الإصلاح الاقتصادي والرقابة المطلوبة على الشركات المساهمة

الإصلاح الاقتصادي والرقابة المطلوبة على الشركات المساهمة

<p><a href="mailto:[email protected]">[email protected]</a></p> اشتملت قوانين الشركات في كثير من الدول على أبواب وفصول عن مراقبة الشركات المساهمة ومجالس إداراتها والإدارة العليا والتنفيذية فيها لحماية حقوق المساهمين وتقليل المخاطر في أسواقها المالية وحماية اقتصادها الوطني من الهزات. وسعى كثير من الدول إلى إيجاد هيئات رقابية لمراقبة أداء الأعمال التي تقوم بها الشركات المساهمة لضمان حسن سير هذه الأعمال وعدم تجاوزاتها للأنظمة والقوانين الصادرة والمنظمة للعلاقة القانونية بين الشركة والجمعية العمومية وأعضاء مجلس الإدارة والمساهمين وحقوق والتزامات كل الأطراف، ولرغبة كثير من المستثمرين في الشركات المساهمة لفرض الرقابة الحكومية على الشركات المساهمة ظهر مصطلح رقابي جديد وهو "حوكمة الشركات"، وأهم مبادئ الحوكمة هو: تيسير النظم والإجراءات الرقابية التي يمكن تطبيقها على الشركات المساهمة، الالتزام بمعايير العرض، الإفصاح، ومكافحة الفساد، وقد أقر صندوق النقد الدولي البرامج الرقابية "حوكمة الشركات"، وطالب الدول النامية مراقبة الشركات المتداولة في الأسواق المالية باعتبارها من الإصلاحات المطلوبة من الصندوق. وكانت الاهتمامات الرقابية في المملكة موجهة لمراقبة القطاع العام والإدارات الحكومية، ولم يكن من ضمن اختصاصاتها مراقبة القطاع الخاص سواء الشركات المساهمة أو الشركات والمؤسسات التجارية عدا الرقابة التي يحددها نظام الشركات، وهي رقابة الجمعية العمومية، إلا أن هذه الرقابة وللأسف يمكن تسميتها الهزيلة، بسبب ضعف الجمعيات العمومية، سيطرة أعضاء مجالس الإدارة على توجيه الجمعية حسب رغبات الأعضاء، وحرمان الأقلية من المساهمين من حقهم المشروع في المشاركة والرقابة. وكان من أهم أسباب انهيار بعض الشركات العالمية ضعف الرقابة على أداء هذه الشركات، عدم تطبيق القوانين الملزمة للرقابة، التهاون في متابعة الإجراءات الرقابية، مجاملة أعضاء مجالس الإدارة، التغاضي عن التجاوزات المهنية والمحاسبية، عدم الالتزام بمعايير العرض، والإفصاح من مكاتب المحاسبين. وقد خطت المملكة خطوات إيجابية في برامج الإصلاح الاقتصادي وكانت محل إعجاب وتقدير من جميع الهيئات والمنظمات العالمية, كان من نتيجتها انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية، وقد أسهم المجلس الاقتصادي الأعلى واللجان الوزارية المنبثقة عنه في صدور عدد من القرارات والتوصيات التي كان لها الأثر الإيجابي في التطورات الاقتصادية التي تعيشها المملكة. وكان من نتائجها أن تمت الموافقة السامية على تأسيس الهيئة العليا للاستثمار، الهيئة العليا للسياحة، هيئة سوق الأوراق المالية، قرار تخصيص 20 مرفقا حكوميا، الموافقة السامية على توصيات اللجنة الوزارية في النظر في الشركات المساهمة، وتشجيع الدمج بين الشركات التي يكون بينها نوع من التماثل والتكامل. وتوجت برامج الإصلاح الاقتصادي بموافقة المقام السامي على إقامة المدن الاقتصادية التي استبشر بها المواطنون خيرا باعتبارها بوابة الانطلاق للعالمية، ورغم قوة اقتصادنا الوطني وقدرة وملاءة المملكة المالية، إلا أن هناك بعض العوائق التي تقف حائلا بيننا وبين بعض الإصلاحات الاقتصادية، منها غياب الأنظمة والتشريعات وقدمها وعدم مواكبتها المتغيرات والمستجدات في العالم ومنها نظام الشركات في المملكة وما تفتقر إليه من مواد ونصوص صريحة لرقابة الشركات عامة والمساهمة خاصة، مما كان سببا في تعثر كثير من الشركات المساهمة واستمرار بعض الشركات في ارتكاب أخطاء متكررة لتأكد المسؤولين فيها من عدم المساءلة والمراقبة، وإذا تتبعنا بعض نشاطات هذه الشركات لا يمكن أن نرى تطورا ملحوظا. كما أن الأوضاع الإدارية متردية جدا وتتجه إلى المحسوبية والشللية وليس لكادرها الإداري قدرة على التجديد أو الإبداع لتطوير الشركة. أما النواحي الإنتاجية أو التشغيلية فهي تعاني كثيرا من ضعف الإنتاج وعدم قدرته على المنافسة، وعدم الاستفادة من الطاقة التشغيلية. وقد طالعتنا إحدى الصحف عن شركة مساهمة تمتلك مصنعا وذكرت أن طاقة المصنع التشغيلية لم يستغل منها إلا 25 في المائة فقط وما نطلبه من المجلس الاقتصادي الأعلى ومن هيئة سوق المال هو دعم وتقوية الرقابة على الشركات المساهمة حماية لاقتصادنا الوطني وخلق الثقة لدى المستثمرين والمساهمين، وذلك من خلال هيئة مستقلة لمراقبة الشركات، منها الشركات المساهمة وتكون هذه الهيئة حكومية وتقدم خدماتها الرقابية لجميع الشركات والمؤسسات العامة والخاصة مقابل رسوم معينة وحسب رأسمال الشركة، وأنا على يقين من أن جميع المؤسسين أو المساهمين في الشركات المحدودة والعائلية والخاصة سيطلبون من مجالس إداراتهم إشراك جهة رقابية محايدة لمراقبة أعمال الشركة وذلك من خلال هيئة رقابة الشركات ويكون في اشتراك أكثر الشركات في المملكة إلى الهيئة المقترحة إضافة نوعية وكمية للهيئة ويكون من ضمن اختصاص الهيئة التحقيق في المخالفات التي تقع من مجلس الإدارة ومن الإدارة العليا في الشركات وتوضيح التجاوزات الإدارية والمالية والفنية والتشغيلية. وقد يعترض هيئة الرقابة بعض الصعوبات العملية مع الشركات لتنفيذها للمهمة الرقابية وتطبيقها للأنظمة والقوانين الرقابية وقيامها بالجولات التفتيشية، إلا أن الأهداف التي أنشئت من أجلها الهيئة تخفف كل الصعوبات، ومن أهم هذه الأهداف إظهار الحقيقة للمستثمرين والمساهمين والملاك عن أحوال شركتهم لتصحيح أوضاعها والقضاء على التجاوزات. وتستمد هيئة مراقبة الشركات أهميتها من الخدمات المتعددة التي تقدمها، منها: 1- الرقابة تسهم في تخفيض النفقات الإدارية والتشغيلية للشركات. 2- تسهم في الحد من خسائر بعض الشركات وتحويلها إلى الربحية. 3- تسهم في تحسين أداء الشركات وتطويرها. 4- الرقابة تسهم في التدقيق في ترشيح أعضاء مجالس الإدارة وتوضيح إذا وجدت مصالح مشتركة بين العضو والشركة. 5- الرقابة تقوي من مركز الشركة المالي وتزيد من ثقة المتعاملين. 6- الرقابة تسهم في زيادة عدد الشركات المساهمة. 7- الرقابة توجد فرصا استثمارية جديدة وتشجع المستثمرين على توظيف رؤوس أموالهم محليا. ونتمنى أن تكون الرقابة على الشركات من اهتمامات المجلس الاقتصادي الأعلى، وزارة التجارة والصناعة، وهيئة السوق المالية. والله الموفق.
إنشرها

أضف تعليق