ماذا يريد النصراويون؟
الإخفاق في التخطيط وتحديد الأهداف وسقف الطموحات بدقة يقود حتماً إلى التخطيط للإخفاق.. هذا النهج المتعارف عليه يدور حالياً في النصر الذي تبدو عليه ملامح الرؤية الضبابية والازدواجية الواضحة من جرّاء كثرة المناصب الإدارية والفنية المستحدثة هذا الموسم ما بين مدير للفريق الأول، ومدير عام، ومشرف عام، ومستشار فني ومنسق فني... إلخ، مع تناوب لهذه الأدوار، فقد يرتقي المنسق أو المستشار لمدرب، وفي خضم هذه التعددية قد يشعر المنسق الفني بغياب دوره فيقدم استقالته، لكن ماذا ستكون نتيجة تداخل الاختصاصات وغياب التنسيق والتخطيط الموحد وتباين الطموح المراد تحقيقه من قبل النصراويين أنفسهم، وهذا هو الأهم؟
النتيجة الحتمية لذلك تتمثل في نشوء أوامر متباينة بين هذه الإدارات المتعدّدة والهرم الأعلى يتم من خلالها إرسال ذبذبات متناقضة ذات موجات مشوشة تصعّب آلية التفاهم بين المرسل والمستقبل، ومن شأنها أن تحدث الإرباك والخلل للفريق سواء للاعبين أو الأجهزة الفنية والإدارية، أو حتى على مستوى التهيئة النفسية وكمية الدعم المطلوبة من قبل أعضاء الشرف.
المشرف العام على فريق كرة القدم الأمير الوليد بن بدر، طبّق مبدأ الواقعية لكبح الخطاب والفكر النصراوي المسرف في الطموح عبر تأسيس خطة إنقاذ مالية وإدارية لتنعكس، ولو ببطء، على الجوانب الفنية، وهذا ما تتمناه الجماهير المتلهفة لعودة أمجاد الأصفر.. هذه الخطة التقشفية لم تقتصر على الفريق فحسب، بل امتدت للجماهير كذلك، فأصبحت مطالبة بألا ترفع سقف طموحاتها هذا الموسم أملا في أن يصلح الترشيد ما أفسده الإسراف، وبالتالي قيام هذه المرشدات بالتخفيف من حدة الضغوط الجماهيرية على عمل الإدارة الضعيف.
كل هذه الخطط المالية والإدارية والنفسية والتغييرات الأخيرة والاستقالات المتتابعة بداية موفقة، وتجيّر للمجلس الشرفي الذي نجح في إقناع الإدارة بأهمية هذا التغيير في هذه المرحلة الحرجة، إضافة إلى جهوده الأخرى التي ركزت على إذابة الخلافات بين أعضاء الشرف لتصب في بوتقة الدعم المالي، وإن كان يسيراً، أو المعنوي أو الصمت، وفي الصمت حكم كثيرة.. لكن ما رأيكم عندما تنحرف هذه الخطط الإنقاذية والإصلاحات المتوالية عن مسارها الطبيعي فيبدأ التعارض والتقاطع بين الطموحات الجديدة، كما في تأكيد الأمير فيصل بن تركي رئيس النصر - في تباين ملحوظ مع خطة المشرف - أن الفريق قادر على التتويج و(بشكل قوي) بكأس ولي العهد أو كأس خادم الحرمين الشريفين للأبطال – وفقاً لحواره في جريدة "الرياض" هذا الأسبوع؟!
وما رأيكم أيضاً عندما يصرح العميد فهد المشيقح نائب الرئيس، وبلهجة أقل تحدياً، فيقول إن النصر سينافس أيضاً في باقي بطولات الموسم؟!
وفقاً لهذه الآراء المشرِّقة والمغرِّبة.. مَن ستتبع الجماهير النصراوية؟ خطة المشرف العام أم تأكيدات الرئيس أم وعود نائبه؟ وكيف ستستقبل الأجهزة الفنية والإدارية هذه الآراء المتباينة؟ وما السبيل للتوفيق بينها؟ وهل سيؤثر هذا التصادم بشكل مباشر في تشتيت أذهان اللاعبين، أم سيستعينون بـ"العقل الباطن" لبرمجة هذه التغريدات المتنوعة؟ وأي نسق من هذه الأنساق الثلاثة سيتبناه مطلقو القدرات والاختصاصيون النفسيون إذا ما أرادوا تهيئة الفريق في بطولات خروج المغلوب القادمة، التي لا تقبل أنصاف الحلول؟
الحل - من وجهة نظري - لا يميل إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، لا إلى خطة تعلَّق سقف طموحات جماهير النصر ونحن في زمن الاحتراف ورعاية الشركات، ولا إلى خطة إنشائية متكرّرة تحاول خطف البطولات بالأماني كيفما اتفق وإنما يتجه وفق استراتيجية عملية ملموسة تستثمر في البداية فترة الانتقالات المهمة التي أشرعت أبوابها بالتخطيط الموحد الذي يعمل على ردم الفجوة الفنية بين النصر والفرق الأخرى المنافسة، واستثمار هذه الفرصة بذكاء.. فهل تحقق الإدارة الأهداف الجماهيرية باحترافية، أم يستمر تعليق سقف الطموحات إلى إشعار آخر؟