حوكمة الشركات المساهمة .. الآمال والتطلعات
حوكمة الشركات المساهمة .. الآمال والتطلعات
<a href="mailto:[email protected]">ali_alajlan@yahoo.com</a>
طلبت هيئة السوق المالية مشكورة إبداء الملاحظات والآراء حول مشروع لائحة حوكمة الشركات، وتهدف الحوكمة إلى وضع لائحة لمساءلة الشركات المساهمة ولتحسين أوضاعها والقضاء على الفساد المالي والإداري وكشف التجاوزات والعيوب المهنية والتشغيلية.
وذكر في اللائحة عن حقوق المساهمين أنه يحق لهم طلب الاطلاع على دفاتر الشركة ووثائقها، ونتساءل هنا ما الوسيلة والآلية التي تمكن المساهم من الاطلاع، علما أن بعض الشركات تعلن عن منع الدخول لغير العاملين، وهذا المنع يشمل موظفي الشركة، وهل يتطلب الإطلاع إلى توجيه خطاب إلى مدير عام الشركة لإتاحة الفرصة للاطلاع؟ وكيف يتم التعامل مع الشركة في حالة عدم تمكين المساهم من الاطلاع.
لذا نرجو من الهيئة أن تبحث عن الآلية المناسبة لفرض الاطلاع دون أن تثير أي حساسية للشركة أو لمجلس الإدارة وجعل الاطلاع حقاً للمساهم.
وفيما يتعلق بحق المساهم في مراقبة أعمال مجلس الإدارة أرجو أن ترتقي اللائحة إلى الواقع كيف تتم مراقبة المجلس والمساهم يمنع من الدخول كليا يوم انعقاد المجلس وكيف يستطيع المساهم العادي أن يخترق حواجز الشركة ويصل إلى ترسانة أعضاء مجلس الإدارة وهل المقصود في المراقبة أن تكون من خلال طلب محاضر اجتماعات مجلس الإدارة ولماذا لا تنص اللائحة على تزويد المساهم بصورة من محاضر مجلس الإدارة في حالة طلبها ونتمنى من الهيئة أن توضح للمساهمين عن الآلية التي يتم بموجبها مراقبة أعمال المجالس.
وذكر في اللائحة عن توفير جميع المعلمات وأن يتم تحديثها بطريقة منتظمة ويجب عدم التمييز بين المساهمين فيما يتعلق بتوفير المعلومات وأنا أسأل الهيئة ماهو الجديد إذا كانت المعلومة تصل إلى أشخاص معينين ويستفيدون منها وتتأخر عن باقي المساهمين ويتكبدون الخسائر نتيجة حجبها عنهم وإذا لم تكن هناك ضوابط رادعة للشركة التي تتسرب منها المعلومة وكذلك لكل من تسول له نفسه من الأعضاء أو الموظفين الاستفادة من المعلومة دون باقي المساهمين، ويجب أن تشتمل اللائحة على عقوبات تسريب المعلومات ويجب أن تستعين هيئة السوق المالية ببعض الإدارات الأمنية ومنها المباحث الإدارية في معرفة المتسبب في إفشاء المعلومة حماية للسوق المالية ولخلق الثقة لدى المتعاملين. لذا نأمل العدالة في حصول جميع المتعاملين مع الشركة على المعلومة في وقت واحد وتأكيد مبدأ الفرص المتساوية.
وأجازت اللائحة للمساهمين حق مناقشة الموضوعات المدرجة في جدول أعمال الجمعية، والسؤال الذي يفرض نفسه من يعد جدول الأعمال هل هم المساهمون أم سكرتارية مجلس الإدارة والإدارة وما جدوى مناقشة موضوع موجه حسب رغبة الإدارة؟ ومن المؤكد أن من يعد جدول الأعمال سوف ينسى أو يتناسى أي موضوع يثير التساؤل بل ويتجاهلون عرض أمور مهمة على الجمعية وهي من اختصاص الجمعية لأنها قد تثير تساؤلاً وما نتمناه من الهيئة أن توسع دائرة النقاش في الجمعية العمومية بحيث تتجاوز جدول الأعمال إلى مناقشة بعض أعمال الشركة لتحقيق مبدأ الشفافية ومثل هذا الطرح يجعل أعضاء مجلس الإدارة حساسين تجاه أي تجاوز يحصل في الشركة لإمكانية مناقشتهم عليه في الجمعية العمومية، وفي اعتقادي أن عدم حصر المناقشة في الجمعية بالموضوعات المدرجة على جدول الأعمال سوف يزيد من مستوى الثقة بين المساهمين وأعضاء المجلس ويجعل الشفافية هي الثقافة التي تتعامل بها الشركة في جميع أعمالها.
وتحدثت اللائحة عن حق التصويت لاختيار أعضاء مجلس الإدارة، بداية يجب على الهيئة إعطاء ترشيح الأعضاء اهتماماً خاصاً لأن حسن اختيار الأعضاء يقلل 80 في المائة من مشاكل الشركات ويحسن من مستوى الأداء، وكذلك وضع شروط مهنية للترشيح تبعد قليلي الخبرة أو المتلاعبين من ترشيح أنفسهم ودراسة إمكانية رهن جميع الأسهم المملوكة للمرشح في الشركة من بداية طلبه ترشيح نفسه ومنعه من الشراء والبيع في أسهم الشركة له ولأفراد عائلته خلال فترة عضويته، وبهذا نقضي على ترشيحات المساهمين المؤقتين الذين تزداد أسهمهم خلال الترشيح وأتمنى ألا تتناسى اللائحة حقوق الأقلية في التصويت، وقد نصت بعض قوانين الشركات على أحقية الأقلية (صغار المساهمين) بحيث تراعي احتساب بعض الأصوات من الأقل أسهماً إلى الأكثر لتشجيع صغار المساهمين على التفاعل والحضور والتصويت.
وطالبت اللائحة الشركات أن تضع أنظمة مكتوبة للإفصاح وللتذكير، فقد أصدرت وزارة التجارة والصناعة في عام 2003 ضوابط للإفصاح عن ميزانيات الشركات والتعهد من مجالس الإدارة بالتأكد من صحة المعلومات لتحقيق مبدأ الشفافية.
والسؤال إذا لم تحقق الشركة مبدأ الإفصاح وهو مطلب عام للمساهمين والمستثمرين والمسؤولين باعتباره صادراً من جهة حكومية فكيف نتوقع من شركة تتجاهل جميع هذه المطالب أن تقوم هي في وضع أنظمة للإفصاح، وقد قيل (فاقد الشيء لا يعطيه)، لذا نقترح أن يكون الإفصاح مبدأ عاماً وثقافة جديدة لكل الشركات.
وقد حددت اللائحة في الباب الرابع وظائف مجلس الإدارة الأساسية وذكرت منها عدداً من التوجهات الاستراتيجية، وقد حددت بعض القوانين ( إن على عضو مجلس الإدارة واجبا قانونيا تجاه الشركة ببذل العناية المناسبة في إداراتها ومراقبة نشاطها)، وقسمت بعض القوانين واجبات مجلس الإدارة إلى واجبات إيجابية وواجبات سلبية، أما الواجبات الايجابية فهي القيام بكل عمل وتصرف يخدم مصلحة الشركة، والواجبات السلبية هي الامتناع عن القيام بأي عمل ضار بمصلحة الشركة ومنها:
1 – الامتناع عن التعامل مع الشركة إلا في الأحوال المسموح بها.
2 – الامتناع عن إفشاء أسرار الشركة أو الاستفادة منها.
3 – عدم استغلال المعلومات التي يعرفها بحكم عضويته في الشركة.
4 – الامتناع عن بيع أو شراء أسهم الشركة التي هو عضو فيها طوال مدة عضويته.
وما نعتقد أن من وظائف مجلس الإدارة الواجبات التي يجب أن يؤديها الأعضاء وكذلك المسؤوليات العظيمة التي يجهلها كثير من الأعضاء، وهذه المسؤوليات قد تصل إلى حد المساءلة القانونية ولكيلا تصل إن شاء الله إلى المساءلة القانونية أتمنى من الهيئة أن تعود بذاكرتها إلى التجاوزات التي حصلت في أهم وظائف المجلس من بعض أعضاء المجلس والتي نشرت في بعض الصحف ومنها:
أ – نشرت صحيفة "الاقتصادية" بتاريخ 21/8/2002 عن تجاوزات قام بها أحد رؤساء مجلس إدارة شركة مساهمة ووقفه من قبل مؤسسة النقد لثبوت مضاربته وتدويره سهم الشركة التي يرأسها، وقد ساهم في تضليل المتعاملين في السوق المالية مما دفع السهم إلى الارتفاع غير المبرر وهنا نتساءل بأثر رجعي لمؤسسة النقد ماذا تم بعد ثبوت التضليل والتوقيف من قبل المؤسسة.
ب – نشرت صحيفة "عكاظ" بتاريخ 31/8/2002 عن تشكيل لجنة وزارية تدرس أمر وقف رئيس مجلس إدارة شركة مساهمة وللأسف اجتمعت اللجنة الوزارية واتجهت أعين جميع المساهمين إلى الصحف يوميا علها تجد من اللجنة الوزارية تعويضا ولو معنويا عن الضرر الذي حصل من رئيس المجلس.
ج – نشرت صحيفة "الاقتصادية" بتاريخ 28/2/2003 تصريحاً أدلى به رئيس مجلس إدارة شركة مساهمة عن رفع دعوى من قبل مجلس الإدارة ضد العضو المنتدب المدير العام في الشركة للتجاوزات العديدة التي حصلت من العضو، وذكر عن تقدمهم بشكوى إلى وزير التجارة، وقد نشرت التجاوزات التي قام بها العضو، وفي رأيي أن مسؤولية هذه التجاوزات تقع على رئيس المجلس وجميع الأعضاء.
د – قامت وزارة التجارة والصناعة مشكورة في أكثر من مرة بنشر بعض التجاوزات التي تقوم بها الشركات المساهمة، خاصة كشف المخالفات المالية.
وكان لعمر أعضاء مجلس الإدارة تأصيل قانوني فقد حدد قانون الشركات التجارية الفرنسي (يجب أن تنص أنظمة الشركات على حد أقصى لسن عضوية مجلس الإدارة ينطبق على جميع الأعضاء)، ونصت قوانين أخرى (على أن كل عضو في مجلس إدارة شركة مساهمة تبلغ سنه 70 سنة ميلادية يعتبر متقاعدا في نهاية السنة المالية التي يبلغ فيها هذه السن)، ونظرا لإقبال المملكة على تأسيس شركات جديدة أعتقد أننا في أمس الحاجة إلى تحديد عمر الأعضاء وكذلك تحديد عدد الشركات التي يمكن أن يرشح لعضويتها.
وطلبت اللائحة أن يحدد المجلس الموضوعات التي يحتفظ المجلس بصلاحية البت فيها. لقد أوجبت بعض القوانين الدولية على أعضاء مجلس الإدارة أن يتحققوا من صحة المعلومات والميزانيات التي تقدم لهم قبل صدورها من الشركة، وبمعاينة الأعضاء في الشركات المساهمة أقولها وللأسف إن أكثر أعضاء مجالس الإدارة مغيب تماما إما بإرادته وإما بغيرها عن أي صلاحيات تكون للمجلس، وعضويته هي للوجاهة الاجتماعية، وللأسف هو يجهل أن هذه العضوية المهمل واجباتها ومسؤولياتها وصلاحياتها قد تتسبب عليه في مساءلة قانونية وكثيرا ما قرأنا عن سجن بعض أعضاء مجالس إدارة في أكثر من دولة نتيجة تقصيرهم.
ونتمنى أن نرى لائحة حوكمة الشركات قوية هادفة مطمئنه عادلة في حفظ حقوق المساهمين وفي بسط نفوذ مجلس الإدارة بمهنية واقتدار وكذلك في تحقيق النمو والازدهار لشركاتنا المساهمة.
والله الموفق،،