التداعيات الاقتصادية لنتائج الانتخابات الكويتية

<a href="mailto:[email protected]">Jasim.husain@gmail.com</a>

يخشى أن يكون الاقتصاد الكويتي هو الخاسر الأكبر من نتائج الانتخابات البرلمانية في الكويت التي جرت بتاريخ 29 حزيران (يونيو) الماضي. ومرد الخشية عدم حدوث تعاون بناء بين قوى المعارضة وأنصار الحكومة لمعالجة بعض المسائل الاقتصادية العالقة. يذكر أن المعارضة نجحت في الحصول على 33 مقعدا من أصل 50 مقعدا, بزيادة أربعة مقاعد على البرلمان الذي انتخب في عام 2003. وهناك كلام مفاده أن اثنين آخرين قد ينضمان تحت لواء المعارضة, الأمر الذي يزيد من موقف المطالبين بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية.
هناك العديد من الملفات الاقتصادية, التي بدورها بحاجة إلى معالجة متأنية. وتشمل هذه التحديات الاقتصادية فرضية السماح للشركات العالمية بالعمل على زيادة الإنتاج النفطي, فضلا عن تنفيذ عملية الإصلاحات الاقتصادية مثل التخصيص وتقليل التوظيف في القطاع العام.
زيادة الإنتاج النفطي
يشكل فتح القطاع النفطي أمام الشركات الأجنبية مسألة حيوية لدى الحكومة. والإشارة هنا بالتحديد إلى مشروع الكويت القاضي بزيادة الإنتاج من أربعة حقول واقعة في شمال وغرب البلاد. يهدف المشروع إلى مضاعفة إنتاج هذه الحقول إلى 900 ألف برميل في اليوم. ويتوقع أن تبلغ تكلفة هذا المشروع الطموح أكثر من سبعة مليارات دولار على مدى 20 سنة.
تقليدا لم يكن مجلس الأمة متشجعا للمشروع بحجة أن الدستور الكويتي لا يسمح للشركات الأجنبية بامتلاك حصة في القطاع النفطي. وبذلت الحكومة السابقة (قبل استقالتها) جهودا مضنية في إيجاد صيغة توافقية مع أعضاء البرلمان السابق (قبل حله). إلا أن تلك الجهود لم تتكلل بالنجاح حيث عارض غالبية المشرعين فتح القطاع النفطي أمام المنافسة الأجنبية.
لا شك أن الطاقة الإنتاجية للكويت في الوقت الحاضر لا تتناسب والمخزون النفطي للبلاد. المشهور أن الكويت تمتلك نحو 10 في المائة من الاحتياطي النفطي المكتشف, وتعتبر هذه النسبة متميزة. لكن تقل القدرة الإنتاجية للكويت عن مليونين ونصف مليون برميل من النفط الخام يوميا. في المقابل يعتقد المعارضون أن الحاجة ليست ماسة أصلا إلى زيادة الإنتاج, وذلك في ضوء عدم وجود عجز في الموازنة العامة على خلفية بقاء أسعار النفط مرتفعة في الأسواق الدولية. كما يرى هؤلاء أن الخبرات المحلية كفيلة في كل حال من الأحوال في تنفيذ هكذا مشروع, خصوصا أن قطاع النفط اكتسب خبرة خارجية. المعروف أن الكويت تمتلك استثمارات نفطية خارج أراضيها, بما فيها محطات لبيع البترول في أوروبا.
الإصلاحات الاقتصادية
أما التحدي الثاني فمصدره الإصلاحات الاقتصادية. يهدف المشروع إلى تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد المحلي عن طريق بيع بعض المؤسسات المملوكة للقطاع العام. وكانت الحكومة الكويتية قد اشترت بعض المؤسسات والاستثمارات وذلك في أعقاب أزمة (سوق المناخ) عام 1982, حيث حدث انهيار للأسهم في السوق غير الرسمية. يبقى أن الحكومة نجحت في الآونة الأخيرة في تحقيق بعض الإصلاحات الاقتصادية وفي مقدمتها السماح للبنوك الأجنبية بالعمل داخل البلاد, فضلا عن تخصيص محطات البترول. وأسهمت هذه الخطوة في تحسين ترتيب الكويت على مؤشر الحرية الاقتصادية الصادر من قبل مؤسسة هيريتاج فاونديشن وصحيفة "وول ستريت جورنال". فقد نالت الكويت المرتبة رقم 50 على مستوى العالم في تقرير عام 2006 مقارنة بالمرتبة رقم 54 عام 2005.
من جهتها ترغب المعارضة في الحصول على ضمانات من أن الشعب الكويتي وليس بعض أصحاب النفوذ يصبح المستفيد من برنامج الإصلاحات الاقتصادية وفي مقدمتها التخصيص. في المقابل تصر السلطات على أن تحويل ملكية العديد من الشركات والخدمات العامة لعهدة القطاع الخاص سيجلب الكثير من الفوائد من بينها الكفاءة في الأداء.
في الوقت الحاضر تحتل الكويت مرتبة متأخرة عالميا وخليجيا فيما يخص جلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة لأسباب تعود إلى الدور الكبير للقطاع العام في الاقتصاد, فضلا عن الخلافات المتكررة بين الحكومة والبرلمان. حسب تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أو (الأونكتاد) حلت الكويت في المرتبة رقم 138 على مستوى العالم على مؤشر الجاذبية الاستثمارية, أيضا حصلت الكويت على المرتبة رقم 95 على مستوى العالم فيما يخص متغير الأداء المحتمل لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
التوظيف في القطاع العام
من جهة أخرى, يتوقع أن تؤدي عملية الإصلاحات الاقتصادية إلى تحقيق هدف آخر وهو تشجيع المواطنين على العمل في مؤسسات القطاع الخاص. فحسب الإحصاءات الرسمية يعمل نحو 90 في المائة من المواطنين في مؤسسات القطاع العام. يبقى أنه بات في حكم المؤكد عدم قدرة الدوائر الرسمية والمؤسسات الوطنية على مواصلة توفير فرص العمل للداخلين الجدد إلى سوق العمل لأسباب موضوعية. على سبيل المثال يتم تخصيص نحو نصف مصروفات الموازنة العامة لدفع رواتب وأجور موظفي القطاع العام. وتعد هذه النسبة كبيرة لأنها تحرم السلطات من الصرف على قطاعات البنية التحتية.
المؤكد أن صيفا ساخنا ينتظر الكويت. نأمل أن يكون الاقتصاد الكويتي هو الفائز في المواجهة بين الحكومة وأقطاب المعارضة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي