وزارة الإسكان.. لتكن نقطة تحوّل
استقبل القطاع العقاري في المملكة العربية السعودية بأطرافه كافة من مستهلك ومطور ومقاول خبر الأمر الملكي الكريم بالدعم المالي وتحويل هيئة الإسكان إلى وزارة مستقلة بتفاؤل شديد وآمال وتوقعات أكبر تضع هذا الكيان التنفيذي في موقع شديد الحساسية ومحط أنظار شرائح المجتمع كافة من مراقبين ومستفيدين ليس فقط لتوقهم لإيجاد حلول جذرية لمشكلة الإسكان في المملكة بل لتطلعهم إلى إحداث نقلة نوعية وتطويرية حقيقية في بناء مجتمعات سكانية حديثة وصحية، فهل سيكون هذا التحويل التنظيمي والإداري وأيضاً المالي فعلاً نقطة تحوّل؟
هل سنشهد نقطة تحوّل نوعي في مشاريع الإسكان من حيث الخروج من زاوية المشاريع الإسكانية التقليدية إلى مفهوم التطوير العقاري/الاجتماعي الشامل الذي تتولد عنه مشاريع عقارية متكاملة الخدمات وضواح سكنية على أعلى المستويات يبرز فيها المزج بين مختلف المنتجات العقارية مثل الأبراج السكنية والفلل المستقلة والمشتركة والأراضي السكنية وكذلك الأراضي التجارية بنظام الاستثمار سواءً التجاري أو المكتبي هذا إضافة إلى المرافق العامة والحدائق والمدارس والمستشفيات ومراكز الأمن والدفاع المدني وخلافه؟ هل سنشهد أمثلة للضواحي السكنية المقفلة أو شبه المقفلة؟ أو سنعيد النظر في إمكانية التوسع الرأسي من خلال المباني متعددة الأدوار ولكن بتصاميم ذكية وخلاقة لرفع الكفاءة والفاعلية في الإنشاء وكذلك خفض تكاليف التطوير وتكاليف إيصال الخدمات العامة والصيانة وكذلك تعزيز الأمن؟ وهل سيراعى المزيج الاجتماعي لقاطني تلك المشاريع بحيث لا يتم التركيز على فئات معينة من المجتمع سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. وهل سيتم اختيار مواقع تلك المشاريع وفق دراسات منهجية تضمن تحقيق الفائدة المرجوة لفترة زمنية طويلة؟
وهل سنشهد نقطة تحوّل في آليات التعامل مع القطاع الخاص في إنجاز أهداف الوزارة وتحويلها من علاقة صاحب مشروع بمقاول أو علاقة تنافسية مع مطور مستثمر إلى علاقة تكاملية تضم كأحد أطرافها المطورين العقاريين وكذلك مؤسسات التمويل العقاري باختلافها؟ وهل ستعمل الوزارة على خلق كيانات اقتصادية بمشاركة أفراد المجتمع من ''المواطنين'' والمؤسسات العامة من خلال السوق المالية سواء في قطاع المقاولات والإنشاء والصيانة أو في قطاعي التطوير والتمويل العقاري لتحقيق هدف ثانوي لا يقل أهمية عن الأهداف الرئيسية للوزارة ألا وهو تحسين دخول الأفراد من المواطنين ومساهمتهم في عوائد الدعم المالي الحكومي لهذا القطاع بشكل عام.
أم سنشهد نقطة تحوّل في أساليب وتقنيات إدارة الموارد المالية المخصصة لهذا القطاع وعدم الاقتصار على الدعم الحكومي المباشر فقط بل خلق موارد مالية مستمرة وثابتة سواء من خلال الاستثمار المباشر للمكونات العقارية التجارية أو من خلال الاستفادة من المنتجات المالية والاستثمارية التي يوفرها القطاع الخاص وخاصة تلك التي تؤسس من خلال السوق المالية مثل صناديق التطوير العقاري ذات العائد الثابت (REIT) والصكوك العقارية طويلة الأمد. وهل سيتم النظر في موضوع التملك ومدى إمكانية تطبيق صكوك الانتفاع (Timeshare) غير محددة المدة؟
هذا المقال المتواضع بما فيه من أفكار مع كثير من المقالات التي صدرت من مهتمين ومختصين بهذا القطاع ما هي إلا تأكيد لأهمية نتائج استراتيجية وخطة عمل الوزارة الجديدة وتأثيرها سلباً أو إيجاباً في أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة وبأسلوب آخر إبرازاً للفرصة المتاحة للوزارة للعب دور فاعل في التنمية إذا ما تحولنا من الدور التنفيذي التقليدي إلى دور أكثر جرأة واحترافية والذي توافرت عناصر نجاحه في ظل الدعم الملكي الكريم اللامحدود.