المشهد الأخير.. 120ساعة بين فرحة اللقاء ومرارة الرحيل

المشهد الأخير.. 120ساعة بين فرحة اللقاء ومرارة الرحيل

رسمت تعابير الحزن في المشهد الأخير لقصة الرحيل، خيوط النهاية في جنبات العاصمة المقدسة، وتحولت إلى تمازجات بين الألم والفرح، مخلفةً وراءها قصصاً اختلفت أحداثها في اللحظات الأخيرة من قصة عنوانها ''الوشائج الإيمانية'' من صعيد مكة. لواعج الفراق التي هزت قلوب الملايين، كان أبطالها أكثر من 160 ألفاً، تركوا أهليهم وذويهم، وتوجهوا زرافاتٍ وركبانا، بغية خدمة ضيوف وفدوا إلى مكة، هم ضيوف الرحمن، الذين سعدت بجمعهم كتاتيب الآلاف المجندة والمدربة منذ قص شريط الافتتاح وحتى إسدال الستار الأخير. يقول الحاج بدر الهاجري، ذو الـ 40 ربيعاً من دولة الإمارات المتحدة، إن ما يجري على الحجاج في المشاعر من خشوع وما يعتريهم من انكسار وخضوع عند رؤية تلك المشاهد العظام تفوق كل وصف وتترجم كل إحساس، وبينت أيضاً العاطفة التي كانت تتأجج في صدور الحجاج، وكيف كانوا على أتم استعداد لبيع أرواحهم وأموالهم في سبيل رؤية مرابع الطهر والقداسة، ومغاني السعادة والسيادة وتصور كيف كان الحاج ينسى كل تعبه عند رؤية مكة أو المدينة، وكيف كان يقبل على تلك المقدسات باكياً مستغفراً، متطهراً تائباً، مما كان له أعظم الأثر في بقاء سلطان الدين في النفوس، وبقاء التصورات الإيمانية العقدية حية في الأذهان والقلوب، وما يخفف من وطأة تلك المشاعر الفياضة هو حرارة الوداع عند السعوديين. وليس بعيداً عن تلك الدموع التي انسابت من وجنتي الهاجري، يقول النقيب فهد الثقفي، أحد القيادات المروية الأمنية في ''عزيزية مكة'' العيد الأكبر لدى المسلمين هو الحج، وعيدنا الأكبر كأمنيين هو خدمتهم والسهر على راحتهم، وتجنيد طاقاتنا، وكوادرنا، لحمايتهم، حتى إن كان الثمن أرواحنا التي نقدمها في سبيل راحتهم، ولو فاضت المشاعر فهي بسبب قصة الوداع التي نعيش مشهدها الأخير. هند باعلي، ممرضة سعودية في مستشفى بالجمرات، عللت وجودها بالمشاعر بأنه تلبية للنداء الرباني لخدمة الضيوف، وأن واجبها الديني والوطني يحتم عليها أن تركز جهودها، في النظر إلى الحاج على أنه ضيف الرحمن، وأن من الآداب أيضا عند قدوم مواكبه أن ننظر إلى الحاج على أنه ضيف الرحمن فهو في بلده قبل أن يذهب، تنحسر في ذلك كل الألقاب ولكن بمجرد دخوله في هذا الوفد المبارك، يستشعر نفحات الخير، ويلبس ثياب الإحرام، ويتشرف بضيافة الرحمن.
إنشرها

أضف تعليق