حواسيب متطورة: تجربتي مع الحواسيب 1/2

<a href="mailto:[email protected]">Prof.awad@alasmari.com</a>

العلماء في الفترة الحالية مزجوا فيما بين سرعة الحواسيب وصغر حجمها والقدرة الهائلة على التخزين وسهولة التنقل والحركة. وقد استطاع العلماء أن يصنعوا في الفترة الحالية حواسيب جيبيه في حجم أقلام الحبر أكثر سرعة وسعة تخزين من الحواسيب الشخصية الحالية تستطيع حملها في جيبك واستعمالها في كل زمان ومكان، ولكي نقدر هذا التطور المذهل في عالم الحواسيب, دعوني أعطيكم جزءا من تجربتي المحدودة مع الحواسيب خلال الخمسة والعشرين سنة الماضية.
الحواسيب مرت بمراحل تطور هائلة خلال العقود الماضية وتزايد سريع جدا فيما يخص سرعة المعالج وسعة التخزين والمعالجة الرقمية للمعطيات. عندما كنت طالبا في كلية الهندسة لا يوجد هناك حواسيب شخصية وذلك عام 1400هـ. كنا نعمل بعض البرامج البسيطة جداً وباستخدام لغة الفورتران على حاسوب كلية الهندسة المركزي Main Frame الذي يكاد يكون الحاسوب الوحيد في حينه. معرفة كثير من الناس بالحواسيب في تلك المدة كانت محدودة جدا تكاد تكون كمعرفتنا حالياً بحقيقة الصحون الطائرة.
كنا لا نستطيع إدخال المعطيات أو الأوامر مباشرة كما هو الحال مع الحواسيب الحالية. تدخل المعلومات عن طريق بطاقات "كروت" بعد تخريمها باستخدام آلة خاصة بذلك. كل بطاقة يكتب عليها سطر أو أمر واحد، فعلى سبيل المثال: عندما تريد كتابة مائة سطر فإنك تحتاج إلى مائة بطاقة. بعد ذلك توضع هذه البطاقات بداخل آلة لقراءة وتحويلها إلى نص, ومن ثم يبدأ الحاسب عملية المعالجة. عندما يكون هناك خطأ في البرنامج نعيد العملية بأكملها, ابتداء من عملية تخريم الكروت وترتيبها وإعادة إدخالها ومعالجتها من جديد. وتأخذ هذه العملية ـ إدخال الكروت والحصول على النتيجة - من أربع إلى ست ساعات, وقد تأخذ في بعض الأحيان من يوم إلى يومين، فقط من أجل الحصول على نتيجة بسيطة. إضافة إلى حجم الكمبيوتر الكبير جدا, فقد تحتاج إلى غرفة بكاملها لاستيعاب وحدة معالجة واحدة. ورغم كبر حجم هذه الحواسيب, إلا أنها بطيئة جدا وذات سعات تخزين محدودة يصعب التعامل معها. لكي نتمكن من العمل على هذا الحاسب لا بد من الحجز وبفترة طويلة قبل بدء العمل.
بعد تخرجي ذهبت إلى أمريكا وفي عام 1996 حصلت على أول كمبيوتر شخصي يسمى بالإكس تي PC XT يعتمد على برنامج الدوس DOS، كان أيضا محدودة السرعة والتخزين.
عندما عدت من أمريكا عام 1992, اشتريت كمبيوترا جديدا قد يكون في حينه قبل البنتيوم كلفني نحو سبعة آلاف دولار. كذلك اشتريت كرت يعرف بجالب الصور Image Graber، كان سعره نحو 11 ألف دولار. كلفني الجهاز بالكامل ما يعادل 18 ألف دولار نحو (67 ألف ريال سعودي). حاولت استخدام حاسب كلية الهندسة الرئيسي Main Frame لكي أنفذ بعض البرامج, ولكنني وجدت أنه لا يمكن تشغيلها عليه لأنه محدود الذاكرة والسرعة, حيث إنني كنت أعمل على إشارات الفيديو ثلاثية الأبعاد 3-D video signals. كذلك الجهاز الذي كلفني أكثر من 70 ألف ريال لا يمكن العمل عليه.
الحاجة أم الاختراع
البرنامج الذي أريد تشغيله يتكون من أكثر من ثلاثة آلاف سطر ويحتاج إلى وحدة تخزين RAM عالية جدا، مما اضطرني إلى تقسيم البرنامج وبطريقة لا تؤثر على المخرجات الأساسية للبرنامج، بل صممت طريقة جديدة تمكنني (في حينه) من تشغيل البرامج الكبيرة على الحواسيب الشخصية باستخدام مبدأ المعالجة المتوازية parallel processing وترميز الطيف الجزئي subband coding. نشرت نتائج هذا البحث في عدد من المجلات المحلية والعالمية حيث إنها طريقة جديدة لمعالجة الصور الرقمية باستخدام الحواسيب الشخصية، بل استطعنا تطوير هذه الطريقة ليمكن استخدامها مع الجوالات والحواسيب المحمولة. وقد حصلت بعض أوراقي العلمية على جائزة أحد المؤتمرات العالمية. كان السبب في اختراع هذه الطرق عدم تمكني من الحصول على حاسوب سريع وذي ذاكرة عالية.
كنت منزعجا من عدم تمكني من تشغيل برامجي التي صممتها خلال فترة بحث الدكتوراة, ولكن عسى أن تكره شيئا ويجعل الله فيه خيراً كثيرا. كانت هذه البحوث السبب الرئيسي بعد الله في ترقيتي من أستاذ مساعد إلى أستاذ مشارك. كذلك حصلت على دعم غير مباشر من بعض الشركات العالمية لتطوير معالج التلفزيون الرقمي. في المقال المقبل ـ إن شاء الله - سنتطرق لوصف آخر ما وصل إليه العلم في مجال الحواسيب الشخصية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي