البحرين الأولى عربيا في تقرير الحرية الاقتصادية.. ماذا يعني؟

البحرين حصلت على نتائج متفاوتة فيما يخص المتغيرات الأخرى. بخصوص السياسة النقدية, أشار التقرير إلى ظهور مشكلة الغلاء في البحرين. حسب معلومات منسوبة لصندوق النقد الدولي.

حافظت مملكة البحرين على ريادتها للعالم العربي على مؤشر "الحرية الاقتصادية" لعام 2006. التقرير السنوي من تصنيف مؤسسة "هيريتج فاونديشن" بالتعاون مع صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكيتين ذواتي الميول المحافظة. تؤمن كل من المؤسسة والصحيفة بضرورة قيام مؤسسات القطاع الخاص بالدور الرئيسي في الاقتصاد المحلي. في المقابل المطلوب تحديد دور القطاع العام وحصره في إصدار القوانين والسهر على تنفيذها.
نالت البحرين المرتبة رقم 25 على مستوى العالم في تقرير العام الجاري, ما يعني تخلفها خمس مراتب مقارنة بالعام السابق. لا شك تعتبر هذه النتيجة الفضلى لأي دولة عربية (حلت دولة الكويت في المرتبة رقم 50 أي ثاني أفضل نتيجة بين الدول العربية).
حسب التقرير نجحت البحرين في جمع 2.28 نقطة في تقرير عام 2006 مقارنة بـ2.15 نقطة في تقرير عام 2005. يمنح المؤشر درجات من أصل خمس نقاط، حيث يمثل انخفاض درجة المؤشر‏(‏الرقم 1 هو الأفضل‏)‏ دليلا على وجود أفضل حرية اقتصادية ممكنة. تحصل الدول المشمولة في التقرير على درجات نتيجة أدائها في عشرة متغيرات مجتمعة، وهي: السياسة التجارية الدولية, السياسة المالية, التدخل الحكومي في الاقتصاد, السياسة النقدية, الاستثمارات الأجنبية, النظام المصرفي والتمويل, سياسات الأجور والأسعار, حقوق الملكية, الإجراءات الرسمية والسوق السوداء.

أداء إيجابي
حصلت البحرين على أفضل نتيجة ممكنة في قطاع النظام المصرفي والتمويل. المعروف أن المنامة تعتبر عاصمة الصيرفة في المنطقة بأسرها (تستضيف البحرين نحو 400 مؤسسة مالية بما فيها شركات التأمين). كما باتت البحرين نقطة تجمع للأنشطة المتعلقة بالصيرفة الإسلامية. يبقى أن البحرين تواجه منافسة متزايدة من إمارة دبي وذلك بعد بدء العمل في مشروع مركز دبي المالي العالمي.
كما حصلت البحرين على نتيجة متطورة فيما يخص متغير السياسة المالية نتيجة عدم وجود عجز في الموازنة العامة. حقيقة نجحت السلطات في تحويل العجز المالي المتوقع لعام 2004 من 440 مليون دينار إلى فائض قدره 60 مليون دينار نتيجة نمو الإيرادات (على خلفية ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية)، فضلا عن تدني المصروفات. أيضا هناك جوانب حسنة أخرى في هذا المجال مثل عدم فرض ضرائب على الدخل بالنسبة للأفراد والشركات. يرى التقرير أن الضرائب تمثل ثقلا على كاهل الأفراد والشركات التجارية, ما يعني تقليص حريتها في الحركة التجارية, بل ربما دفعها للقيام بخطوات معينة لا ترغب القيام بها.

أداء سلبي
من جهة أخرى, مُنيت البحرين بنتيجة سيئة نسبيا فيما يخص متغير التدخل الحكومي في الاقتصاد. استنادا لمؤشرات البنك الدولي, يستهلك القطاع العام البحريني نحو 20 في المائة من الناتج المحلي. وحسب التقرير يمثل الاستهلاك الحكومي مزاحمة للمستهلك العادي, حيث إن بمقدور المؤسسات الرسمية فرض شروطها على المعاملات التجارية من قبيل التأخير في دفع الفاتورة ومزايا أخرى.
إضافة إلى ذلك, حصلت البحرين على نتيجة غير مشجعة فيما يخص متغير سياسة التجارة الدولية وعلى الخصوص الواردات، فقد انتقد التقرير عدم وجود الشفافية الكاملة فيما يخص إجراءات الاستيراد, وعلى الخصوص تعقيد الأمور الإدارية عند نقاط العبور.

المتغيرات الأخرى
يبقى أن البحرين حصلت على نتائج متفاوتة فيما يخص المتغيرات الأخرى. بخصوص السياسة النقدية, أشار التقرير إلى ظهور مشكلة الغلاء في البحرين. حسب معلومات منسوبة إلى صندوق النقد الدولي, فقد ارتفع متوسط التضخم من أقل من 1 في المائة في الفترة بين 1994 و2003 إلى أكثر من 300 في المائة في الفترة بين 995 و2004.
أما فيما يتعلق بمتغير الاستثمارات الأجنبية, فقد لاحظ التقرير أن الحكومة البحرينية ترحب بالاستثمارات بشكل عام، فحسب تقرير الاستثمار العالمي المنبثق من مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) للعام 2005 تعتبر البحرين أكثر دولة عربية جذبا للاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وبخصوص سياسات الأجور والأسعار, أشار التقرير إلى أن قوانين العرض والطلب هي التي تحدد الأجور والرواتب في البحرين، لكن هناك انتقادا للحكومة لتدخلها في تحديد أسعار بعض السلع والخدمات الحيوية مثل البترول، الكهرباء، والماء.
من جهة أخرى, انتقد التقرير قضية حقوق الملكية، حيث رأى أن اتباع القضاء إلى عاهل البلاد يحد من استقلاليته. حقيقة يعتبر متغير الملكية الفكرية مشكلة مشتركة في جميع دول مجلس التعاون الخليجي.
إضافة إلى ذلك, ثمن التقرير سهولة تأسيس الشركات في البحرين (حديثا قررت السلطات تقليل الرسوم لأقصى حد ممكن لغرض الحصول أو تجديد السجلات التجارية). بيد أنه لفت الانتباه إلى ظاهرة انتشار البيروقراطية في الدوائر الرسمية, الأمر الذي يقلل من فاعلية أداء الأجهزة الحكومية.
أما بخصوص متغير السوق السوداء فقد أشار التقرير إلى عدم انتشار ظاهرة البيع والشراء خارج إطار القوانين المعمول بها في البلاد، لكن ذلك لا يمنع من الادعاء أن أفراد بعض الجاليات الأجنبية يقومون بأعمال التجارة الخاصة فيما بينهم ومن دون غطاء قانوني.
ختاما يكمن التحدي بالنسبة إلى البحرين في التأكد من عدم حدوث المزيد من التراجع في ترتيبها الدولي، في ظل تنامي المنافسة الإقليمية.

- رئيس وحدة البحوث الاقتصادية (جامعة البحرين)
[email protected]

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي