د. المطرودي يودع الدنيا بحياة مليئة بالحب والعمل الإسلامي الحافل
رغم مشاغله - رحمه الله تعالى - إلا أنه كان محباً للخير والسعي فيه، حريصاً على نفع الناس وقضاء حوائجهم ليلاً ونهاراً، حضراً وسفراً «وقد وقفت على ذلك شخصياً» ولا أخفيكم أنه طلب مني إعداد شفاعة لأحد الشباب لمعالي نائب وزير التعليم العالي، وشفاعة في سداد دين امرأة على أن أقابله يوم السبت لتوقيع الشفاعتين، رحمه الله تعالى رحمة واسعة - وبإذن الله - سأسعى في إيصالها لمن كتبتا له وأخبره برغبته - رحمه الله - في الشفاعة في ذلك قبل وفاته.
كانت وفاة الدكتور عبد الرحمن المطرودي وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد صباح الجمعة الماضي فجيعة لكل من عرفوه وأحبوه، والفقيد له جهود دعوية مميزة وعديد من المؤلفات المتنوعة النافعة، إضافة إلى تمتعه بالسمعة الطيبة والعلاقات المميزة في الداخل والخارج، ومشاركاته في كثير من المؤتمرات الدولية والإسلامية. «الاقتصادية» تغوص في جوانب من حياة الفقيد وتستعرض سيرته الذاتية وتعرض عددا من مآثره على لسان من زاملوه في وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد.
يقول ابن عمه عبد الله المطرودي: كان الفقيد - رحمه الله تعالى - محباً للقراءة والاطلاع، مما مكنه من الإلمام باللغة العربية وعلوم الشريعة، وكذلك بالأنظمة الداخلية والدولية، بجانب إلمامه باللغة الإنجليزية تحدثًا وكتابة، لذا كان عازمًا على تهيئة مكتبة كبيرة في مزرعته والتقاعد من العمل والتفرغ للقراءة والبحث العلمي، وقد ذكر لي - رحمه الله - رغبته تلك من فترة قريبة.
كما كان له اهتمام بالدعوة إلى الله من مختلف جوانبها داخل المملكة وخارجها، وكان يسهم بشكل مباشر أو غير مباشر في كثير من الأعمال الدعوية وتسهيل أمورها وتقويمها وتسديدها وإعانة القائمين عليها بكل ما يخدمها.
#3#
كان منشغلاً بمهام وواجبات وظيفته الرسمية، إضافة إلى انشغاله واهتمامه بأمور وحوائج الآخرين.
وكان يحرص على زرع الثقة في نفوس من أمامه، ويقوم بأعماله بكل عزيمة ونشاط وهمة عالية، فقد كان أول من يحضر لمكتبه وآخر من يخرج بل إنه لم يعتد الخروج قبل غيره، وكان حريصاً ألا يخرج حتى ينهي كل ما لديه من أعمال، فقد كان ينجز معاملات اليوم في يومها ولا يؤخرها للغد، بل كان ينجز أعمال الغد في هذا اليوم، وكل ذلك بدون ملل ولا ضجر؛ بل يجد في ذلك متعته وبغيته من أجل إنجاز المعاملات ومصالح الناس.
المسؤولون بوزارة الشؤون الإسلامية
كما تحدث عدد من المسؤولين بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ممن زاملوه في الوزارة عن الفقيد الدكتور عبد الرحمن بن سليمان المطرودي وكيل الوزارة لشؤون الأوقاف الذي وافته المنية يوم الجمعة الماضي، بعد حياة أفناها في خدمة العمل الخيري من خلال مسؤوليته عن شؤون الأوقاف في الوزارة.
بداية ننقل كلمة وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ التي ألقاها في مصلى الوزارة عن مآثر الفقيد، حيث قال إن الدكتور عبد الرحمن المطرودي - رحمه الله - يعتبر من خيرة الرجال الذين عملوا معه في الوزارة، وقد كان متفانيا في أداء عمله وحرصه على القيام بعمله بالشكل الذي يرضي ربه، ومضى يتحدث عن الفقيد وكان متأثرا كثيرا لدرجة أنه لم يستطع إكمال كلمته، وقال آل الشيخ: إننا لا نزال نعيش صدمة رحيل عبد الرحمن، ولا سيما أن وفاته كانت فجيعة بالنسبة للجميع.
#5#
الله يحسن العزاء
ويعبر الدكتور محمد التركي ـ عضو مجلس الشورى عن حزنه الشديد على وفاته ويقول: الله يحسن العزاء ويجبر المصاب ويعظم الأجر في مصابنا الجلل وفاجعتنا الهائلة في فقد أبي مرام .. وما أدراك ما أبا مرام .. هو بلا مبالغة أنموذج حق لتميز الخلق وعلو الأمانة وصدق الديانة .. ولا نزكي على ربنا أحدا .. وما عسى أن يبلغ قلم مهما أوتي من إيفاء أبي مرام قليلا من حق وصف نبل تميزه الذي به أذهل كل من عرفه وأحرج من تعامل معه وأسر قلوب أحبابه وأتعب الناس بعده. ويضيف: إنها وربي فاجعة هونت كل الفواجع اعتصرت قلوبنا وأذهبت عقولنا وضاقت بها رحاب الدنيا حتى لكأنما هي أصغر من ثقب إبرة وجعلتنا نهيم في فضاء فراغ هائل .. لكنا لا نقول إلا ما يرضي ربنا؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
#4#
هذا الرجل الفاضل
من جانبه، يقول وكيل الوزارة لشؤون الأوقاف المكلف خالد بن عبد الله العبد اللطيف، لقد تشرفت وغيري من الزملاء بالعمل مع هذا الرجل الفاضل وتحت إدارته فكان نعم المربي ونعم الموجه، دمث الأخلاق، حسن التعامل، واسع الإدراك، ذي حلم كبير وأناة، لا يعتد برأيه، مستمعا لكل ناصح، فطنا متغافلا، لا يعرف للجاجة مسلكاً ولا للمناكفة سبيلاً، هيناً ليناً، يده ممدودة بالخير للجميع، طلق المحيا نقي السريرة، منكراً لحظوظ نفسه، جم التواضع، لا سبيل يفتح للخير إلا سبق إليه، رحيماً بالضعفاء والمساكين باذلاً جاهه لمن احتاجه من ذوي الحاجات، باراً بوالديه، متزعماً الصلح في حل الخلافات في محيط عائلته وأسرته وأحبته ساعياً لتقريب وجهات النظر وحل الخلافات، وكان له تقدير عظيم وإجلال من الجميع وتقدم التنازلات من الأطراف إجلالا وتقديراً له.
عرفه الجميع بتلك الصفات وأحبوه، حيث أنزل الله محبته في قلوب عباده، يشهد له كل من عمل معه على أمانته ونزاهته وحرصه الشديد على أمانة الأوقاف التي حملها باقتدار كان الأول في الحضور والآخر في المغادرة متحملاً ما يعهد إليه به ولاة الأمر من أعباء ومسؤوليات لما خبروه فيه من نصح وإخلاص وسداد رأي وحكمة لا نظير لها.
إن ما حظي به شيخنا حين حياته من محبة وتقدير من لدن شيخنا الوزير الشيخ صالح بن محمد آل الشيخ يدفعني لأن أقترح عليه تخصيص أحد المواقع المميزة المخصصة لبناء المساجد لإقامة جامع كبير بكل مرافقه التعليمية، والدعوية، وقاعة للمحاضرات العامة تحمل اسم الفقيد الراحل تخليداً لذكراه، وليجري أجرها له - بإذن الله.
#6#
وختاماً لا نقول إلا ما يرضى الرب (إنا لله وإنا إليه راجعون)
في السياق ذاته، يقول المدير العام للعلاقات العامة سلمان بن محمد العمري الذي زامل الفقيد في وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد منذ سنوات: ماذا عساي أن أقول عن هذا الفقيد - رحمه الله -، عن أمانته وإخلاصه؟ أم عن بره بوالديه وصلة أرحامه؟ أم عن تواضعه وإنسانيته مع زملائه في العمل وبساطته؟ أم عن حمله لهم الدعوة؟ ويضيف: في يوم الوفاة كان له حديثاً صحفياً عن الآمال الجديدة المنعقدة على هيئة الأوقاف الجديدة، مع مجموعة من المختصين، وقد علمت أنه أحد المرشحين لتولي رئاسة الهيئة بترشيح من الوزير، وما أصدق قول الشاعر ابن عثيمين - رحمه الله تعالى -:
نؤمل آمالاً ونرجو نتاجها وحبل الردى مما نرجيه أقرب
ويستعيد العمري الماضي عند بداية تأسيس وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في عام 1414هـ، فيقول: كان الدكتور عبد الرحمن المطرودي، وكاتب هذه السطور، أحد عشرة موظفين استقطبهم الدكتور عبد الله التركي من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، للعمل في هذه الوزارة الجديدة، فعمل وكيلاً مساعداً للشؤون الإسلامية، ثم وكيلاً للوزارة لشؤون الأوقاف، فكان نعم الأمين، والرجل المخلص لدينه ووطنه، كان قدوة للموظفين في كل خصلة حميدة، حضوره للعمل في أول الوقت ولا ينصرف إلا بعد صلاة العصر، لا يغلب المصلحة الفردية على المصلحة العامة، ينزل الناس منازلهم، يقدر كبيرهم، ويتواضع مع صغيرهم، دائم الابتسامة والبشاشة، مع الجد في العمل، لا يعرف الكلل ولا الملل. وحين شغرت وظيفة وكيل الوزارة للمطبوعات والبحث العلمي بانتقال زميلنا الدكتور محمد التركي لمجلس الشورى، كلفه الوزير - حفظه الله - بهذه الوكالة، إلى جانب إدارته لوكالة الوزارة لشؤون الأوقاف.
ويضيف أنه له أعمال عديدة اشتركت فيها معه، ولجان داخلية وخارجية، زادت على الـ 30 رحلة في بريطانيا، والأرجنتين، والدنمارك، وإندونيسيا، والمغرب، والمجر، وبلجيكا، وجنوب إفريقيا، وإسبانيا، وألبانيا، والسنغال، وغيرها .. ومعظم مناطق المملكة، وكان رئيساً للجان التحضيرية لملتقيات خادم الحرمين الشريفين في عدد من الدول، ورئيساً لفريق العمل في مشاريع الأوقاف، وكان في قمة العطاء والتضحية، يباشر أعماله في هذه اللجان حتى ساعات متأخرة من الليل، ثم تجده في الصباح الباكر أول المتقدمين لصفوف العمل.
لا يتسلم أي مكافأة
ومن جهته، تحدث المهندس صالح بن أحمد الأحيدب المستشار في مكتب الوزير الوكيل المساعد لشؤون الأوقاف سابقاً بقوله: بحكم قربي من الشيخ الدكتور عبد الرحمن المطرودي له وملازمته فـي العمل فإنني أحفظ له مواقف منها أنه لا يتسلم أي مكافأة أو بدلات إذا تعذر صرفها من ميزانية الوزارة، وأصبح لا مجال لصرفها إلا من غلال الأوقاف وقلة قليلة من العاملين معه يدري عن ذلك، كما أنه كان يعتذر عن تسلم أي سلفه تتعلق بتكاليف الضيافة لمكتبه مع أنها نظامية فكان يصرف على الضيافة من جيبه الخاص... - رحمك الله يا عبد الرحمن... ثم هل مثل عبد الرحمن الذي ما جلس معه أحد مجلساً واحداً إلا قام وهو يحمل الانطباع أنه كان مع رجل كبير بتواضعه ودماثة خلقه، ثم هو بعد ذلك رجل سيماه النصح والإخلاص فـيما يبديه من آراء بعيداً عن المصلحة الذاتية، وفـي هذا الباب تختزن الذاكرة له مواقف أشهد له بها عند الله وعند خلقه، وهذه صفة عزيزة فـي مثل زماننا، وهي لديه متأصلة تصدر عنه ديانة لله فـيما أحسبه، ويمتد هذا النصح ليصبغ تعاطيه مع العمل الوظيفـي الذي أسند إليه فـي محطات عمله المختلفة فـي جامعة الإمام أو فـي وزارة الشؤون الإسلامية، وكان آخرها عمله وكيلاً للوزارة لشؤون الأوقاف منذ ذي الحجة 1416هـ حتى يوم رحيله عن دنيانا الفانية وانتقاله إلى جوار الكريم المنان.
المشاركات العلمية في مجال الأوقاف:
- رئيس اللجنة التحضيرية لملتقيات خادم الحرمين الشريفين التي نظمتها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في ست دول خارج المملكة.
- مؤتمر الإسلام والغرب - بريطانيا.
- المؤتمر الإسلامي - موسكو.
- ندوة علمية بعنوان: «المكتبات الوقفية في المملكة العربية السعودية» في المدينة المنورة خلال المدة من 25 - 27 محرم 1420هـ.
- ندوة علمية بعنوان: «مكانة الوقف وأثره في الدعوة والتنمية» في مكة المكرمة خلال المدة من 18 - 20 شوال 1420هـ.
- ندوة علمية بعنوان: «الوقف في الشريعة الإسلامية» في الرياض خلال المدة من 12 - 10 محرم 1423هـ.
- ندوة علمية بعنوان: «الوقف والقضاء» في الرياض خلال المدة من 10 – 12 صفر 1426 هـ.
- ندوة الوقف الصحي - الغرفة التجارية في الرياض.
- ندوة أوقاف الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن - جدة.
- «مؤتمر الأوقاف الأول في المملكة العربية السعودية» في جامعة أم القرى في مكة المكرمة خلال المدة من 4 - 7 شعبان 1422هـ.
- «مؤتمر الأوقاف الثاني في المملكة العربية السعودية» في جامعة أم القرى في مكة المكرمة خلال المدة 18 - 20 ذي القعدة 1427هـ.
- «مؤتمر الأوقاف الثالث في المملكة العربية السعودية» في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة خلال المدة من 17 - 19 محرم 1431هـ.
- رئيس اللجنة التحضيرية لمؤتمر وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية في إندونيسيا.
- رئيس اللجنة التحضيرية لمؤتمر وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية في ماليزيا.
- رئيس اللجنة التحضيرية لمؤتمر وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية في المملكة العربية السعودية - جدة.
- المشاركة في ملتقى الأوقاف في الشارقة.
- المشاركة في ملتقى الأوقاف في الكويت.
- المشاركة في الكثير من المؤتمرات والملتقيات والندوات الأخرى، التي تهتم بشؤون الأوقاف.
المشاركات العلمية الأخرى:
- الاشتراك في تحكيم الكثير من الرسائل الجامعية والبحوث العلمية.
- حضور كثير من المؤتمرات والندوات العلمية داخل المملكة وخارجها، وقدم فيها أوراق عمل وبحوثاً، وكتب بعض المقالات الصحافية في مناسبات عدة.