رابعا: تفكيك الشركة
<p><a href="mailto:[email protected]">alahmed@naseej.com</a></p>
أستاذ الطيران المساعد - كلية الملك فيصل الجوية
في الحلقات الثلاث الأولى من هذه السلسلة استعرضنا الخطوات الأولى التي يجب اتخاذها أولا لإنقاذ الخطوط السعودية، تأتي في المرتبة الأولى مشكلة الترهل الكبير في القوى البشرية مقارنة بما يجب عليه للتناسب مع حجم الأعمال من واقع عمليات الخطوط السعودية. ثم تأتي بعد ذلك مشكلة الأسطول الحالي الذي يعاني معظمه من التقادم والبعض الآخر من سوء الفاعلية. ونظرا لأن إعادة هيكلة وتجديد الأسطول ستستغرق سنوات عطفا على ازدهار صناعة النقل الجوي والطلب الشديد على الطائرات وتأخر مواعيد تسليمها، فإن مشكلة الترهل البشري ستبقى عائقا أمام تخصيص الشركة وتقديمها كنموذج تجاري رابح للقطاع الخاص. العقبة الثالثة تتمثل في الخصوصية التي تميز الخطوط السعودية مقارنة بجميع شركات الخطوط الجوية في دول العالم أجمع، وهي كينونتها في النظام الإداري العام، تلك الكينونة التي تعوق أشد ما تعوق بعامل المرونة واتخاذ القرار الذي يميز شركات الخطوط الجوية الحديثة، فعلى سبيل المثال، نرى في الشركات المجاورة تجديدا مستمرا وشراء متلاحقا لطائرات عملاقة من خلال شراكات تمويلية مع القطاع الخاص أو إصدار صكوك أو تأجير، بينما الإدارة السابقة قضت عقدا من الزمن وتمخضت عن شراء فقط للطائرات الإقليمية الصغيرة التي تعادل قيمتها جميعا طائرة عملاقة واحدة. الغريب في الأمر والذي بدوره يجسد مشكلة الكينونة، أن بعض مصارفنا - وكونها في الاقتصاد الأكبر في المنطقة ـ استثمرت في تمويل الطائرات للشركات المجاورة! لذا فإن القطاع الخاص في النهاية يريد شركة تجارية حرة ومستقلة وترتبط تشريعيا فقط بهيئة الطيران المدني التي بدورها لها ارتباط بمنظومة مؤسسات الدولة بما يتناسب مع طبيعتها. المشكلة الرابعة تتمثل في تركيبة الخطوط السعودية وأعمالها المختلفة. وكانت الشركات المتخصصة التي أشرفت على المرحلة (الطويلة) للتخصيص قد أتت ببعض تلك الحلول التي تتمثل في تفكيك الخطوط السعودية إلى شركات مستقلة منها ما هو للشحن الجوي وللنقل الدولي والنقل الداخلي وشركة للرحلات الحكومية وأخرى للتموين وهكذا. تفكيك الخطوط السعودية إلى شركات تجارية مستقلة وذات أعمال مختلفة سيؤدي إلى شفافية أكبر ويزيل الضبابية التي تتمثل في صعوبة التعرف على مصروفات وإيرادات الخطوط السعودية حاليا. أهم شركة يجب أن يبادر إلى تكوينها الآن شركة مستقلة للشحن الجوي، التي ستكون الأكثر ربحية من بين تلك الشركات أجمع. أعمال الشحن الجوي هي جملة من الأعمال التي تخلفت فيها الخطوط السعودية وتركتها للشركات المجاورة وخاصة شركة سكاي - جروب Sky Group الشركة لشقيقة لطيران الإمارات. والحقيقة أن دبي بما تميزت به من إدارة حديثة شفافة وعدل تنظيمي وسرعة في الإجراءات قد تملكت جزءا كبيرا من أعمال تجارة المنطقة وما عالم العقار الظاهر للعيان إلا واحد من تلك الأعمال. صناعة اللوجستية في جبل علي تمثل بوابة واردات وصادرات لدول الخليج والمملكة بصورة خاصة كونها السوق الأكبر. شركة سكاي - جروب شحنت العام الماضي أكثر من مليون طن بعائدات تجاوزت مليار دولار بينما شحنت "السعودية" (ذات السوق الأكبر) 300 ألف طن فقط. هذه الأرقام تغني عن ذكر مقارنة بين الطرفين في أسطول طائرات الشحن أو الأنظمة الإدارية الحديثة التي جعلت السوق السعودية تبتعد ما أتيح لها عن منافذ السعودية البرية والجوية والبحرية.