتمرين.