«منى» مدينة الخيام المتطورة تودع ضيوفها وتحكي قصة التنمية الحضارية

«منى» مدينة الخيام المتطورة  تودع ضيوفها وتحكي قصة التنمية الحضارية
«منى» مدينة الخيام المتطورة  تودع ضيوفها وتحكي قصة التنمية الحضارية

تبدأ مساء اليوم المدينة البيضاء في توديع النسبة العظمى من حجاج بيت الله الحرام الذين سيرمون الجمرات متعجلين في مسيرة جماعية حاشدة متضرعين بالدعاء شكرا لله عز وجل على أداء النسك خالصا لوجهه، تلهث ألسنتهم بالشكر الجزيل لحكومة خادم الحرمين الشريفين على تسخير كل الإمكانيات والخدمات الراقية التي وفرتها لحجاج بيت الله الحرام, ومنظومة الخدمات التي اختص بها مشعر منى بوصفه الحاضن الأول لجموع الحجاج الذين بلغ عددهم أكثر من مليونين ونصف المليون حاج.
من الخيام التقليدية إلى الخيام المطورة المجهزة ضد الحرائق قصة طويلة في مقاومة عناصر المفاجأة كالحريق مثلا، والتي انتهت تماما بعد مشروع الخيام المطورة المقاومة للحريق التي بدأ العمل فيها بعد دراسات مكثفة ليقع الاختيار على استخدام الخيام المصنعة من الأنسجة الزجاجية المغطاة بالتفلون غير القابلة للاشتعال، والتي لا تتصاعد منها أبخرة سامة أو مؤذية.

#2#

تم تنفيذ المشروع على ثلاث مراحل انتهت في سنة 2000 م .. المشروع على مساحة 200 مليون متر مربع من مساحة منى بتكلفة إجمالية بلغت اكثر من 206 مليارات ريال، وتصل الطاقة الاستيعابية للخيام إلى نحو مليون وثلاثمائة ألف حاج.
وتقوم وزارة الحج من خلال اللجان الموسمية المتخصصة بتوزيع مساحة الخيام المطورة ما بين مؤسسات الطوافة وحجاج الداخل آخذة في الاعتبار أعداد الحجاج لكل مؤسسة.
ويأتي تصميم الخيام الجديدة وفق نموذج نمطي 8 في 8 مع تجميع كل ثماني خيام في شكل مجموعة نمطية. ليكون ملائما للطابع الإسلامي ومماثلا للشكل التقليدي، حيث جرى تقسيم المساحات إلى مجموعات تحتوي على عدة مخيمات تحدها أسوار وترتبط مع بعضها بعضا بواسطة ممرات متناسبة.
وزود المشروع بشبكة متكاملة لمياه إطفاء الحريق في كافة أنحاء منى، بالإضافة إلى المرافق والخدمات والتسهيلات اللازمة، كما أنشئت دورات المياه في وسط كل مخيم وخصصت خيمة عند المدخل لمؤسسة الطوافة وبجوارها وضعت تجهيزات توزيع الطاقة الكهربائية كما زودت الخيام بكشافات للإنارة الليلية والمكيفات الصحراوية ومقابس للطاقة الكهربائية ورشاشات للمياه تعمل تلقائيا وأجهزة إنذار وطفايات الحريق وخصصت مواقع لجمع النفايات.
وتضمن المشروع تطوير نظرية أمنية بأربعة مستويات تضمن بمشيئة الله استحالة حدوث الحرائق وتجنب أضرارها الفادحة، وتشتمل النظرية على إقامة مخارج مياه لإطفاء الحريق على جوانب ومسار كل الطرق والشوارع كل 90 مترا بخراطيم بطول 120 مترا مما يسهل لرجال الإطفاء مهمتهم ويعفيهم من استعمال سيارات الانطفاء والأجهزة التابعة، كما تم كذلك تأمين صنبور حريق مزود بخرطوم للإطفاء داخل كل خيمة متصل بالمياه ليمكن استعماله بواسطة عامة الناس, وفوق ذلك تمت إقامة شبكة إطفاء ذاتي بالرشاشات ذات الحساسية الحرارية داخل كل خيمة وكذلك توفير طفايات حريق يدوية داخل كل خيمة.
ولم يغب عن الحسبان ما قد ينتج عن العواصف الممطرة حيث صممت الخيام بحيث لا تتسرب مياه الأمطار إلى داخلها على أن تستخدم الممرات فيما بين الخيام لتجميع المياه ودفعها للطرق أو الشوارع المجاورة, وسيتم إنشاء مشروع لتصريف السيول في منى الأعوام القادمة. وأنشئ أكثر من 60 ألف قاعدة خرسانية لتثبيت الخيام الجديدة بها لمقاومة أعتى العواصف.
لقد أصبحت المدينة البيضاء إيقونة حضارية ذات ملامح تنموية من خلال المشاريع التي اخترقتها, وما منشأة الجمرات التي قضت على التدافع وطوت صفحات من التكدس ومشروع القطار إلا شواهد حية على عبقرية هذه المشاريع التي اختصرت الكثير من الجهد والعناء والتعب, وتخطو لجعل مكة المكرمة مدينة حضارية تستوعب مليوني حاج في أيام محددة.

الأكثر قراءة