قناة الخليج العربي الفضائية

في عالمنا العربي إذا ذكر الفيروزابادي، ذهب الذهن إلى ذلك العالم الجليل، الذي عرف قدر العرب، وقدر لغتهم، فتبحر في علومهم حتى أصبح حجة في العربية، وكان أن أعزه الله بلغة العرب وعلومهم، ليخلد اسمه عبر التاريخ ، ويتداول الناس كتبه على مدى قرون سبعة، إلى يومنا هذا.
ذلك العالم الجليل هو محمد بن يعقوب الشيرازي الفيروزابادي، المولود سنة 729هـ ( 1329م) في إحدى قرى شيراز، ثم تنقل في العراق ومصر والشام وبلاد الروم والهند ليستقر في اليمن، حتى توفي سنة 817 هـ ( 1415م) في مدينة زبيد.
هذا العالم الجليل، خلد التاريخ اسمه ليس لأنه من بلاد فارس، بل لأنه استطاع أن يُبحر في علوم العرب، ويستخرج دررها، ليقدم لنا كتباً في التفسير والحديث والتاريخ واللغة العربية، أشهرها كتابه (القاموس المحيط) في اللغة العربية.
وصفه ابن حجر العسقلاني فقال: ''كان حافظًا للغة، واسع المعرفة بها'' واللغة التي يقصدها ابن حجر هي بالطبع اللغة العربية.
هذا الفيروزابادي الذي غطت سمعتهُ الآفاق، يقابله فيروزابادي آخر، هو رئيس الأركان الإيراني حسن فيروزابادي الذي خرج علينا هذه الأيام، ليهاجم العرب ويقلل من قيمتهم، ثم يصف الخليج العربي بأنه ملك لإيران، ويتوعد دول مجلس التعاون الخليجي، ويصفها بأبشع الأوصاف.
هذا التصريح المستفز الذي ردت عليه دول مجلس التعاون بأن الخليج عربي وسيبقى عربياً، أنموذج للاستعلاء الفارسي الذي عرفه العرب منذ ما قبل معركة ذي قار التي عرف فيها الفرس قوة العرب، رغم قلة عددهم، وبدأت تبرز ملامح هذا الاستعلاء هذه الأيام، في تسابق المسؤولين الإيرانيين للإساءة والسخرية من كل ما هو عربي، بل وقمع كل من هو عربي في الأحواز، مهما كان مذهبه، ولعل تصريحات أحمدي نجاد مثالٌ واضحٌ، لا يمكن أن يصدر من رئيس دولة يقدّر حسن الجوار على الأقل، حينما علق على ما أعلنته الكويت من كشف شبكة تجسس إيرانية، فقال: ''ماذا يوجد لدى الكويتيين يمكن أن يجعلنا نرغب التجسس عليه؟''.
هذا الاستعلاء والشعور بالقوة ومحاولة بسط الهيمنة سببها التعامل اللين الذي يُفهم خطأ، وسببها تساهل الدول العربية كافة في الاستسلام لهذا الاختراق الإيراني الواضح لمجتمعاتها، أمنيا وفكرياً وسياسياً وإعلاميا، بل وأصبحت قنوات إيران الموجهة للهجوم على قيادات وشعوب دول المجلس، ونشر الأكاذيب والتحريض الواضح، تبثُ عبر قمرين عربيين، وكأن الأمن القومي العربي يأتي في مرتبة تعقب المصالح التجارية.
إن هذا الهجوم على دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتنظيم المؤتمرات لتشويه وتزوير تاريخ هذه الدول يتطلبان من دول المجلس أن تتعامل مع الإعلام على أنه خط المواجهة الأول، عبره يتم كشف الحقائق، وفضح الأكاذيب، وهذا يمكن أن يتحقق عبر تأسيس قناة فضائية متخصصة بكل ما يتعلق بدول المجلس، تحت مسمى ''قناة الخليج العربي الفضائية''، تشرف عليها مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك، وتكون مهمتها الحديث عن دول مجلس التعاون الخليجي وتاريخها وتراثها وإنجازاتها بصوت واحد، لا بأصوات عديدة مشتتة، وأحيانا متنافرة، وهذا ـ إذا ما تحقق ـ سيكون خطوة جيدة في مجال توحيد مواقف دول المجلس تجاه مختلف القضايا والأحداث، والوقوف في وجه التمدد الإيراني داخل المجتمعات العربية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي