جوناثان ليفين: لا تغادر سوق الأسهم بل غير إستراتيجيتك

تقييمات مؤشرات الأسهم الأمريكية تنتفخ وتستحضر عصر فقاعة "الدوت كوم" أحد أعراض الأداء المذهل لشركات التقنية

  • ارتفاع التقييمات يثير مخاوف بشأن فقاعة محتملة، لكن توزيعها غير المتوازن يتيح للمستثمرين مناورات دفاعية
  • من “التقليدي الآمن” إلى “الحصان الجامح”.. ولمارت و كوستكو ينضمان لقائمة الأسهم الأغلى سعراً في السوق
  • موازنة المحفظة خيار قد يكون جيداً إن كنت تقلق من بعض مؤشرات السوق الأمريكية

هل نحن على أعتاب فقاعة مالية جديدة؟ مع تسجيل مؤشرات الأسهم الأمريكية قمماً تاريخية، تبدو التقييمات مرتفعة لدرجة تثير الرعب.. لكن الأرقام تحمل وجهاً آخر.
لطالما كان هناك جدل بشأن ما إذا كانت قيم الأسهم مرتفعة جداً، وقد ازدادت سخونته حديثاً مع تسجيل مؤشر ”ستاندرد آند بورز 500“ أعلى مستوياته التاريخية الأسبوع الماضي، فقد بلغ مضاعف السعر إلى الربحية الآجلة المختلط للمؤشر 22.9 مرة، وهو الأعلى منذ 2020 (ويقترب بشكل مخيف من أعلى مستويات فقاعة الإنترنت في مطلع هذا القرن).
من بين 20 مقياساً للتقييم تتبعها سافيتا سوبرامانيان من ”بنك أوف أمريكا“، حققت 4 منها أرقاماً قياسية، بينما ارتفعت 19 منها وفقاً للمعايير التاريخية. نعم، ما تزال هذه المضاعفات المرتفعة جداً غير شائعة، لكن قبل الإعلان عن أن الأسهم في فقاعة على وشك الانفجار، يجب مراعاة بعض التحذيرات المهمة.
بشكل عام، يظهر مضاعف ”مؤشر ستاندرد آند بورز 500“ الحالي هيكل الترجيح القائم على القيمة السوقية للمؤشر، والهيمنة المتزايدة لبعض أسهم التقنية الرئيسية، وبعض القيم المتطرفة.
في الواقع، إن النسخة متكافئة الأوزان من المؤشر -التي تضع شركات قيمتها 10 مليارات دولار على قدم مساواة مع شركة ”إنفيديا“ وقيمتها 4.3 تريليون دولار- لها نسبة سعر إلى ربحية مستقبلية مختلطة تبلغ 17.8 فقط، وهو ما يزيد قليلاً على متوسطها لـ10 سنوات.
بعبارة أخرى، فإن مجموعة صغيرة من "الوافدين الجدد باهظي الثمن"، أو الشركات التي يركز عليها المضاربون بقوة التي انضمت إلى ”مؤشر ستاندرد آند بورز ”500 في السنوات الأخيرة، تجعله يبدو أغلى بكثير.

مدخلات زمن التحفيز والوباء

كان كثير من هذه الشركات مبالغاً فيها وطرحت أسهمها للتداول العام، أو بلغت ذروتها خلال موجة الإقبال على المخاطرة في عامي 2020 و2021، إذ حفّزت الحكومة الاقتصاد بتريليونات الدولارات لمواجهة الجائحة العالمية، وخفّض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة القياسية إلى نحو الصفر.
في ذلك الوقت، كان سهلاً بقدر كبير على مستثمري مؤشرات الشركات الكبرى تجاهل الشركات الجديدة، لكن ذلك أصبح مستحيلاً الآن مع تزايد أوزانها في المؤشر، فتغيرت تركيبته بطرق لن تُعجب كثيراً من المستثمرين الذين يميلون إلى الثبات.
لتحديد الشركات الأكثر تأثيراً في نسبة السعر إلى الربحية للمؤشر، نظرتُ إلى الشركات ذات المضاعفات العالية والأوزان الكبيرة. في هذا الرسم البياني، تُمثّل هذه الشركات النقاط في أعلى يمين معظم نظيراتها.
من 2020 إلى 2024، كانت أبرز الشركات هي شركة ”تسلا“ (مكرر ربحية مُجمعة 194.9)، وشركة ”بالانتير تكنولوجيز“ (Palantir Technologies) (223.1)، وشركة ”أكسون إنتربرايز“ (Axon Enterprise) (92.4)، وشركة ”كراود سترايك هولدينجز“ (CrowdStrike Holdings) (109.6). أما فئة 2025، فقد ضمت شركات ”روبن هود ماركتس“ (59.9)، و“كوين بيس جلوبال“ (51.2)، و“أب لوفين“ (AppLovin) (53.2) .
في الواقع، ربما كان أداء هذه المجموعة في سبتمبر -وخاصةً ”تسلا“- هو ما أدى إلى تفاوت تقييمات المؤشرات. إذا طرحت من المؤشر شركتي ”تسلا“ و“بالانتير“، يُمكنكَ خفض مضاعف المؤشر بنحو 0.7 إلى 22 ضعف الأرباح المستقبلية (من 22.7 يوم الجمعة)، شريطة استبدالهما بأسهم ”عادية“، التي أُعرّفها هنا بمضاعف ربحية 20. إذا تخليتَ عن بقية الشركات الجديدة المضاربة، فسيكون مضاعفك أقل عند 21.8.
خيار آخر هو التخلّص من شركتين رائدتين في مجال السلع الاستهلاكية الأساسية: ”كوستكو هولسيل“ و“ولمارت“. كما كتبتُ الشهر الماضي، تُشكّل هذه الأسهم أحد أكبر ألغاز التقييم في السوق. على الرغم من كونها شركات ناضجة نسبياً ذات هوامش ربح ضيقة، فقد شهدت كلتاهما ارتفاعاً في تقييماتهما إلى مستويات ”إنفيديا“ والمقصود هنا ”ولمارت“ أو أعلى وأقصد ”كوستكو“، وهما الآن أعلى بكثير من متوسطاتهما للفترة ما بين 2015 و2024.
يعزو المتفائلون هذا الاتجاه إلى النمو المذهل في أرباح الشركات، ونظرتهم إليها باعتبارها أسهماً صامدة في جميع الأنواء، معزولةً إلى حد كبير عن تقلبات الدورات الاقتصادية.

أسهم آمنة متغلغلة

من المفارقات أن سمعتها كاستثمارات آمنة ربما تكون قد تسببت في ارتفاع أسعار أسهمها إلى مستويات لا يمكن تحملها بشكل متزايد. فاختراقها للسوق عميق لدرجة يصعب معها تصور أين ستجد النمو الذي يبرر تقييماتها المرتفعة.
لذا، إن تخلينا عن هذين السهمين، فقد نخفض تقييمات المؤشر بمقدار 0.2 نقطة- وهذا ليس تغييراً جذرياً، بل تحسناً تدريجياً آخر. وإذا تخلينا أيضاً عن الشركات الجديدة، فستكون أرباح المؤشر المستقبلية مضاعفة بمقدار 21.6 مرة.
هذا يقودنا إلى الموضوع الحقيقي الذي لا يمكن تجاهله وهو ”إنفيديا“، إذ إن شركة تصنيع الرقائق التي تدعم طفرة الذكاء الاصطناعي هي المذنب الأكبر في تقييم المؤشر الحالي، والمحرك الأكبر لعوائد المؤشر على مدى السنوات القليلة الماضية.
هل يستحق بيع أسهمها والتمتع بالراحة؟ ربما لا. فكما أوضح محللو مجموعة ”جولدمان ساكس“، بدأت ”تداولات الذكاء الاصطناعي" في سوق الأسهم مع إنفيديا (المرحلة الأولى)، وما تزال معظم أرباح الذكاء الاصطناعي الحقيقية تُحقق هناك.
لكن هذه الصفقة انتقلت منذ ذلك الحين لتشمل أسهم البنية التحتية للذكاء الاصطناعي (المرحلة الثانية)، وتتوسع لتؤثر في تقييمات أسهم البرمجيات وخدمات التقنية (المرحلة الثالثة). في النهاية، تتوقع ”جولدمان“ أن تتوسع الصفقة لتشمل مجموعة متنوعة من القطاعات الأخرى، حيث يرون فوائد إنتاجية من التقنية الجديدة (المرحلة الرابعة).
حققت ”إنفيديا“ حتى الآن مبيعات وأرباحاً تضاهي التفاؤل، لكن بعض المراقبين قالوا بعد انتهاء المرحلة الأولى من التداولات. إلى متى سيستمر كبار عملاء ”إنفيديا“ في إنفاق الأموال لشراء وحدات معالجة الرسومات التي تنتجها؟ وماذا سيحدث إذا تمكنت شركة منافسة من اختراق تمترسها التنافسي؟.
حتى لو استمر التفاؤل بشأن الذكاء الاصطناعي، فربما يكون أفضل عائد للمخاطرة هو الانتقال إلى المراحل اللاحقة من فرص الاستثمار. عند بيع ”إنفيديا“، سينخفض ​​مضاعف السعر إلى الربحية المستقبلي للمؤشر بمقدار 0.7. اجمع هذه الخطوة مع الأفكار الأخرى هنا وستصل إلى 20.9.

هل هي تجربة فكرية قابلة للتطبيق؟

الخيار الأخير هو أقرب إلى تجربة فكرية منه إلى اقتراح جدّي. هذا هو إعادة توازن المحفظة على مبدأ: "في حالة الطوارئ، اكسر الزجاج"- الخيار الذي لا تستخدمه إلا بعد أن يزورك وارن بافيت والراحل تشارلي مونجر في المنام ليخبراكَ بأن نهاية العالم باتت قريبةً.
ماذا عن المناورة؟ بيع حيازاتك في قطاع تقنية المعلومات برمته، بما يشمل ”إنفيديا“ وكثيراً من الشركات الجديدة باهظة الثمن.
تُشكل شركات التقنية نسبةً استثنائيةً تبلغ 34.6% من المؤشر، ويبلغ مُضاعف ربحيتها المستقبلي 29.9، ما يعني أنه يمكنك خفض مضاعف ربحية محفظتك بمقدار 2.9 نقطة بمجرد إحداث هذا التغيير.
بدمج هذا مع الخطوات الأخرى، ستصل إلى مضاعف ربحية مستقبلي يبلغ 19. ولكن من الذي يمكنه أن يتجرأ على اتخاذ خطوة متطرفة كهذه قد تؤدي إلى التخلي عن جميع المكاسب المحتملة على المدى القريب من الذكاء الاصطناعي؟
الخبر السار هو أن التقييمات العالية ما تزال غير مُنتشرة في السوق. إذا كنت تميل إلى القلق بشأن مثل هذه الأمور، فهناك كثير من الطرق لتحظى بنوم هانئ دون الحاجة إلى التخارج.
في بعض هذه الحالات، قد لا تكون المفاضلات صعبة جداً. على سبيل المثال، قد يكون سهلاً نسبياً التخلص من الأسهم الجديدة التي أشرنا إليها، لأن بعض المستثمرين لم يرغبوا بهذا القدر من الاستثمار في أسهم ذات مضاعف ربحية يزيد على 100 في المقام الأول. لقد شهدت ”تسلا“، على وجه الخصوص، تقلبات كبيرة مع عوائد ضئيلة منذ ذروتها في 2021.
في غضون ذلك، يمكنك التخلي عن ”كوستكو“ و“ولمارت“ دون التنازل جوهرياً عن حقك في التدفقات النقدية المستقبلية من الذكاء الاصطناعي. صحيح أنك ما تزال غير قادر على العودة إلى التقييمات القديمة دون مواجهة قرارات صعبة جداً، لكن على الأقل يمكنك الاقتراب منها.

صحفي لدى بلومبرغ في أمريكا اللاتينية والولايات المتحدة، غطى التمويل والأسواق وعمليات الاندماج والاستحواذ. وفي الآونة الأخيرة، رئيس مكتب الشركة في ميامي.

خاص بـ"بلومبرغ"

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي