الخشوع في الصلاة (1)

<a href="mailto:[email protected]">d_almakdob@hotmail.com</a>

من رحمة الله تعالى بعباده أن شرع لهم ما يجبر نقص عباداتهم ويسد خللها ومن ذلكم الصلاة، فالتطوع تكمل به صلاة الفريضة روى الترمذي وغيره وحسنه في الحديث القدسي قال الرب سبحانه "انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل بها ما انتقص من الفريضة"، وشرع سجود السهو جبرا للنقصان وسدا للخلل الذي طرأ في الصلاة من زيادة أو نقص أو شك، وينبغي ونحن نتحدث عن جوابر الخلل الطارئ في الصلاة الذي شرعه الله رحمة بعباده أن نتفطن لما عم وانتشر وظهر في هذا الزمن ألا وهو آفة الاشتغال في الصلاة بخواطر وأفكار وتلاعب للشيطان لكثير من المصلين واستسلم لها الكثير فيأتون إلى الصلاة بقلوب غافلة منشغلة بالدنيا وحطامها ولذّاتها وفتنها، وأن عدو الله إبليس قد أخذ العهد على نفسه بإضلال بني آدم وفتنتهم، قال تعالى حكاية عنه "ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم".
وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الشيطان يأتي أحدكم في صلاته فيقول أذكر كذا وكذا لما لم يكن يذكره حتى يضل الرجل فلا يدري كم صلى. ومن أعظم كيده صرف الناس على صلاتهم بشتى الوسائل والوسوسة لهم فيها لحرمانهم لذة هذه العبادة". يقول حذيفة بن اليمان: "أول ما تفقدون من دينكم الخشوع وآخر ما تفقدون من دينكم الصلاة، ورب مصل لا خير فيه ويوشك أن تدخل المسجد فلا ترى فيهم خاشعا".
وليس هذا عن أيامنا ببعيد فترى من يقوم إلى الصلاة ولا يتم ركوعها ولا سجودها ولا تستقر أعضاؤه ولو خشع قلبه لخشعت جوارحه حتى فقد الكثير مِمَن يؤدي الصلاة ثمرتها وحلاوتها وراحتها للقلب فهم يصلون أجساما بلا روح.
عن أبي قتادة رضي الله عنه قال، قال رسول الله: "أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته، قالوا يا رسول الله: كيف يسرق من الصلاة؟ قال لا يتم ركوعها ولا سجودها" أخرجه الإمام أحمد. وليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها وإن المصلي لينصرف من صلاته لا يكتب له منها إلا نصفها ربعها ثمنها حتى قال عليه الصلاة والسلام عشرها" رواه الطبراني والبزار وغيرهما.
أيها الأخوة:
الخشوع في الصلاة إنما يحصل لمن فرّغ قلبه لها واشتغل بها عما عداها وآثرها على غيرها وحينئذ تكون راحة له وقرة عين، وتخف عليه الصلاة ويأنس ويفرح بها، "واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين" فالخشوع أمره عظيم وشأنه كبير، روى البيهقي والطبراني في حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أول شيء يرفع من هذه الأمة الخشوع حتى لا ترى فيها خاشعا، قال بعض السلف: الصلاة كجارية تهدى إلى ملك الملوك فما الظن فيمن يهدى إليه جارية شلاء أو عوراء أو مقطوعة اليد والرجل أو مريضة أو جارية ميتة، فكيف بالصلاة يهديها العبد ويتقرب بها إلى ربه والله طيب لا يقبل إلا طيبا. وليس من العمل الطيب صلاة لا روح فيها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي