«حراج بن قاسم» سوق لملابس الجمعيات.. ومرتع للعمالة
لم يعد يبدو غريباً أن ترى ملابس الجمعيات الخيرية تباع في «حراج ابن قاسم»، وفي داخل أكياس تحمل شعار هذه الجمعيات، فضلاً عن النفايات التي تحيط بمنطقة بيع الملابس المستعملة. هكذا يبدو الوضع الذي رصدته «الاقتصادية» في جولة لها على الحراج، حيث وجدت محالا تستخدم مولدات كهرباء بطريقة غير نظامية، إلى جانب تكدس عدد كبير من العمالة.
وبحسب عدد من المتعاملين في الحراج، فإن أكثر ما يقلقهم هو عدم التنظيم الجيد للحراج، فضلاً عن انتشار العمالة المخالفة التي تبيع الملابس المستعملة وتحتكر هذه التجارة لحسابها، خصوصاً مع غياب الرقابة.
وعن حركة السوق يقول نصر الدين وهو سوداني الجنسية يعمل في تجارة هذه الملابس، «السوق تمر بحالة جيدة خصوصاً في هذه الأوقات التي فيها دخول فصل الشتاء». ويضيف أن الملابس التي يبيعها تأتيه من الجمعيات الخيرية، والتي تصلهم عن طريق المتبرعين، وبدوره يبيعها على زبائن السوق الذين غالبيتهم وافدون، ويجدون في السوق أسعارا رخيصة تناسب إمكاناتهم المادية.
وأشار إلى أنه يستأجر المحل من كفيله بمبلغ معين في الشهر، ويحصل هو على باقي أرباح تجارته من هذه الملابس، ويستطرد: «أشتري بضاعة بحجم حمولة أربع سيارات من الملابس في الشهر الواحد بقيمة تراوح بين ألف وستة آلاف ريال من الجمعيات الخيرية، حيث أفرزها لاحقاً بحسب كل نوع، مثل الملابس الشتوية والأخرى الصيفية والماركات والملابس الرجالية والنسائية كلا على تصنيف معين، ثم تبدأ عمليات بيعها». ولفت إلى وجود إقبال شديد على السوق من الزبائن، ولا يعاني تكدس البضاعة عنده.
#2#
من جهته، يقول سلطان المطيري وهو أحد أصحاب المحال، إن الملابس التي يبيعها لا تكلفه مالا كثيرا، وإنما يشتريها من جمعيات خيرية بثمن ضئيل ويبيعها بسعر مرتفع. وأبدى استياءه من مزاحمة العاملة الوافدة لهم في تجارة الملابس المستعملة، ويضيف إن نسبة السعوديين نحو 2 في المائة. وأشار إلى أن تجارة هذه الملابس تعد منجما من الذهب.
وعن الرقابة الصحية على الملابس، يقول: «أنا غير مسؤول عن هذا الأمر، ولا يعنينا على الإطلاق، ولم يسبق لي أن صادفت مشكلة من هذا النوع على مدار السنوات الطويلة التي عملها في هذا المجال».
وتابع: «إنها مسؤولية الجمعيات الخيرية التي تبيع هذه الملابس، إذ إنه كان من المفترض أن تقوم بفرز هذه الملابس، وإتلاف ما يشك أنه يحمل أمراضا معدية».
وزاد: «كثير من الملابس ذات العلامات العالمية استخدامها بسيط حيث تكون في حوزة أشخاص مترفين يأتون بملابسهم من دول أوروبا، ولا تبقى معهم سوى أشهر محدودة فيكون مصيرها بعد ذلك إلى سوق الحراج، وبأسعار زهيدة جدا».
وقال إن بعض الملابس التي يتم التبرع بها للدول المتضررة في الخارج عن طريق بعض المؤسسات الخيرية تأتي في الحقيقة إلى الحراج وتباع بأسعار متفاوتة. وأشار إلى أن كثيرين يجهلون ذلك لكن من يزور الحراج يجد ذلك موجودا ومتعارفا عليه.
وقال: «متبرعون كثيرون لا يعرفون هذه الحقيقة، ويعتقدون أن ملابسهم تذهب بالفعل إلى المحتاجين في الدول الفقيرة أو إحدى الأسر المستفيدة من الجمعيات الخيرية».
وأضاف المطيري: «هذا النوع من التجارة فيه من الخير الكثير»، مشيراً إلى أن حجم مبيعاته ضعف حجم مبيعات أشهر الأسواق، حيث تصل نسبة الربح إلى 300 في المائة.
وخلال لقاء «الاقتصادية» بالمطيري كان يبيع الملابس التي سعرها ريالان في المزاد بـ 15 ريالا للزبون النهائي، بنسبة ربح 700 في المائة. هذا الربح قد يجعله بالفعل أفضل من أشهر أسواق الرياض.
لكن المطيري أشار إلى أنه يعاني النظرة الدونية من بعض الناس بحيث يتهمونه بالمتاجرة في «ملابس الموتى»، متسائلاً عن سر ذلك: «أنا لا أسرق ولا أتاجر في شيء محرم أو ممنوع فلماذا هذه النظرة الدونية؟».
ويستطرد: «يوجد كثير من أصحاب المحال من الوافدين ممن يشترون من المغاسل الملابس التي تركها أصحابها، أو يشترون من بني جلدتهم، أو من البائعات الجائلات من غير السعوديات، اللاتي يسوقن بضاعتهن عبر المنازل، حيث تأخذ منهم الملابس القديمة كونها تحتاجها بينما هي تبيعها في هذا الحراج».
ووجدت «الاقتصادية» عمالة في الحراج تتنقل بين حاويات النفايات بحثاً عن الأحذية والملابس التي يتخلص منها بعض أصحاب المحال وتكون غير صالحة دون معرفة أين تذهب.