أنظمة الرهن العقاري: الحل الأخير
منذ بدأ الحديث عن عزم المملكة سن تشريعات لنظام الرهن العقاري في السنوات الخمس الأخيرة (أو أكثر) ونحن نسمع أن تلك التشريعات ستقر وتصدر في السنة التالية. ويمر عام وآخر والمهتمون يترقبون صدور تلك الأنظمة. فالمستثمرون في مجال التمويل العقاري أرجأوا قراراتهم الاستثمارية في مجال التمويل العقاري عاما بعد عام. وشركات التمويل التي أنشئت أخيراً تـتشبث بأي لائحة أو قرار أو حتى تعميم لحماية نفسها، وإبداع ما يمكن إبداعه في سوق تمويل عقارية غير منظمة.
وكانت الآمال كبيرة خلال هذا العام، خصوصاً بعد تصريحات وزراء معنيين بنظام الرهن العقاري، بقرب صدوره خلال النصف الأول من هذا العام. ولكن الأوساط العقارية والأفراد العطشى لامتلاك منزل، فوجئت بإحالة أنظمة الرهن العقاري مرة أخرى إلى مجلس الشورى. ولأن مجلس الشورى قد استنفد قواه وخبراته في مناقشة تلك الأنظمة، فإن المتوقع قد حدث، حيث قرر مجلس الشورى تأجيل مناقشة تلك الأنظمة إلى ما بعد إجازة الصيف. ما يعني أن علينا انتظار عام آخر قد تصدر فيه تلك الأنظمة، وقد لا تصدر. وخصوصاً أن مجلس الشورى قد لا يضيف المزيد إلى تلك الأنظمة إذا استمر في اعتماده مناقشة تلك القرارات بين أعضائه فقط. وأقترح أن يتبنى طريقة قد تفيده كثيراً في تحسين تلك الأنظمة، ومن ثم الحصول على الموافقة النهائية من مجلس الوزراء.
وهذه الطريقة تتمثل في تبني مجلس الشورى ورش عمل داخل قبة المجلس لكل نظام على حدة يدعو فيها المهتمين والخبراء المحليين والخارجيين كل في مجاله لمناقشة مسودة كل نظام على حدة كما هو، والطلب من كل مشارك من الداخل أو الخارج إضافة ما يعتقد أنه مناسب للنظام. فنظام التمويل العقاري - على سبيل المثال - قد يدعى له المختصون في هذا المجال من داخل المملكة وخارجها بما لا يتجاوز عددهم 20 شخصاً لمناقشة مسودة النظام الحالية، وإضافة ما يرونه مناسباً، ومناقشة ذلك مع اللجنة المختصة من أعضاء مجلس الشورى. وينطبق الكلام نفسه على نظام مراقبة شركات التمويل، ونظام التأجير التمويلي، ونظام الرهن العقاري، ونظام التنفيذ. ومن ثم يعقد ورشة عمل جامعة لكل المشاركين في تلك الورش لمناقشة الأنظمة في مسودتها النهائية، وإزالة أية تعارض أو تباين فيما بينها. وبعد ذلك يتم تنقيحها بصورة نهائية، ومن ثم عرضها على مجلس الوزراء حسب الطرق المتبعة.
إن هذه الطريقة قد تسهم بشكل كبير في سد الثغرات، وإضافة التحسينات، وإزالة الالتباسات، والتبيانات، ما يجعل الأنظمة جاهزة للصدور. وبحكم التجربة، فقد قامت لجنة التمويل العقاري التابعة للجنة العقارية التي أتشرف بعضويتها، بورشة عمل في العام الماضي حول نظام الرهن العقاري وكذلك التمويل العقاري، تبين أن تلك الأنظمة تحتاج إلى جهد إضافي كبير لإخراجها إلى حيز التنفيذ بصورة أفضل. لذا لم أستغرب أن تعود تلك الأنظمة إلى مجلس الشورى لتحسينها بصورة أفضل. هذا على الرغم من أن بعض المشاركين في تلك الورشة قد رأى أن تصدر الأنظمة بصورتها الأخيرة التي عرضت على مجلس الوزراء على أن تتم معالجة القصور في بعض الأنظمة خلال مراحل التنفيذ. وأعتقد أن التريث في إصدار أنظمة كبيرة ومتشعبة بحجم أنظمة الرهن العقاري الخمسة (نظام التمويل العقاري، نظام مراقبة شركات التمويل، نظام التأجير التمويلي، نظام الرهن العقاري، ونظام التنفيذ)، أمر مهم، ولكن الأهم منه أن تتم مشاركة أصحاب الرأي والخبرة في هذا المجال. إذ إن تلك الأنظمة وعلى حد علمي لم تعرض على أصحاب الخبرة والمعرفة للاستنارة برأيهم إلا ما تسرب منها هنا وهناك وتمت مداولته في مجالس الناس. إن مشاركة أصحاب الخبرة والعاملين كل في مجاله سيسهم بشكل كبير في تقبل تلك الأنظمة وتسريع إقرارها وسهولة تنفيذها.