«وادي حنيفة» من مخطط إلى واقع يصافح الرياض بـ 3 جوائز عالمية
حققت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، عبر مشروع التأهيل البيئي لوادي حنيفة، ثلاث جوائز عالمية منذ أن كان المشروع مخططاً حتى أصبح واقعاً يحتضن مدينة الرياض من شمالها إلى جنوبها بطول يمتد إلى 80 كيلو متراً.
فإلى جانب جائزة الآغا العالمية لعام 2010م التي فاز بها الوادي أخيراً، حقق الوادي جائزة من واحدة من كبرى المراكز المتخصصة في المياه في العالم عام 2003، وحقق جائزة عالمية أخرى من مؤسسة عالمية مختصة في العناية بالمجتمعات الحيوية في لندن 2007، ضمن عدد من برامج التطوير التي تبنتها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض التي حصدت جوائز عالمية.
جائزة مركز المياه 2003
نال المخطط الشامل لتطوير وادي حنيفة، اهتمام وإعجاب كثير من الخبراء والمختصين في مختلف دول العالم عام 1423هـ، مما أهلّه للحصول على جائزة مركز المياه في واشنطن في الولايات المتحدة الأمريكية كأفضل خطة لتطوير مصادر المياه على مستوى العالم لعام 2003م، من بين 75 مشروعا قدمت من 21 دولة.
وتم عرض مخطط تطوير الوادي، في المؤتمر السنوي لمركز المياه الذي عقد في مونتريال في كندا حينها، حيث اعتبرت لجنة التحكيم المكونة من عدد من الخبراء يمثلون مختلف دول العالم، "أن هذا المشروع يمثل بادرة رائدة في المخططات الشاملة"، كما وصف المخطط بأنه "مشروع عالمي يضع معايير عالمية جديدة".
كما أثني في المؤتمر على الرؤية المستقبلية والدقة المتناهية التي اتسم بها المشروع. وطلبت لجنة التنمية المستدامة في الأمم المتحدة عرض المشروع في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، وقام فريق من الهيئة بعرضه في نيويورك.
الجائزة العالمية للمجتمعات الحيوية 2007
كما فاز مشروع الوادي بالمركز الثاني والجائزة الذهبية في جانب المشاريع البيئية في جائزة مؤسسة الجائزة العالمية للمجتمعات الحيوية في لندن في بريطانيا لعام 2007م، من بين مئات المدن من كافة أنحاء العالم.
وتركز هذه الجائزة على إدارة البيئة وإنشاء مجتمعات نشطة مفعمة بالحيوية، وتهدف إلى تطوير ونشر التجارب الناجحة في العالم، وتشجيع نهج أفضل أساليب الممارسة والإبداع والقيادة الرائدة لتحسين نوعية حياة السكان في المجتمعات.
وتمنح الجائزة من قبل مؤسسة الجائزة العالمية للمجتمعات الحيوية، وهي مؤسسة غير ربحية تأسست عام 1997م وتتخذ من مدينة لندن في المملكة المتحدة مقراً لها، وتعمل برعاية برنامج الأمم المتحدة للبيئة UNEP، وتترشح للجائزة المشاريع المنجزة أو التي قيد الإنجاز التابعة للقطاعين العام أو الخاص.
وكان قد رشح لمسابقة الجائزة أكثر من 260 مدينة من كافة أنحاء العالم، ترشح منها للمنافسة النهائية في حقل المدن 39 مدينة، كما رشح في حقل المشاريع بشقيها البيئي والإنشائي 160 مشروعاً ، ترشح منها للمنافسة النهائية على الفوز بالجائزة 29 مشروعاً.
#2#
جائزة آغا خان 2010
وأخيراً فاز مشروع التأهيل البيئي لوادي حنيفة في مدينة الرياض، بجائزة آغا خان العالمية للعمارة لعام 2010م، وتسلم الأمير سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، صباح الأحد 29 ذو الحجة 1431هـ شهادة ودرع الجائزة، خلال استقباله في مكتبه في قصر الحكم، المهندس عبد اللطيف بن عبد الملك آل الشيـخ عضو الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض رئيس مركز المشاريع والتخطيط في الهيئة.
كما أقيم الحفل الرسمي للجائزة برعاية الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر، في متحف الفن الإسلامي في العاصمة القطرية الدوحة، في مساء الأربعاء 18 ذو الحجة 1431هـ، حيث تسلم المهندس عبد اللطيف آل الشيخ الجائزة، التي مثلت اعترافاً وتأكيداً من مؤسسة مهنية دولية على أهمية المشروع ونجاح تجربته.
وتصدر مشروع التأهيل البيئي لوادي حنيفة في مدينة الرياض، المشاريع الخمسة الفائزة بجائزة آغا خان حول العالم، حيث تفرد المشروع بإجماع الهيئة المستقلة للمحكمين لدورة الجائزة في عام 2010م فيما فازت المشاريع الأربعة الأخرى بالأغلبية، وتم انتقاء هذه المشاريع الفائزة من بين 401 مشروعاً تم ترشيحها للجائزة.
وكشفت هيئة المحكمين في الجائزة، أن العنصر الرئيسي في اختيار المشاريع الفائزة، كان التحقق من هوية هذه المشاريع وتعددية وظائفها، وتقاطعها ضمن هذا العالم الذي تزداد فيه بشكل مطرد العولمة، وتمتعها برؤى ثاقبة، تنعكس على أدوارها المهمة في تحسين نوعية البيئة المبنية.
ونوهت هيئة التحكيم في الجائزة، إلى أن مشروع التأهيل البيئي لوادي حنيفة في مدينة الرياض، نجح عبر التخطيط الحساس الواعي للقيم الاجتماعية، والحلول الإبداعية الطبيعية التي تراعي البنية التحتية، في تحويل ظاهرة طبيعية كبرى، من مكان خطير يعج بالنفايات ويمثل ندبة في وجه العاصمة، إلى بيئة بديلة للتنمية الحضرية.
وأعلنت لجنة التحكيم عن منحها الجائزة للمشروع، تقديراً لرؤيته وإصراره على تحقيق البيئة المستدامة، من خلال استخدامه للمناظر الطبيعية كبنية تحتية بيئية، ونجاحه في استعادة وتعزيز قدرة الأنظمة الطبيعية على تقديم خدمات متعددة من بينها تنظيف المياه الملوثة، وتخفيف القوى الطبيعية للفيضانات، ليوفر في نهاية الأمر موئلاً للتنوع البيولوجي الحيوي، ويخلق فرصاً لممارسة نشاطات ترفيهية وتثقيفية وجمالية.
وكانت جائزة الآغا العالمية للعمارة، قد تأسست عام 1397هـ (1977م)، بهدف تشجيع الأفكار الرائدة في مجال العمارة المبنية التي تنجح في التصدي لاحتياجات وطموحات المجتمعات وتسهم في تحسين نوعية الحياة بشكل عام.
وتتشكل هيئة المحكمين للجائزة، من تسعة أعضاء تعينهم لجنة التوجيه لكل دورة من دورات الجائزة التي تقام كل ثلاث سنوات، وتمنح الجائزة لمشاريع البناء ذات التميز العمراني التي تؤثر في البيئة المبنية حولها، سواء كانت من المشاريع المتوسطة أو الصغيرة أو الكبرى.
كما تشجع الجائزة تخطيط المشاريع على المستويات المحلية والإقليمية، مثل المشاريع القائمة في النقل والبنى التحتية، وتطوير هندسة المناظر في المجتمعات الريفية، ومبادرات الإسكان، والمنشآت الصناعية وأماكن العمل، والتجمعات التعليمية والصحية، والبلدات الحديثة، ومشاريع الحفاظ على المناطق الحضرية، وإعادة استخدام المواقع والمنشآت.
المتنزه الطبيعي
الأكبر للعاصمة
ويعتبر مشروع التأهيل البيئي الشامل لوادي حنيفة، بمثابة القاعدة الأساس التي تُبنى عليها بقية المشاريع التطويرية التنفيذية الحكومية والاستثمارية التي تضمنتها خطة الهيئة الاستراتيجية الشاملة لتطوير وادي حنيفة، ليشكل في نهاية الأمر، أكبر متنزه طبيعي يحيط بمعظم أحياء المدينة وضواحيها، ومنطقة جذب واعدة بالفرص الاستثمارية.
ويعمل المشروع على محورين أساسيين:
يرمي الأول إلى إعادة وادي حنيفة إلى وضعه الطبيعي كمصرف لمياه الأمطار والسيول وللمياه دائمة الجريان الواردة إلى الوادي من عدة مصادر من المدينة، وجعل بيئته الطبيعية خالية من الملوثات والمعوقات التي تحول دون إطلاق آليات التعويض الطبيعية في الوادي، وازدهار بيئته النباتية والحيوانية, وإعادة تنسيق المرافق والخدمات القائمة بحيث تتناسب مع بيئته.
يعمل المحور الثاني على توظيف الوادي بعد تأهيله ليكون إحدى المناطق المفتوحة المتاحة لسكان المدينة الملائمة للتنزه الخلوي من خلال إضافة الطرق الملائمة والممرات وبعض التجهيزات الضرورية.
وأثمر مشروع التأهيل البيئي لوادي حنيفة، عن تحسين بيئة الوادي وإعادته إلى وضعه الطبيعي، وإيجاد مصدر استراتيجي للمياه المنقاة للاستخدامات الزراعية والصناعية، وبالتالي الاستفادة من موارد الوادي الطبيعية، وجذب الاستثمارات من القطاعين الخاص والعام في مجالات الزراعة والسياحة والترفيه.
مصرف دائم للمياه
وانطلقت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، من تبنيها لمشروع التأهيل البيئي لوادي حنيفة، من منطلق الأهمية الكبيرة والقيمة الاستراتيجية للوادي، وما واكب الازدهار والنمو العمراني والاقتصادي الذي شهدته مدينة الرياض خلال العقود الماضية، من نشوء ظواهر سلبية أخذت في التراكم على الوادي، تمثّلت في اختلال مناسيب المياه فيه، وتكوّن الحفر في جوانبه، وتوسع الأحياء السكنية في شعابه، فضلاً عن تراكم المخلفات والنفايات في أرجائه، وظهور عدد من الأنشطة الصناعية الملوثة لمياهه. وفي ضوء ذلك، بادرت الهيئة بتبني جملة من الإجراءات والتنظيمات التي تهدف إلى إيقاف المصادر الرئيسية للتدهور في بيئة وادي حنيفة، توّجت بوضع مخطط شامل لتطوير وادي حنيفة وتنفيذ مشروع التأهيل البيئي يهدف إلى إعادة الوادي إلى وضعه الطبيعي كمصرف لمياه الأمطار والسيول، وجعل بيئته الطبيعية خالية من الملوثات والمعوقات، وتوظيفه ليكون إحدى المناطق المفتوحة المتاحة لسكان المدينة.
#3#
نظم معالجة طبيعي
ويشتمل مشروع التأهيل البيئي الذي يمتد من شمال طريق العمارية حتى الحاير جنوبا بطول 80 كيلو متراً، على جملة من الأعمال، من بينها تسوية مجاري المياه، وفق ثلاثة مستويات وهي: مستوى المياه دائمة الجريان عبر قناة مفتوحة للمياه بطول 57 كيلومتراً، ومستوى السيول الموسمية التي تجري في الوادي في مواسم الأمطار, والمستوى الثالث الذي يختص بالفيضانات التي تحدث في الدورات المناخية.
كما تبنى المشروع آلية جديدة لمعالجة المياه الجارية في الوادي، تستند إلى نظام معالجة طبيعي غير كيميائي، يلائم بيئة الوادي، حيث سيمكن هذا النظام من الاستفادة من المياه المصروفة إلى الوادي على مدار العام، عن طريق معالجتها وإعادة استخدامها بشكل آمن في الأغراض الزراعية والصناعية والحضرية، وتم ضمن هذا النظام إنشاء محطة للمعالجة الحيوية للمياه تبلغ مساحتها أكثر من 100 ألف متر مربع، تمتاز بقدرتها العالية على المعالجة لاحتوائها على عدد كبير من الهدارات والخلايا وأنظمة التهوية الكهربائية للمياه.
متطلبات بيئية حساسة
تضمن المشروع إعادة تنسيق المرافق العامة في محيط الوادي، لتحسين وضعها بما يتلاءم ووضعه الجديد ومتطلباته البيئية الحساسة، عن طريق تحويل جميع خطوط المرافق الهوائية إلى خطوط أرضية وتحديد منطقة ممتدة بطول الوادي، تكون ممراً لخطوط المرافق المحلية المارة عبر بطن الوادي.
كما جرى إنشاء طريق للسيارات بطول 43 كيلو متراً ابتداء من سدّ العلب في الدرعية شمالاً إلى طريق المنصورية، وإنشاء 22 جسراً ومعبراً عند تقاطع الطريق مع قنوات المياه، فيما تمتد ممرات المشاة بطول 54 كيلو متراً، في أبرز المناطق البيئية المتوافرة على طول الوادي، وجرى ضمن المشروع غرس آلاف الأشجار الصحراوية في بطن الوادي مثل الطلح والسمر والأثل، كما تم غرس آلاف النخيل والشجيرات المناسبة لبيئة الوادي.
وفي الجانب الترفيهي، تضمن المشروع إنشاء خمسة متنزهات مفتوحة ضمت: متنزه سد العلب، ومتنزه سد وادي حنيفة، ومتنزه السد الحجري، ومتنزه بحيرة المصانع، ومتنزه بحيرة الجزعة، وقد زودت جميعها بالمرافق العامة الضرورية.
وتضمن المشروع أيضاً، خطة لإدارة موارد المياه في الوادي لتحسين نوعية المياه، وتحسين تدفّقها، والتوسع في إعادة استعمالها، لخدمة المدينة والوادي، إلى جانب إعادة الميزان المائي في وادي حنيفة إلى وضعه الطبيعي، ليقوم بدوره الرئيس كمصرف لمياه السيول، وتأمين أخطار السيول والتلوث الوبائي، وإعادة استعمال المياه المصروفة وتوظيفها فـي تنمية الوادي والأغراض الزراعية واحتياجات المدينة.
مخزون استراتيجي من المياه
ويتمثل أحد عناصر خطة إدارة موارد المياه في الوادي، في برنامج مراقبة تدفق المياه ونوعيتها، حيث تقدر كميات المياه التي ستصل إلى وادي حنيفة عام 1440هـ بنحو مليوني متر مكعب في اليوم وفقاً لدراسات الهيئة، وهو ما يسهم في تأمين مصدر ومخزون استراتيجي من المياه بالقرب من المدينة يقدر حجمه بنحو مليون متر من المياه يوميا، للاستفادة منه في الأغراض الصناعية والحضرية داخل المدينة وأثناء الأزمات.كما دعم المشروع الأنشطة الزراعية في معظم أجزاء الوادي من خلال قصر استعمالات الأراضي على هذا النشاط، واعتماد مناطق التصنيف البيئي باعتبار بعض أجزاء الوادي محميات طبيعية، نظرًا لما تحويه من حياة فطرية نادرة، حيث جرى تحديد ثلاث مناطق محمية في منطقة الوادي، تشمل:
محمية وادي الحيسية, التي تقع في أعالي وادي الحيسية جنوب منطقة سدوس وتبلغ مساحتها 130 كيلو مترا مربعا.
محمية أعالي وادي لبن, وتقع في الأجزاء العليا من وادي لبن وتبلغ مساحتها 150 كيلو متراً.
محمية جنوب الحاير وتقع جنوب بلدة الحاير وتبلغ مساحتها نحو 30 كيلو مترا مربعا.
تجانس مع الطبيعة
تضمنت الخطة الشاملة لتطوير الوادي، وضع أنظمة بناء تلائم بيئته العمرانية التاريخية ذات الطابع العمراني المميز، شملت تنظيمات إدارية في مجال الملكيات الخاصة، وضوابط عمرانية لتطوير المواقع التاريخية في الوادي، ومعايير لأعمال الصيانة المباشرة لأعمال التشجير والتنسيق، وفرص الرعاية للوادي، والمشاركة الطوعية من قبل الأفراد والمؤسسات.
وفي الإطار ذاته ، وضعت تصاميم ومواصفات لأسوار المزارع القائمة، وخاصة الأجزاء الظاهرة لمرتادي الوادي، أو المشرفة على بطن الوادي لتحقيق التجانس المطلوب بين عناصر الوادي الطبيعية، كما وضعت ضوابط بيئية توفر الأسس اللازمة للتجدد البيئي وصحة البيئة ونوعية الحياة في وادي حنيفة، لمراقبة وتقييم تأثير التطوير وتلوث الماء والهواء والتربة على البيئة، إضافة إلى زيادة الوعي والثقافة البيئية لدى السكان.
فرص للاستثمار
وبهدف تنظيم برامج التطوير الممكنة التي تستثمر إمكانات الوادي وفق قدراته في السياحة والزراعة والتطوير العمراني الحضري والثقافي، وضعت الهيئة ضوابط ومحددات للتصميم في عملية التطوير لكامل استعمالات الأراضي المصرح بها ضمن حدود وادي حنيفة، بما يتيح للقطاعين الحكومي والخاص، المساهمة في تطوير الموارد البيئية والتراثية والترويحية والمائية في الوادي وفق معايير محددة.
وقد توقعت دراسات الهيئة، أن يجتذب مشروع تأهيل وادي حنيفة، استثمارات من القطاعين الخاص والعام تقدر بـملياري ريال في مجالات الزراعة والسياحة والترفيه، وأعدت حقائب استثمارية للمشاريع الترويحية المزمع طرحها للقطاع الخاص في الوادي، فضلاً عما يسهم فيه المشروع من رفع للقيمة الحضرية للأحياء المحيطة بالوادي بشكل خاص، والمدينة بشكل عام.