قانون حماية المستهلك في الإمارات يستحق التقدير

<a href="mailto:[email protected] ">[email protected] </a>

يتضمن قانون حماية المستهلك الذي صدر في الإمارات في نهاية شهر آب (أغسطس) الماضي العديد من المزايا الإيجابية. يشمل القانون الاتحادي رقم 24 لعام 2006 على 24 مادة, ويهدف إلى منح المستهلك بعض الحقوق الأساسية, فضلا عن محاربة ظاهرة التضخم. كما يأمل القانون القضاء على بعض الممارسات الاحتكارية ومعاقبة الشركات التي تنتهك حقوق المستهلك.
ينص القانون الجديد على تأسيس إدارة حماية المستهلك ضمن وزارة الاقتصاد, حسب نص القانون ستتولى الإدارة "مهمة الإشراف على السياسة العامة لحماية المستهلك ومراقبة حركة الأسعار والعمل على تحقيق المنافسة الشريفة والعمل مع الجهات المعنية في نشر الوعي الاستهلاكي حول السلع والخدمات وتعريف المستهلكين بحقوقهم وطرق المطالبة بها".
مواجهة التضخم
ويبدو جليا أن الحكومة الاتحادية قررت مراقبة حركة الأسعار, وذلك على خلفية التقارير التي تتحدث عن تسجيل زيادة نوعية في التضخم في مختلف مناطق الإمارات. حقيقة القول لا يعرف على وجه الدقة مستويات الغلاء في الإمارات لكن أغلب التقارير أنها مرتفعة في كل الأحوال, وربما تبلغ نحو 10 في المائة. ويعتقد أن السبب الرئيسي لهذا التطور السلبي يعود إلى الارتفاع الجنوني لأسعار العقارات وعلى الخصوص في إمارة دبي. وكدليل مادي على صعوبة المعيشة, رشحت تقارير قيام بعض الأجانب بإرسال أهاليهم إلى بلدانهم, وبالتالي المشاركة في تكاليف تأجير السكن لغرض توفير المال. وللتوضيح لا أحد يتكلم عن إمكان القضاء على التضخم جملة وتفصيلا, بل المطلوب احتواء هذه الظاهرة السلبية عند تطبيق القانون الجديد. فوجود نوع من التضخم أمر واقعي في ضوء توافر السيولة في المنطقة, الذي يصدم بواقع مر مفاده محدوديه الفرص الاستثمارية.
أسعار ظاهرة
يؤكد القانون ضرورة قيام المؤسسات التجارية بتدوين الأسعار على السلع بشكل ظاهر. لا شك أن سعر الشراء يعتبر متغيرا رئيسيا للمستهلك عند اتخاذه قرار الشراء. وعلى هذا الأساس من حق المشتري أن يعرف قيمة السلعة قبل اتخاذ قرار الشراء. بمعنى آخر, المطلوب من المؤسسات التجارية التأكد من عدم وجود التباس لدى المستهلك بخصوص السعر. الصواب هو أن يتم وضع قيمة الشراء على كل السلع دون استثناء لضمان حصول الزبائن على المعلومات الصحيحة في كل الظروف, إذ إن من الممكن تحرك السلع عن أماكنها الأصلية في بعض الأوقات لعدة أسباب منها تصرفات غير مسؤولة من قبل بعض الزبائن.
كما يؤكد القانون عدم "تقديم أو الترويج أو الإعلان عن أي سلع أو خدمات تكون مغشوشة أو فاسدة أو مضللة بحيث تلحق الضرر بمصلحة المستهلك أو صحته عند الاستعمال العادي." كذلك نرى صواب هذا التوجه, وذلك في ظل اشتداد حمّى المنافسة التجارية في الإمارات. وعلى هذا الأساس لا يحق للمؤسسات أن تزعم عن أمور غير مسنودة بأدلة قطعية. وهذا ينطبق على الشركات التي تبيع بعض الكماليات حيث تتم دغدغة مشاعر المستهلكين بإمكان حصولهم على مزايا مميزة عن الاستخدام. على سبيل المثال, ينطبق هذا الأمر بالضرورة على الشركات التي تروج لاستخدام أنواع من الكريمات فيما يخص زرع الشعر.
خط ساخن
كما يشير القانون إلى إنشاء خط ساخن في وزارة الاقتصاد لتقبل شكاوى المستهلكين. ويفهم من ذلك أن الوزارة ستحافظ على سرية أسماء المتصلين. بل يوجد تأكيد على ضرورة تعامل وزارة الاقتصاد بشكل فاعل وسريع بعد ورود المكالمات. بدورنا نرى صواب هذا التوجه لأنه سيشجع بعض المستهلكين على تقديم الشكاوى ضد المؤسسات التي تعمل على استغلالهم بطريقة أو أخرى. خلافا لما هو عليه في بعض الدول الغربية مثل الولايات المتحدة, ليس من المشهور في دول الخليج أن يتقدم المستهلك بشكاوى عند حصوله على معاملة سيئة, بل إن كل ما في الأمر مقاطعة المستهلك تلك المؤسسة أو التقول عليها لدى المقربين.
معاقبة المخالفين
من جهة أخرى, يلاحظ وجود أسنان في القانون لمعاقبة المخالفين والمستهزئين بحقوق المستهلك. فهناك عقوبة مادية تبلغ ألف درهم في حال انتهاك مواد القانون. بيد أن العقوبة المادية ترتفع عشرة أضعاف إلى عشرة آلاف درهم في حال فشل المؤسسة التجارية في إخطار المستهلك بوجود خطر عند استخدام السلعة أو الخدمة. بدورنا نرى ضرورة وجود نوع من العقوبة المادية كنوع من الردع للمؤسسات التجارية التي لا تحترم المتعاملين معها.
حقيقة القول باتت مسألة التضخم في الإمارات (وعلى الخصوص أسعار الغرف الفندقية) مصدر قلق للزائرين, ربما يتمكن القانون الجديد من وضع حد لهذه الظاهرة غير الصحية. كما نأمل أن ينجح القانون الجديد في الإمارات في نشر ثقافة جديدة, وتحديدا عدم سكوت المستهلك في حال حصوله على معاملة غير لائقة أو خطيرة مثل انتهاء تاريخ صلاحية السلعة. ختاما المطلوب من السلطات تحديد تاريخ لدخول الإجراءات حيز التنفيذ, كما نأمل قيام السلطات في الدول الأخرى في المنطقة باستصدار قوانين تضمن حقوق المستهلكين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي