وكيل إمارة مكة: خالد الفيصل يتحوَّل في الحج إلى غرفة عمليات متحركة

وكيل إمارة مكة: خالد الفيصل يتحوَّل في الحج إلى غرفة عمليات متحركة
وكيل إمارة مكة: خالد الفيصل يتحوَّل في الحج إلى غرفة عمليات متحركة
وكيل إمارة مكة: خالد الفيصل يتحوَّل في الحج إلى غرفة عمليات متحركة
وكيل إمارة مكة: خالد الفيصل يتحوَّل في الحج إلى غرفة عمليات متحركة
وكيل إمارة مكة: خالد الفيصل يتحوَّل في الحج إلى غرفة عمليات متحركة
وكيل إمارة مكة: خالد الفيصل يتحوَّل في الحج إلى غرفة عمليات متحركة

ما زلت أتذكر مقولة الدكتور عبد العزيز الخضيري وكيل إمارة منطقة مكة المكرّمة ورئيس اللجنتين التحضيرية والتنفيذية لأعمال الحج عندما صدر قرار تعيينه في منصبه الحالي: «إن العمل مع أمير منطقة مكة المكرّمة الأمير خالد الفيصل طموح كل باحث عن النجاح والتميز»، فبعد نحو ثلاثة أعوام برهن الخضيري على صحة هذه المقولة، حيث أصبحت منطقة مكة المكرّمة اليوم محط إعجاب الجميع من خلال الرؤية الشمولية والاستراتيجية التي أعلنها الأمير خالد الفيصل لتصبح مكة من أجمل مدن العالم، عُرف عن الخضيري وضوح المواقف والحزم فيها، بالأمس شاهدناه بين جموع الحجيج متنقلا بين المشاعر ومتفقدا الجهات العاملة ومحفزا زملاءه في اللجنة التنفيذية حاملا دفتره الذي لا يفارقه لتدوين الملاحظات والسلبيات وراصدا عبر عدسات الكاميرا الشخصية التي يحرص على حملها في جولاته الميدانية القصور في مهام لجنته.. يؤمن وكيل إمارة منطقة مكة المكرّمة بأن الإنسان الراغب في التطوير والإصلاح والتغيير لا بد أن يكون مكشوفا للآخرين ما يعرّضه للنقد ويجعله تحت مجهر الرقيب ثم المحاسبة. ويؤكد الخضيري أن الأمير خالد الفيصل يتحول في الحج إلى غرفة عمليات متحركة ولا يتمتع إلا بلحظات بسيطة من النوم، حيث يحمل همّ تخطيط المشاعر المقدسة في المستقبل وإمكانية زيادة الطاقة الاستيعابية للمشاعر لتحقيق الراحة للحجاج. ويشير رئيس اللجنتين التحضيرية والتنفيذية في موضع آخر إلى أن أكثر من 25 فريق عمل ميدانيا مرتبط باللجنة التنفيذية يعمل على مدار ثلاثة أشهر، مشيرا إلى أن الجهود موجهة لتطوير الأداء من أجل خدمة ضيوف الرحمن والعمل بروح الفريق الواحد وليس تصيد الأخطاء.
“الاقتصادية” رافقت وكيل إمارة منطقة مكة المكرّمة في جولة ميدانية وخرجت بعديد من التصورات والخطط التي يحملها أمير منطقة مكة المكرّمة، لتحويل الحج إلى رحلة ميسّرة لضيوف الرحمن. وتابع الدكتور الخضيري: “إن كل ثانية هي تحد حقيقي تنمويا وإداريا، وربما تحد تشوبه محاولات بعض المحبطين - على حد قوله “الذين يسعون إلى إيقاف عجلة التنمية والإصلاح” فكان لنا هذا الحوار من المشاعر المقدسة:

#2#

في البداية نود أن نتعرف وأنت ترأس اللجنتين التحضيرية والتنفيذية لأعمال الحج كيف يدار الحج؟
هناك لجنة عليا يرأسها النائب الثاني وزير الداخلية، وهي ممثلة من جميع الوزراء وتتولى رسم السياسات العامة لمتطلبات الحج وما يحتاج إليه من أنظمة وإجراءات ومن ترتيبات وتأهيل وتدريب، وهناك لجنة مركزية يرأسها أمير منطقة مكة المكرّمة، ومهمتها ترجمة كل ما يصل إليها من توصيات من لجنة الحج العليا وترفع لها كل ما يردها من تقارير ومن ملاحظات، وكل ما يتطلب موافقة من المقام السامي أو من مجلس الوزراء أو من الجهات ذات العلاقة، وتأتي بعد ذلك لجنة الحج التنفيذية، ومهمتها الرئيسة تنفيذ القرارات التي تصدر من لجنة الحج العليا ولجنة الحج المركزية وتتابع التنفيذ على أرض الواقع وتتابع تقييم التنفيذ وتتواصل مع مختلف الجهات التي تعمل في مجال الحج، وحتى نحقق فائدة كبيرة في اللجنة التنفيذية رأينا أن يكون هناك لجنة تحضيرية ومهمتها جمع كل الجهات العاملة وتوحيد جهودهم وخلق روح الفريق الواحد بينهم، ويستطيع كل فرد من هذه الجهات وهذه اللجان معرفة متطلبات ودور وعمل الجهة الأخرى، حتى يتوافر لدى الجميع الإلمام بدور الآخرين وبمسؤولياتهم المحددة، وبالتالي نخرج عن الرؤية الضيقة التي تتمثل في النظر من خرم الباب، لكن من أبرز الأهداف أن يعمل الجميع بروح تكاملية، ويرتبط في عمل اللجنة التنفيذية لأعمال الحج أكثر من 25 فريق عمل ميدانيا، وترتكز مهامهم في دراسة كل ما يتعلق بالإسكان والمرافق والخدمات والتغذية وأسعار المواد الغذائية ومستوى صلاحيتها وكل ما يتعلق بالشؤون الصحية من مستشفيات ومستوصفات وصيدليات والمختبرات والبلديات والمياه والكهرباء، كل هذه المرافق توجد فرق عمل خاصة ممثلة من جميع الجهات ومهمتها الرئيسة هي الجولات الميدانية على مختلف المواقع في مكة والمشاعر المقدسة في منى ومزدلفة وعرفات تتابع فيها كل خدمات المرافق سالفة الذكر، ومن ثم ترفع ملاحظاتها اليومية، أما فيما يتعلق باللجنة التنفيذية فتبدأ عملها الفعلي من أول ذي القعدة وحتى نهاية المحرم، وتعمل على مدار ثلاثة أشهر وتستقبل المعلومات والملاحظات الأولية في الحج وتتابع تنفيذ القرارات الصادرة ثم ترفع في نهاية موسم الحج تقريرا متكاملا إلى أمير المنطقة عن السلبيات والإيجابيات والمقترحات التي يمكن الاستفادة منها في حج العام المقبل.

#3#

هل هناك لجنة محايدة تتولى تقييم هذه اللجان كافة؟
دورنا هو التقييم وهناك جهات لها مسؤوليات فيما يتعلق بهذا الخصوص مثل هيئة الرقابة والتحقيق وديوان المراقبة العامة ، وهناك جهات رقابة أخرى تعمل في الحج، لكن دورنا أستطيع أن أصفه بالرقابي، ولكن المهم ـ وهو ما نحاول بثه وغرسه كمفهوم شامل خلال السنوات الماضية ـ ليس تصيد الأخطاء، ولكن الهدف هو معرفة المشكلات والعمل بروح الفريق الواحد لمعالجة هذه المشكلات، حتى لا يكون العمل فرديا واستشهد بمثال بسيط وهو ما حصل في أحد مواقع مؤسسات الطوافة عندما واجهتهم مشكلة في وصول الماء للمخيم، ولو تركنا الخيار قائما لجهة فردية لم تستطع العمل وحدها، لكن قمنا بدعوة جميع الأطراف المعنية من الشؤون البلدية ووزارة الحج ووزارة المياه وبحضور قائد قوة أمن الحج وقائد قوة الدفاع المدني وخلال ساعات بسيطة تم حل المشكلة، وربما كانت تحتاج إلى أيام لحلها، لكنها روح الفريق الواحد الذي عمل مع بعضه البعض دون انتظار مكاتبات أو غيرها وكل عضو في اللجنة التنفيذية هو صاحب قرار ولديه القدرة على أن ينفذ الأمر بشكل عاجل.

#4#

عندما يقع خطأ في عمل أي جهة لديها مهمة في الحج؟ ما آلية اللجنة في ذلك؟
الأخطاء أو النقص في الخدمات أكثر من نوع، إما بضعف إمكانات أو تقدير خاطئ في اتخاذ قرار أو عدم اهتمام وعدم مبالاة، وهناك بعض الأشخاص يعتقدون أن الأمور ستمضي دون أن يتم بذل الجهد الكافي لذلك ودون أن يشارك في فعالية هذه الجهود وهذا ليس صحيحا، إذا لم تتابع كل ما يحدث ميدانيا فلن تتم معالجة الأمور، ولهذا السبب نسعى إلى توفير الدعم إذا ما واجهنا نقصا ما، على سبيل المثال واجهتنا مشكلة مع أحد المقاولين المنفذين لمشروع في الإدارة المركزية المسؤولة عن تجهيز بعض المواقع البديلة التي يمر بها قطار المشاعر وصادف أن يكون هناك نقص في عدد العمالة لمقاول المشروع فاستعنا بوزارة المياه وأمانة العاصمة المقدسة لتوفير النقص ودعم المقاول بعمالة تساعد على سرعة الإنجاز، كذلك تمت الاستعانة بقوة أمن الحج لتأمين دوريات تساعد على وصول الأمانة بسرعة عالية إلى الموقع، تفاديا للزحام الطبيعي الذي يحدث خلال الموسم، هناك أربع إلى خمس جهات عملت في روح تكاملية وتفاعلية في هذه القضية وعالجت النقص في هذا الجانب، هناك بعض الأخطاء حصلت نتيجة قرارات اجتهادية، وهذه يتم رصدها ونقاشها لبحث الحلول بشأنها ويعمل فريق استشاري على تقديم الحلول حيالها بروح الجماعة، أما في جوانب التقصير فهذه يتم الرفع بها والمحاسبة عليها على أعلى المستويات، وهناك قضايا تم التحقيق فيها وأدين فيها أشخاص وحوسبوا على عدم الأداء بالشكل السليم نتيجة الإهمال المقصود.

#5#

تدخل حملة (الحج عبادة وسلوك حضاري) عامها الثالث، ما تقييمكم لها حتى الآن من خلال زرع ثقافة جديدة لضيوف الرحمن، ولعله من الملاحظ انسيابية الحركة بعد منع المركبات لأقل من 25 راكبا؟
الحملة تأتي في منظور استراتيجية تنموية متكاملة الأركان بناء للإنسان وتنمية للمكان لمنطقة مكة المكرمة، وهذه الاستراتيجية بنيت على ما تم اعتماده من استراتيجيات وطنية سواء الاستراتيجية العمرانية أو الصناعية أو التعليمية أو ما تم اعتماده من خطط خمسية، هذه كلها انصبت في استراتيجية توضح الصورة التي يجب أن تكون عليها مكة المكرمة خلال السنوات المقبلة، ومن أدوات تنفيذ هذه الاستراتيجية هي حملة (الحج عبادة وسلوك حضاري)، ونحن لا نختلف على أن الحج عبادة ونسك، لكن يقع السلوك الحضاري خلف ذلك، ويجب أن يكون بارزا للعالم أجمع. ولكي نصل لهذا البروز لا بد أن نعالج الظواهر السلبية التي تصاحب الحج ومنها الحجاج غير النظاميين ومنع مركبات أقل من 25 راكبا و شركات الحج الوهمية وهو قائم معالجته خلال الأعوام الماضية ثم سنأتي خلال السنوات المقبلة إلى مشكلة النظافة والبحث عن أدوات قادرة على التعامل مع العدد البشري الضخم في فترة زمنية قصيرة جدا. بمعنى أن كل مشعر من المشاعر المقدسة يحتاج إلى سرعة عالية في التنظيف، وهذا هو توجه وحرص أمير المنطقة نحو الطريقة المثلى لإيجاد أدوات وآليات سريعة لذلك، وهناك تنسيق مع أمانة العاصمة المقدسة لتقديم دراسة متعمقة عن كيفية التخلص من النفايات وفق منظومة تخطيطية متكاملة وتنموية, رسالة الحج عبادة وسلوك بدأت تؤتي ثمارها والإعلام وجولاته المختلفة كان خير شاهد، وقد جاء منع المركبات لأقل من 25 راكبا أمرا جيدا وانخفضت بشكل كبير المركبات من هذا النوع، لكن ما زال هناك بعض المخالفات والتجاوزات، إلا هناك نظام ويحميه عقاب رادع وهذا العقاب سيطبق على كل مخالف يتحمل مسؤولية مخالفته. وهناك رصد دقيق للمخالفين ومركباتهم ونأمل أن تكون المشاعر خلال السنة المقبلة أكثر تطورا وأمانا واستيعابا وتقديرا لأنظمة الحج مكانا وإنسانا.

هل لديكم تقديرات من الجهات الأمنية عن عدد المركبات (أقل من 25 راكبا) المخالفة التي تسللت وخالفت ودخلت المشاعر المقدسة؟
هذه الأعداد لن نستطيع حصرها إلا بعد الحج وسنعرفها بالتفصيل، وهناك حصر دقيق لها ومعرفتها ونوعياتها، وهناك توجه لإعادة دراسة استخدام السيارات الصغيرة في الخدمات، وكما نلاحظ هناك عدد كبير من السيارات التي تعمل لخدمة الحجاج من مختلف القطاعات، وسيتم ابتكار بدائل لها، وقد يتم تطبيق هذا المقترح العام المقبل أو الذي يليه بعد خروج نتائج الدراسة عن أفضل السبل والتوجهات.

لاحظنا وجود أعداد كبيرة صرفت هذا العام لهم تصاريح الخدمات والأمير خالد الفيصل أعلن العام الماضي وجود 18 ألف سيارة خدمة، وسنهبط بهذا العدد خلال هذا العام؟ هل لديكم إحصائية لهذا العام؟
هذا العام انخفض العدد وفق دراسات معينة، وهناك بعض الجهات الحكومية استقطبت نوعيات صغيرة من السيارات التي لا تتسبب في الازدحام ولا تخلف أثرا بيئيا سيئا ولمسنا إيجابيات معينة لكن حتى اللحظة لم نخرج بتصور أكثر تطورا ويواكب طموحات الجميع في توفير بدائل لسيارات الخدمات أو وسائل انتقال الخدمات، وفي القريب العاجل سيتم إعداد دراسة بهذا الخصوص، نحن نحقق جهودا مميزة فيما يتعلق بموضوع النظافة والإسكان وسيتم خلال الأعوام المقبلة الحد من المركبات أقل من 25 راكبا وسنرتفع إلى 50 راكبا أو أكثر مع استخدام تقنيات جديدة في وسائل النقل.

ركزت الحملة أيضا على الحجاج المتسربين.. هل لديكم تقديرات هذا الموسم عن أعدادهم؟
نعم. لدينا دراسات يشرف عليها معهد خادم الحرمين لأبحاث الحج ومصلحة الإحصاءات العامة، وهناك رصد لمستخدمي جسر الجمرات، وهذه كلها ستبرز بعد نهاية الحج أعداد الحجاج النظاميين من الداخل والخارج ونسبة المخالفين، وسيكون هناك حزم أكثر في تنفيذ الأنظمة وتطبيقها لمنع المخالفين بعد أن نعالج أسباب إصرار البعض منهم على مخالفة الأنظمة والحج بلا تصريح. الجانب الآخر، أن المؤشرات تدل على أن عدد الحجاج غير النظاميين في انحسار وهبوط عن العام الماضي، لكن سننتظر عندما تخرج الإحصاءات الدقيقة الأكثر وضوحا.

#6#

كيف رصدتم أثناء تواجدكم في مشعري عرفات ومزدلفة تنقلات الحجيج؟
يظل التواجد الميداني تجربة ناجحة والاستفادة من وسائل التقنية الحديثة والطائرات التي تتولى المسح البصري تحت قاعدة (يرى الحاضر ما لا يرى الغائب)، وكان عدد الحجاج مخيفا جدا وفاق كل التوقعات وما زلنا نرصد حتى اللحظة، لكن هناك انسجاما بديعا بين جميع الحجاج القادمين إلى مكة، ونحن نتحدث عن 181 دولة بلغات مختلفة وثقافات متباينة وأعمار يغلب عليها العمر الكبير، إلا أن بينهم الأريحية والتعاون وروح المساعدة، وما نحتاج إليه فقط هو أن نبث بينهم بعض السلوكيات التي ندعو إليها ولاحظنا انخفاض نسبة النظافة، حيث كان حجم النفايات التي تصدر عن الحجاج عاليا جدا ولها أسباب وقد نكون نحن المنظمين جزءا من السبب ويتحمل الحاج جزءا آخر، ونحن الآن ندرس بعناية أين الخلل بالنسبة لنا كمسؤولين في أسلوب النظافة وفي نوعية توفير المواد الغذائية التي تقدم، حيث رصدنا تزايد في الكميات عن العدد المحدود فيضطر الحاج إلى رميها، وهذه الآن تدرس بعناية وهذه من جملة المشاهدات الشخصية ولاحظت وجبات غذائية ترمى بالكامل مما يوزع من المحسنين على الحجاج. هذه الأمور تدرس فعليا حتى نخرج بحلول عملية من واقع الميدان ومن التجارب العالمية الناجحة في دول العالم ومن التوجهات التي تنسجم مع هذا العدد البشري العالي.

هل لدى إمارة منطقة مكة المكرمة توجُّه لوضع خطة طويلة المدى لمواسم الحج من خلال تصور مستقبلي لما ستكون عليه المشاعر المقدسة خلال السنوات المقبلة؟
كما هو معلوم أن هناك هيئة تطوير مكة المكرمة والمشاعر المقدسة يرأسها أمير المنطقة ويشارك في عضويتها عدد من الوزراء، وهذه الهيئة مسؤولة عن تطوير كل سنتيمتر في مدينة مكة (الإنسان والمكان)، بمعنى أن هناك خطة وهناك رؤية وتجسيدا حيا لما يجب أن تكون عليه الصورة الكاملة لمكة المكرمة، لقد حددنا ماذا نريد وكيف نحقق ذلك وضعنا خطة عشرية نتابع فيها كل عام ماذا أنجزنا على أرض الواقع وما المعوقات وما المشاريع التي أنجزت وما المشاريع المعتمدة و المتأخر تنفيذها والمتوقفة وما المشاريع المطلوبة التي لم تعتمد، وتكونت لدينا رؤية كاملة بذلك، ولدينا إدارة عامة ضمن وكالة الإمارة المساعدة للتنمية لمتابعة تنفيذ المشاريع، ولمتابعة تقييم الأداء، ولدينا دراسة متكاملة لمراقبة أداء المشاريع من خلال كاميرات رصد ومراقبة مرتبطة بأمير المنطقة مباشرة لنتأكد من تنفيذ هذه المشاريع بشكل دقيق، كل هذه الأمور هي منظومة تنموية شاملة للخروج بصناعة حقيقية لما أسميه (صناعة الحج).

شكل أمير المنطقة لجنة لمتابعة الفساد الإداري في المنطقة هل رصدتم ارتفاعا في هذه الظاهرة؟
تشكيل اللجنة امتداد لرؤية خادم الحرمين الشريفين بإنشاء هيئة لمحاربة الفساد، ومجتمعنا مثل أي المجتمعات الأخرى لا يخلو من الفساد داخل المؤسسات الحكومية أو القطاع الخاص أو بقية القطاعات، وهذه اللجنة التي شكلت هي تفعيل لهذا الأمر، وهناك توجيه من سمو النائب الثاني بضرورة تحمل إمارات المناطق مسؤولية متابعة مختلف هذه القضايا وتتبع المخالفين، ودائما معروف عن الأمير خالد الفيصل أنه صاحب المبادرات فكان الهدف الأساسي هو تفعيل دور الأجهزة الرقابية ومساعدة من يرغب في النجاح وأداء العمل، وأن يجد اليد التي تمتد له وتساعده. و اليوم أكبر مشكلة تواجهنا هي (مثلث برمودا) أي ما معناه (لا تعمل حتى لا تخطئ حتى لا تحاسب) والآن أصبح لدينا منهج "اعمل واخطأ ولن نحاسبك إذا كان مقصدك التغيير والإصلاح"، لا بد أن نقول للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت، يجب ألا تعوقنا الرقابة السلبية ومحاولة تصيد الأخطاء عن العمل الناجح المبدع، لا بد أن نقول للمبدع استمر في الإبداع ونمنحه المساحة ليحسن التحرك فيها وإذا أخطأ فعلينا أن نساعده ونصلح من أخطأه، أحيانا يكون الفساد بوجود الشخص في مكتبه ولا يعمل، الآن لا يوجد ما ينقصنا أبدا الرؤية موجودة والإرادة هي المنطلق والإدارة الحازمة موجودة والإمكانات المالية موجودة وقيادة تدعوك إلى التطوير، إذن ليس أمامنا إلا العمل.

انطلق قطار المشاعر هذا العام كيف تقرأون أولى مراحله التجريبية وانعكاسه على حركة الحجاج السريعة بين المشاعر؟
سأختصر لك كل المفردات وبناء على تجربة ميدانية (هذا شيء يبهج القلب) وما كان أكثرنا تفاؤلا يتوقع في يوم من الأيام أن يرى قطار الحجاج بانضباطية متميزة وبمؤشرات فاقت كل التوقعات، وعدد من استخدم القطار كان عاليا جدا. قرأنا هذا العدد من عرفات وقرأنا العدد الضخم وهم يغادرون من المحطة التي تقع مقابل جسر الجمرات وانتقالهم لجسر الجمرات، وقرأنا العدد الضخم الذين رموا من الدور الرابع الذي أصبح يوازي قدرة الدور الأرضي في استيعابه للرماة والمرغوب من أكثر الحجاج، أعتقد أن القطار بات نقلة حضارية فيما يتعلق بسهولة الحركة والتنقل من عرفة إلى مزدلفة في حدود خمس دقائق ومن مزدلفة إلى منى في حدود عشر دقائق أو أقل بيسر وسهولة وبإمكانات ممتازة وهذا يوازي الترددية، وهذا العام نفذت الترددية الثالثة لحجاج إيران وحجاج دول إفريقيا غير العربية وأعطت نتائج ممتازة في سهولة التدفق والانتقال، ولم يتجاوز الوقت بين مزدلفة وعرفات عشر دقائق، بينما كان الوقت يستغرق نحو خمس أو ست ساعات خلال الأعوام الماضية، هذه الأمور كلها مؤشرات أثبتت الجهود التكاملية بين النقل والإعاشة والإسكان لتوفير منظومة تنموية تدعمها إدارة للحشود بأنظمة وضوابط لتؤكد أن الحج أصبح نظاما كاملا.

لاحظنا أداء الحملة بشكل فاعل لكن هناك مقيمون ومواطنون داخل مكة لا يلتزمون أبدا بذلك وطالبت دراسة بإلزام الكفلاء بالحرص على عمالتهم بالتقيد بالأنظمة ولاحظنا توجه أغلب العمالة يوم التاسع لأداء فريضة الحج؟
هذا الأمر مرصود، وهناك دراسة تقوم بها لجنة الحج المركزية من خلال لجنة الحج التحضيرية بالتعاون مع معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج لدراسة هذه الظاهرة، وهناك مجموعة من المقترحات التي سترى النور قريبا للتعامل مع ظاهرة الحجاج غير النظاميين، ومنهم من يأتون لمكة قبل الحج أو المقيمون في مكة، وهذه ستكون فيها نتائج إيجابية تعالجها كظاهرة وكمشكلة وتوجد الحلول أيضا لمعالجتها وتنظيمها، وأؤكد أن الهدف من وضع نظام في الحج هو لمساعدة الحجاج على أداء فريضة الحج وليس التضييق عليهم أو منعهم من الحج، ولكن لا بد من وجود معايير تحكم عملية الوصول إلى مكة والانتقال داخل المشاعر والسكن، ولا يرضى أي مواطن في مكة أن يرى الحاج نائما على رصيف أو بجوار حاوية نظافة، لذلك سعت الحملة إلى وضع أطر وغرس مفاهيم، ونحن بين التوعية مع وجود الأنظمة وتطبيقها في منع المخالفات التي تسيء إلينا جميعا

أيضا لاحظنا وجود ضغط على مداخل مكة وأعلنت الجوازات أن هناك أكثر من 70 ألفا أعيدوا وتم القبض على خمسة آلاف مهرب لكن السؤال لماذا لا يمنع المخالف قبل الوصول إلى مداخل مكة؟
أعتقد أن الصورة أوسع من هذا بكثير، هناك تنسيق مع إمارات المناطق والحملة تقريبا قامت بتغطية المملكة وليس فقط في مكة، والرصد يتم قبل وصولهم إلى المواقيت ويتم إرجاع البعض، وعمل ما يسمى بالفلترة إلى أن يصلوا إلى النقطة الأخيرة، ولكن يجب أن ننظر إلى طرق التسلل، فمنطقة مكة والمشاعر ليست مناطق مسورة، وهناك حجاج يتحدون النظام بذلك، ولكن مع وجود الرغبة الصادقة والحازمة من قيادة الوطن في تعقب المخالفين ودور الأجهزة التنفيذية ورجال الأمن في المنافذ ووجود الجزاءات والعقوبات والضوابط، وقد تم إيقاف أكثر من خمسة آلاف سيارة وعن تغريم المخالف بخمسة آلاف ريال وإبعاد غير السعوديين كل هذا يؤكد أن هناك معالجة حقيقية، من خلال محورين هما التوعية وتطبيق الأنظمة، وإذا نجحت التوعية سيخف العقاب وسينتشر الوعي وإذا لم تصل فتطبيق الأنظمة سيكون أكثر حزما، ولدي قناعة قوية بأن المقيم والمواطن سيستوعبان أن النظام إذا طبق سيكون تطبيقه أكثر قوة وأكثر حزما.

بحكم قربك من أمير المنطقة ما الفكر الذي يحمله الأمير خالد الفيصل لتطوير منهجية الحج وكيف يتابع مراحل الحج المختلفة؟
الأمير خالد الفيصل بطبيعته رجل ميداني وتجده متواجدا في جولاته المختلفة في مكة وفي منى وفي عرفات، ويتولى متابعة كل التقارير اللحظية عن كل ما يدور في الحج التي ترد من غرفة التحكم وترفع له بشكل لحظي، كما يحرص على الاجتماعات الدورية مع المسؤولين، وأذكر في عشية انتقالنا من عرفات إلى مزدلفة رأينا مع الأمير خالد الفيصل حجم الكثافة البشرية الهائلة وارتسمت على ملامحه بعض الهموم، وكان يمسك بقلم الرصاص ويكتب على ورقة بيضاء فظننا أنه يمر بحالة من حالات الإبداع الذهني، إذ من المعلوم أن الأمير لديه ملكة الرسم، إضافة إلى صفاته الإدارية الحازمة، وعلق أحد الجالسين بقوله إن الأمير قد يرسم أحدا منا لنكتشف أن الأمير خالد الفيصل يأخذ آراءنا في رسمه لتصور كيف يمكن أن يكون تخطيط المشاعر المقدسة في المستقبل وإمكانية زيادة الطاقة الاستيعابية لمساكن الحجاج وكيفية تحقيق مكان راق ونظيف لكل حاج بديلا للافتراش في الشوارع وكيف يوفر المرافق المهمة للحاج، مع توفير ممرات للمشاة وإيجاد أماكن لإسكانهم ومواقع لدورات المياه ضمن هذه المواقع السكانية وحركة الحافلات وعلاقتها بالسكان المقيمين في المناطق ، وكيف يمكن عمل آلية لما يقدمه المحسنون من مواد غذائية إلى هؤلاء الحجاج، وألمح الأمير في المؤتمر الخاص بالحملة أن على رجال الخير أن يوجهوا صدقاتهم إلى الحجاج المحتاجين في مواقعهم، وفعلا هناك استجابة عالية من عدد كبير من المحسنين، كان الأمير خالد يرسم هذه الصورة التي يعدها انطلاقا لتخطيط متطور متكامل واستعان فيه بكل الكفاءات الواعية لمفهوم الحركة والإسكان والنقل، وكان على اتصالات متعددة مع خادم الحرمين الشريفين وولي العهد والنائب الثاني من المشاعر لطمأنتهم على جميع مراحل الحج مثل يوم التروية والتصعيد إلى عرفات والنفرة منه إلى مزدلفة ثم الرمي، بمعنى أن الأمير خالد هو غرفة عمليات متحركة لا يتمتع إلا بلحظات بسيطة من النوم وتجده في مكتبه من الصباح إلى ما بعد منتصف الليل وما يميزه أنه بالإمكان الوصول إليه في أي لحظة، ويؤمن بتفويض الصلاحيات ويكون داعما للقرارات، وإذا وجد لديك القدرة على اتخاذ القرار فإنه يتولى التحفيز دائما وبالمشورة وبالرأي عندما تحتاج إليها، وقد ينبه بطريقة ترفع من العطاء ولا تسبب الإحباط، وكل العاملين بجوار الأمير خالد الفيصل يشعرون بالأمان الإداري والقدرة على التطوير.

كيف ترى الجولات الميدانية في العمل؟ وهل ترى أنها أفضل الحلول لمعالجة السلبيات من خلال رصد الملاحظات ومعالجتها؟
بوصفي رئيسا للجنة التنفيذية لأعمال الحج أعتقد أن دورها الرئيس هو أن ترى على الطبيعة ولا تنتظر أن تقرأ التقارير أو تنظر للصور، لا بد أن تبدأ أولا خطوة النزول إلى الميدان، وأنا أؤمن بهذه الطبيعة الخاضعة لطبيعتي التي لا تحب إلا التواجد في الميدان لأن ذلك يسهل قراءة المشكلة والتفكير في الحل من خلال جميع الزوايا والتواصل مع الناس، ربما الأمر يعود لنزعتي الإعلامية التي تدفعني لأن أتحرك بكاميراتي الخاصة التلفزيونية والفوتوغرافية وبدفتري الصغير الذي أدون فيه كل ملاحظاتي لأبتعد بذلك عن التخزين الذهني والمشافهة حتى لا أنسى الحدث أو الفكرة ، كل هذا يساعد على توثيق التجربة ويساعد على إيجاد نوع من الألفة بين العاملين في فريق الميدان ويشعرون بأن رئيسهم يعايشهم في موقع الحدث ولا ينتظر على المكتب تقريرا أو ما شابه ذلك، وأنا أؤكد لك أن معايشة الزملاء في الميدان لها أثر إيجابي كبير لأنك تقيس مدى معاناتهم وتستطيع أن تقدم بعض التسهيلات التي ترفع من قدرتهم على العمل والعطاء، الوجود في الميدان يعطي فريق العمل الطمأنينة ويوفر التنسيق الفوري الذي قد يختصر خمسة أشهر من المكاتبات.

تحدثتم عن متابعتكم لأعمال الحج عن طريق الإنترنت؟ أين وصلتم بخصوص التقنية في أعمال الحج؟ وهل هناك توجه لدى الإمارة ليصبح الحج إلكترونيا؟
سأعود لمقولة خالد الفيصل وأمنيته التي بدأت ترى النور وهي أن تكون مدينة مكة المدينة الأذكى عالميا، كان هناك لقاء موسع مع محافظ هيئة الاتصالات وفريق عمل كبير جدا من برنامج (يسر)، وشركة العلم لوضع برنامج تقني متكامل سميناه الخريطة الرقمية لمكة المكرمة (المدينة والمنطقة) وبدأنا فعليا في مكة، ودرسنا المنطقة المركزية والمشاعر، وعن إمكانية جعل مكة مدينة ذكية، وبدأنا نمارس هذا العمل بشكل قوي، ومن الملحوظ أن حملة الحج عبادة وسلوك ترعاها شركة موبايلي كشركة اتصالات رائدة، والهدف من ذلك هو استخدام التقنيات الحديثة في التواصل والاتصال من خلال الشركات العاملة في هذا المجال، وما زلنا في بداية الطريق كما يقول الإخوة الأكاديميون (101 المدخل إلى علم التقنية) مع الاستفادة من كل التجارب العالمية والإقليمية والمحلية ولن نبدأ من الصفر، لكن سنبدأ من حيث انتهى الآخرون في كل أنواع التقنية، وهناك توجه كبير في ذلك ونمتلك نظم المراقبة الإلكترونية والكاميرات الراصدة في كل مكان في مكة والمشاعر المقدسة ووسائل الاتصال المختلفة وكل موظفي إمارة منطقة مكة المكرمة مرتبطون فيما بينهم بأجهزة البلاك بيري في التواصل ونقل المعلومة، وما زلنا نضع أنفسنا في أولى المراحل لمفهوم الحكومة الإلكترونية الحقيقية.

ما أبرز التحديات التي تواجه إمارة منطقة مكة المكرمة ؟
كل ثانية هي تحد حقيقي وتنموي وإداري، وربما تحد تشوبه محاولات من بعض المحبطين بكل أسف الذين لا يؤمنون بالتطوير، لأن ذلك يخترقهم ويخترق مصالحهم ويقضي عليها، وهؤلاء من كل الفئات وتجدهم يسعون ليل نهار لإبراز سلبيات كل ما يعمل في كل المجالات، وهذه الفئة منهم سعوديون وغير سعوديين ذوو إقامات نظامية وغير نظامية يحاولون بشتى الوسائل أن يوقفوا عجلة التنمية والإصلاح بعد أن أرهبهم وأعجزهم وأزعجهم وجود إدارة لمحاربة الفساد، وجود إدارة لمتابعة تنفيذ المشاريع وتقويم الأداء ووجود إدارة لتنفيذ الأحكام هذه هي التحديات التي قد تجعل الفرد في صراع يومي مع هذه الفئة التي تحاول أن تعطل عملية الانطلاق، وتحاول أن تشوه العمل والصورة ولدى الفرد من هذه الفئة القدرة على أن يكذب وينقل المعلومة الكاذبة ويحرك القلوب المريضة ويحاول أن يستغل ما نسميهم بالغوغائيين، والبعض منهم قد يستخدم الدين كتقية لتحقيق أهدافه إذا ما اعتقد أن الرسالة الدينية قد توصله وأغراضه الشريرة، ومن الجميل بحكم أننا جزء من وزارة الداخلية أن نكشف مثل هؤلاء حتى من تخفى منهم بالأسماء المستعارة وليس هذا الأمر خافيا على الجميع، وأطمئن الجميع أن صورة مكة المستقبل واضحة، وهي ما يجب أن تكون عليه والمسار الذي يجب أن نكون عليه ودعم القيادة السخي لجميع قطاعات الدولة، وأجدها فرصة أن أشكر سماحة مفتي عام المملكة الوالد الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ على اللفتة الكريمة في خطبة يوم عرفة إلى جهود الأمير خالد الفيصل، وذكر ذلك بالاسم، ورسالة تقدير من سماحته أمام الملأ للجهود التى يقدمها سموه من أجل ضيوف الله - سبحانه وتعالى.

ختاما كيف تقرؤون دور الإعلام في نقل شعائر الحج؟
أعتقد أنه من الجهل في هذا الوقت أن نخفي شيئا ما، وأعتقد أن العالم أصبح قرية واحدة، ونحمد الله على أن الإعلام السعودي إعلام رصين ولديه القدرة على نقل المعلومة الصادقة والحقيقية ولا ينقاد خلف الغوغائيين، وغير قابل للاختراق فهو لا يسيء إلى أحد، وأنا عشت تجربة 20 عاما بجوار الإعلام وجدت أنني أقرأ الخبر بكل طمأنينة ليتولد لدي اليقين بأن الخبر انطلق من رؤية ومن قناعة ومن صناعة مهنية، ويظل الإعلام إحدى السلطات الأربع المؤثرة في تشكيل الرأي العام، ولديه مسؤولية كبيرة تقتضي ألا يبحث عن السلبيات وأن يبحث عن الإنجاز تحت قاعدة من لا يشكر الناس لا يشكر الله، وألا يغيب الملاحظات حتى يستطيع القارئ والمحلل عند قراءة التحليل الخبري أن يجد نافذة للتفكير وهنا يصبح الإعلام شريكا في تقديم الحلول.

الأكثر قراءة