أبعاد المشكلة السكنية لذوي الدخول المنخفضة

لدى المواطن رب الأسرة اهتمامات في حياته ــ اقتصادية واجتماعية ــ أهمها الأرض والمسكن ويعتبران من التحديات الرئيسية التي يواجهها حاضرا ومستقبلا في ظل النمو السكاني والطلب المتزايد على المسكن، وفي ظل انخفاض أعداد منح الأراضي السكنية من جهة، وارتفاع أسعار الأراضي في المخططات الخاصة، وفي ظل ذلك تحتاج الأسرة السعودية حاليا إلى فيلات من نظام الدوبلكسات التي تتراوح مساحاتها ما بين 250 و350 مترا مربعا، وبالتالي فيجب توفير أراض بمساحات صغيرة وبسداد دفعة مقدمة يسيرة وبأقساط طويلة المدى، ولكن من هي الجهة التي يناط بها إعداد أراض وبيعها على المواطنين بسعر التكلفة؟

ترتكز أبعاد المشكلة الإسكانية لذوي الدخول المنخفضة على ثلاث نقاط:
1. الكمية: حيث إن كمية المساكن المناسبة لحاجاتهم ومتطلباتهم غير كافية.
2. النوعية: نوعية المساكن الموجودة لا تحقق هدف الامتلاك.
3. الاستطاعة: استطاعة هذه الأسر ضعيفة في الحصول على مساكن بالامتلاك أو بالإيجار, حيث إن المعروض لا يتناسب مع قدراتها المالية.

تظهر مشكلة الإسكان في أشكال عدة ومختلفة منها:
- النقص بشكل عام في عدد الوحدات السكنية المتوافرة لسد احتياجات السكان الحالية.
- الزيادة في أعداد الوحدات السكنية الحالية أقل بكثير من كمية الطلب نتيجة الزيادة السكانية.
- يعيش أغلب محدودي الدخل من سكان المدن في مساكن لا يملكونها, ويشكل الإيجار عبئا كبيرا على ميزانيتهم ويحد من قدرتهم على التوفير لشراء مسكن ملائم.

أسباب ومؤشرات الأزمة السكانية:
لم يكن ظهور أزمة السكن ظهورا مفاجئا أو عنوة بل له عوامل اجتماعية وديموغرافية عدة أدت إلى ظهورها وأهم هذه الأسباب:
1. تطور ظاهرة التحضر (Urbanization) التي عرفتها مجتمعات العالم النامي.
2. ظاهرة الهجرة من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية ما أدى إلى زيادة حجم مشكلة السكان في المدن الكبرى.
3. التغير الواضح في بناء الأسرة التقليدية، فتغير من الأسرة الممتدة إلى الأسرة النواة.
4. نمو المجتمعات صناعيا أدى إلى زيادة تعقيد المشكلة الإسكانية.
5. عجز التمويل سواء الحكومي أو الخاص عن تلبية الاحتياجات المتزايدة.

منظور المشكلة من الوجهة الاجتماعية:
يترتب على مشكلة السكان كثير من الآثار، فمن الناحية الاجتماعية تؤثر في حياة أفراد المجتمع، حيث لا يستطيع الشخص وأسرته السكن في المساكن المناسبة، وذلك إما لعدم توافرها لديهم أو لارتفاع إيجارها بشكل لا يمكن الأسرة من أن تسكن فيها، وبالتالي يضطر رب الأسرة وأسرته للسكن في مساكن غير ملائمة من نواح عدة بما فيها الناحية الصحية، فيكون المسكن سببا في انتشار الأمراض والأوبئة بين أفراد المجتمع، وإذا كان السكن غير مقنع ربما يضطر أعضاء الأسرة لمغادرته معظم ساعات اليوم وربما يتسبب ذلك في اختلاطهم برفاق السوء وما يسبب ذلك من مشكلات اجتماعية عديدة.

منظور المشكلة من الوجهة الاقتصادية:
أما الآثار الاقتصادية التي تسببها مشكلة السكن فإنه يترتب على رب الأسرة أن يحاول توفير المسكن المناسب والملائم لأسرته، وهذا يتطلب أن يكون لديه مبلغ من المال أو دخل يكفي لهذا الغرض، وإلا عرض أسرته لتأثير المشكلة، فيضطر للتقتير على أسرته من ناحية الإنفاق عليها والاستغناء عن لوازم أخرى ضرورية وذلك من أجل توفير أو ادخار ما يقدر عليه لتوفير المسكن لتقيم فيه أسرته، وربما يضطر لتشغيل زوجته وأولاده خارج البيت، وهذا بطبيعته له مضار لا يمكن تجاهلها على الأبناء والأسرة، إذ هم في حاجة لرعاية الأم وعنايتها كما أن أولاده في حاجة للتعليم والتربية والاهتمام بشؤون حياتهم.
أما إذا لم يستطع الشخص توفير المسكن الملائم لأسرته، لعدم توافر ذلك من الناحية المالية، فإنه سيضطر للسكن في الأحياء المتخلفة نظرا لقلة الإيجار، وذلك رغم أنها غير مناسبة للسكن المريح الملائم وهنا تكثر المشكلات الاجتماعية للأسرة.

منظور المشكلة من الوجهة النفسية:
تحدث مشكلة السكن آثارا نفسية على أفراد الأسرة فينتشر القلق النفسي بين أفرادها وذلك بسبب أن المشكلة تصبح الشغل الشاغل لهم والهم والتفكير الدائم فيها ليل نهار فيسبب لهم ذلك ضيقا وإزعاجا، وخاصة لأرباب الأسر من ذوي الدخل المحدود في المجتمع، فهم أكثر الفئات تفكيرا في سبل توفير المسكن المطلوب منهم، ما يولد لديهم الشعور بالقلق والألم النفسي، وإذا استمرت المشكلة وتفاقمت فقد يتعرضون لليأس وفقدان الأمل وبالتالي الاضطراب النفسي الذي يقود للانحراف.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي