ساهر.. بين المراقبة والتجسس!
في كل نشاط أو عمل في هذا العالم هناك فارق بين النظرية والتطبيق.. بين النظري والعملي.. بين الكلام والفعل.. ونحن نقتبس من الغرب نظما ونظريات صحيحة ومجربة، ولكن عند تطبيقها عندنا تفشل. آخر مثال لهذا الكلام هو مشروع "ساهر"، وقبل كل شيء نترحم على.. شهيد "ساهر".. ونشجب الجريمة التي أقدم عليها الجاني، فليس هناك أي مبرر لارتكابها.. والملاحظ هو استمرار الاعتداء على سيارات "ساهر" من قبل المواطنين آخرها اعتداء أربعة شباب على موظفي وسيارة "ساهر" في الطائف، وتحطيم شاب لأجهزة رصد "ساهر" في جدة وعشرات الحوادث في مختلف مدن المملكة، والمسلسل مستمر بلا توقف.
وبداية فإن نظام "ساهر" ساهم في تقليل حوادث السيارات الناتجة عن السرعة، ولكن هناك إشكالية واضحة في أسلوب تطبيق النظام، وآن الأوان لإعادة النظر في الطريقة المعتمدة حاليا بعد أن تكشفت الأخطاء التي أدت إلى هذه الاعتداءات، وقد تؤدي ـــ لا سمح الله ــ إلى ما لا تحمد عقباه، فقد تتطور هذه الاعتداءات بشكل أو بآخر إذا لم تبادر الجهة المعنية بإعادة دراسة النظام، وإلغاء السلبيات التي يشتكي منها المواطن.. ولو أن الجهة المعنية في المرور استجابت في البداية للانتقادات التي وجهت لنظام "ساهر" من قبل الكتاب والمشايخ والعلماء لربما تم تفادي ما وقع من اعتداءات متكررة وخطيرة.. لقد كان من أوائل الناصحين الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث والإفتاء.. فقد ناشد سماحته وحذر من اعتماد نظام "ساهر" مبدأ مضاعفة مبلغ المخالفة إذا تخلف المواطن عن التسديد خلال شهر.. أيضا الأمير مقرن بن عبد العزيز رئيس الاستخبارات العامة انتقد الطريقة التي يعمل بها نظام "ساهر".. أيضا الشيخ عبد المحسن العبيكان المستشار بالديوان الملكي حذر من الطريقة التي يعمل بها نظام "ساهر" وطالب بإيقافه وإعادة النظر في الطريقة التي يعمل بها.. واعتبر الشيخ العبيكان أن نظام "ساهر" تحول إلى نظام جباية يصب في مصلحة الشركات التي تشغل "ساهر".. وغيرهم كثير.
واضح أن غالبية المواطنين يعترضون على طريقة تطبيق نظام "ساهر" وليس على النظام نفسه، فالطرق غير مجهزة بالعلامات الإرشادية الواضحة التي تحدد السرعة، وعدم تحديد السرعة القصوى.. أيضا الشفافية عن الشركات المستخدمة لنظام "ساهر" وموقفها من هذه المخالفات.
وأيضا من السلبيات التي لاحظها المراقبون الاعتماد على التجسس والخديعة والإيقاع بالمواطن والضبط المفاجئ، وهذا ما تقوم به سيارات "ساهر" المتنقلة، وهي مصدر المشاكل لأنها تتعمد تصيد المخالفات.
من الضروري لتصحيح الأوضاع لا بد من وجود إشارات واضحة على الطرق داخل المدن وخارجها عن مواقع كاميرات المراقبة وسيارات "ساهر" المتنقلة، كما هو معمول به في العالم الأول الذي أخذنا منه هذا النظام وركزنا نحن فقط على جزء الجباية في النظام.
آمل أن تتم فورا إعادة النظر في انتشار سيارات "ساهر" المتنقلة، خاصة في الطرق السريعة، حفاظا على سلامة العاملين بها وحتى تتم إعادة دراسة طرق انتشارها بما يتوافق مع الشروط الدولية. وعلى رأس الأولويات تسريع إنشاء وعمل المحاكم المرورية لإزالة الاحتقان القائم حاليا بين المواطنين والمرور.
إلى كل من يهمه الأمر.. لا تتركوا المشاكل تتفاقم حتى تستعصي على الحل.