نحتفظ بعلاقة اقتصادية متفردة مع السعودية ونبحث تنشيطها
أكدت ماري أيدرك وزيرة التجارة الفرنسية أن التعاون بين السعودية وفرنسا ليس جديدا بين البلدين خاصة على مستوى التبادل الاقتصادي والتجاري.
وقالت في حديث لها لـ ''الاقتصادية'' على هامش زيارة وفد تجاري سعودي إلى فرنسا، إن بلادها تعتبر أكبر ثاني الدول الأوروبية التي لديها تبادل تجاري مع السعودية وثامنها على مستوى دول العالم، خصوصا في مجال التكنولوجيا والطاقه والبنية التحتية.
وأشارت آن إلى أن المملكة وفرنسا وقعتا في وقت سابق من عام 2008 عددا من الاتفاقات في مجال حماية وتشجيع الاستثمارات شملت 98 مشروعا استثماريا مشتركا في ظل تجنب الازدواج الضريبي بغرض تنشيط وتسريع حركة الاستثمارات بين البلدين.
#2#
جاء حديث الوزيرة الفرنسية على هامش الزيارة التي نظمها مجلس الأعمال السعودي الفرنسي أخيرا إلى فرنسا استمرت عدة أيام، في زيارة تعريفية لمواقع ذات العائد التجاري والاستثمار الاقتصادي في فرنسا.
وحققت هذه الزيارة نجاحا كبيرا واستفاد أعضاء الوفد من البرامج التي أعدت خلال زمن هذه الرحلة وحظيت بالعديد من النشاطات واللقاءات التنويرية والتشاورية ونظمت خلال جلسات عمل ونقاش.
ومن أهم الأهداف الأساسية لزيارة الوفد السعودي التجاري تعزيز التعاون التجاري وتسهيل بعض الإجراءات وكشف فرص الاستثمار، وطرح الحلول والمعوقات التي قد تعوق تقدم هذا الاستثمار.
ويأتي هذا الطرح خصوصا عقب الأزمه الاقتصاديه العالمية وظهور العديد من المنافسين للسوق الفرنسي ومنتجاته خلال الأعوام الماضي، حيث تستورد فرنسا النفط وعائداته من السعودية، فيما شهدت استيرادات السعودية من فرنسا بعض التراجع حيث كان يعتمد الاستيراد في المقام الأول على المواد الاستهلاكية والعطور والأجهزة الإلكترونية والطبية.
يذكر أن حجم التبادل التجاري بين المملكة وفرنسا بلغ 33.812 مليون ريال، منها 18.568 مليون ريال صادرات المملكة إلى فرنسا، و15.244 مليون ريال واردات المملكة من فرنسا، ويميل الميزان التجاري لصالح المملكة بمقدار 3.324 مليون ريال، كما بلغ إجمالي المشاريع المشتركة بين المملكة وفرنسا العاملة في السعودية حتى منتصف عام 2009م 179 مشروعا منها 44 مشروعا صناعيا، و135 مشروعا خدميا، برأسمال قدره 32608.91 مليون ريال، كما أن حصة الشريك السعودي 17875.56 مليون ريال وحصة الشريك الفرنسي 140014.41 مليون ريال والمتبقي لشركاء آخرين.
#3#
وكان الوفد السعودي التجاري من مجلس الأعمال السعودي الفرنسي قد زار فرنسا الإثنين من الأسبوع الماضي، في زيارة نظمت بالتعاون مع مجلس التنسيق التجاري الفرنسي '' الميديف''، ورأس الوفد الدكتور كامل المنجد ورافق الوفد السفير الفرنسي في الرياض برتران بيزانسو إضافة إلى الدكتور معن الحافظ القائم بأعمال السفارة السعودية في باريس وبقية أعضاء الوفد وهم: محمد بن لادن ، إبراهيم أبا الخيل، مازن الصواف، رأفت السمان، مروان المطلق ، محمد العمودي، ياسر القحطاني، وفايز العلويط.
استهل الوفد زيارته إلى باريس كنقطة الانطلاق ومن ثم توجه بعدها إلى مدينة ليل صباح الأربعاء وتعتبر ليل عاصمة لإقليم زاخر بالتعددية الثقافية والدينية منذ القدم، يعيش فيها أناس من أصول عرقية مختلفة ويعملون معا في انسجام تام.
وتتميز مدينة ليل بموقعها الجغرافي المتميز، فهي ملتقى لأقطاب أوروبية مختلفة. كما أن هذه المدينة معينة كعاصمة ثقافية أوروبية تأكيدا لطابعها المميز وموقعها الجغرافي الذي يتوسط خريطة تلتقي عن طريقها عدة مدن لها وزنها الثقافي والسياسي والاقتصادي.
وبدأ الوفد جولته بزيارة لجامعة ليل للتكنولوجيا وهي من أكبر الجامعات في فرنسا وتهتم بمجال العلوم والتقنية والتكنولوجيا ولديها أكثر من ألف طالب دكتوراه في مجال التكنولوجيا فقط .. ورحب البروفيسورعصام شحرور نائب مدير الجامعة بأعضاء الوفد مبديا سعادته لاهتمام رجال الأعمال السعوديين بزيارة الأكاديميات والجامعات في فرنسا خصوصا بعد الاتفاقيات الست بين جامعة ليل وعدد من نظيراتها السعودية لتبادل الطلاب والخبرات خصوصا في درجة الدكتوراه والماجستير ولا سيما أن السعودية، تعد من أكبر الدول الجاذبة للاستثمار خصوصا في مجال التقنية والتكنولوجيا.
وقال شحرور إنها فرصة ممتازة لتقديم الجامعة ولا سيما البرامج الأكاديمية والبحثية التي تنفرد بها جامعته، مؤكدا أنها فرصة لمعرفة احتياجات ومتطلبات المستثمر السعودي وعبر عن اهتمامه وسعيه للتعاون مع جامعة كاوست لما لها من مكانة وأهمية بين الجامعات العربية. وتحدث أعضاء في الجامعة عن أحدث وأهم الاختراعات الإلكترونية في مجالات التقنية والمياه والطب وغيرها.
#4#
ومن ثم توجه الوفد بعد ذلك إلى مقر بلدية ليل وهو مبنى تاريخي يطلق عليه اسم hotel de Ville بعد أن رفرف علم المملكة عند بوابة هذا المبنى التاريخي وتم اللقاء مع النائب الأول لبلدية ليل بيردي ساينتجنون في حفل غداء ورحب بالوفد السعودي.
وذكر أن هذا الاهتمام من قبل الوفد يعمق الصداقات بين البلدين ويزيد من فرص التبادل التجاري التي كانت موجوده منذ القدم ولكن توالي الزيارات من قبل البلدين يوثق ذلك الاهتمام.
وانتقل الوفد بعد ذلك إلى معهد ابن سيناء الإسلامي والتقى بالدكتور محمد البشري أمين عام المؤتمر الإسلامي الأوروبي ورئيس معهد ابن سينا للعلوم الإنسانية عضو مجمع الفقه الدولي الذي تأسس في مدينة ليل الفرنسية في عام 2006 متمتعا بالإقرار الرسمي للدولة ، فيما يعتبر أول سابقة من نوعها في القارة الأوروبية وهذا المعهد وضع لتدريس العلوم الإسلامية وتاريخ الإسلام وأُسس حضارته القديمة والمعاصرة، ويشتمل البرنامج أيضا على علم الاجتماع والمؤسسات الفرنسية، مع التركيز على تعليم اللغة العربية.
كما يحتوي على قسم خاص لتكوين الأطر الدينية من أئمة ومرشدين ومرشدات وتجول في أرجاء المعهد ومكتباته.
والتقى بأعضاء التدريس في هذا المعهد الذين أغلبهم تخرج من جامعات سعودية في تخصصات الدراسات الإسلامية والشريعة, وألقى الدكتور محمد البشري كلمته التي شكر فيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز على دعمه المستمر لمثل هذه الجامعات والمعاهد الإسلامية وشكر أيضا عمدة مدينة ليل الذي تفهم وضع المسلمين في ليل ودعمهم في إنشاء هذا المعهد للمسلمين وذكر أنهم جزء من العالم ولهم كامل حقوقهم وسيستمرون في المطالبة بها جميعها وذكر أن الدعم المادي للمعهد يأتي من الحكومة الفرنسية وبلدية مدينة ليل وجمعية الدعوة الإسلامية العالمية ومساعدة من قطر.
أما من ناحية الدعم المعنوي فقد ساهم فيه كل من رابطة الجامعات الإسلامية, وتؤسس الآن منظمة الإيسسكو لكرسي الأيسسكو لحوار الحضارات. وذكر أن هذا المعهد يجد الإقبال من قبل أبناء الجالية الإسلامية في فرنسا وحتى المسلمين الفرنسيين على الرغم من وجود أربع معاهد في فرنسا لتدريس علوم الشريعة، وتطرق إلى قضية المحجبات المسلمات في فرنسا حيث هنا يأتي دور المعهد و لا بد أن يقوم المعهد بدوره هنا في مواجهة مثل هذه الظواهر الفردية.
فالمعهد هو الفضاء الواسع لهؤلاء المحجبات لإخراجهن من العزلتين '' عزلة المجتمع الفرنسي و الفهم الخاطئ للدين الإسلامي و عزلة الفهم الخاطئ للدين من قبل بعض المسلمين الذين يريدون أن يحولوا المرأة إلى متاع خاص للرجل دون أن تقوم بدورها الرسالي مع أخيها الرجل في بناء الشخصية الإسلامية المعتدلة في أوروبا .
وشكر الدكتور كامل المنجد رئيس المعهد وأعضاء الوفد لحسن استقبالهم.
وعقب ذلك توجه الوفد السعودي إلى مقر شركة أيرالي والتقى بمندوب المشاريع العقارية في مدينة ليل مايكل بونورد الذي قدم شرحا عن الوضع العقاري في هذه المدينة ومدى الفرص الاستثمارية الموجودة فيها وعن محطة القطارات الرئيسية التي تعتبر أهم المحطات في فرنسا.
وبعد ذلك اتجه الوفد إلى مركز التجارة العالمي مع جيروم تولموند لمشاهدة عروض الشركات التي لها نشاطات في السعودية، وعرض كل مندوب شركة منتجات شركته ونشاطاتها واهتمامتها في مدى خلق الفرص للاستثمار في دول الخليج.
واختتمت برنامج يوم الأربعاء بحفل عشاء مع بير ستوسي الأمين العام للشؤون الإقليمية في ليل ورحب بزيارة الوفد الأولى إلى مدينة ليل متمنيا ألا تكون الأخيرة وأن يستمر تبادل الزيارات، من أجل لتبادل الفرص التجارية والاستثمارية بين البلدين وشكرهم أيضا لاختيارهم مدينة ليل من ضمن جدول الزيارات لما تحظى به من جمال في طبيعتها أرضها وفرصها التجارية الكبيرة.
واستكمل الوفد زياراته صباح الأربعاء بزيارة شركة aura technologies وهي شركة للمنتجات الإلكترونية وأحدث الأصدارات التكنولوجيه وزاروا أقسامها ومصنعها. وتوجه بعد ذلك الى مصنع Alston لصناعة القطارات ووسائل النقل ويوجد لهم مكاتب في دول الخليج وتحديدا في مدينة الرياض.
وزار الوفد الغرفة التجاريه في مدينة ليل حيث لبى دعوة ليونس مايكل رئيس الغرفة على الغداء وكان هناك بعض الاتفاقيات والمناقشات بين رجال الأعمال من الطرفين لزيادة فرص التعاون بينهم.
واختتم الوفد زيارته لليل باجتماع مع رئيس المجلس الإقليمي أدانيل بريشورن حيث عبر الوفد السعودي عن مدى سعادته بهذه الزيارة التي تعتبر الأولى من قبل رجال أعمال سعوديين لزيارة ليل والبحث في وضعها الاقتصادي وفرص الاستثمار فيها.
وغادر الوفد بعد ذلك إلى مدينة كومبين حيث استقبل عمدة مدينة وعضو مجلس الشيوخ فيليب ماريني الوفد السعودي بدعوة على العشاء وبحضور وسائل الإعلام الفرنسية.
وذكر أنها فكرة ممتازة لزيارة الوفد لفرنسا وخصوصا مدينة كومبين وعقد عديد من الاجتماعات المثمرة للتخطيط لعمل عديد من الشركات الفرنسية السعودي في المجالات الكيماوية والصناعية.
وقال لدينا نحن الفرنسيين أيضا عديد من الخطط للاستثمار في السعودية، كما حدث في بعض الشركات العائلية القديمة ومازال استثمارها مستمرا في السعودية ويلاقي كل النجاح والدعم.
وفي صباح يوم الخميس دعا عمدة المدينة فيليب الوفد إلى وجبة الإفطار في القصر الملكي في كومبين حيث افتتح هذا القصر خصيصا لزيارة الوفد السعودي، وتجول في أرجاء القصر وتعرف على أهم أجنحته التي حملت الكثير من القصص التاريخية في عهد نابليون وتوجهوا بعد ذلك إلى زيارة مصنع صناعة النسيج والحرير، وهو من أشهر الماصنع في فرنسا حيث يصنع أجود وأغلى أنواع أقمشة الأثاث وتصديرها إلى القصور الملكية في أرجاء العالم.
وتوجه الوفد بعد ذلك إلى باريس للقاء ماري أيدرال وزيرة التجارة في مقر مبنى وزارة التجارة، حيث استمر الاجتماع لمدة ساعة، وتمت مناقشة أهم معوقات التعاون الاقتصادي في هذه الفترة حيث وجه وفد رجال الأعمال جميعهم بعض الاقتراحات والصعوبات اللتي تواجههم من الناحيه التجارية بين البلدين ورحبت الوزيرة بهذه الاقتراحات وأصغت إليها ووعدت بحلها في أسرع فرصة.
وقالت ويجب علينا إن نعمق التعاون أكثر في الشراكات ونتحاور معا لذليل العقبات فيما يتعلق بالشركات المستثمرة في البلدينن وخاصة الصغيرة منها.
وفي نهاية الجولة ذكر الدكتور معن سليمان الحافظ الوزير المفوض في سفارة خادم الحرمين الشريفين، نائب السفير، أن الزيارة الأخيرة التي قام بها رجال الأعمال السعوديون حققت نتائج طيبة حيث شهدت عديدا من اللقاءات والاجتماعات البناءة والمثمرة التي أجراها أعضاء الوفد مع كبار المسؤولين ورجال الأعمال الفرنسيين .
وكانت زيارة مدينة ليل الفرنسية مهمة حيث من الضروري الخروج من إطار شركات العواصم والاطلاع على ما لدى الجانبين من فرص استثمارية في المدن الأخرى .
ولاشك أن من أهداف هذه الزيارة متابعة أوجه التعاون القائمة واستكشاف الفرص الجديدة لتوسيع آفاق التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين.
كما أن أهمية فرنسا تكمن في أنها تحتل فرنسا المرتبة الثانية بين البلدان الأوربية المصدرة للمملكة وفي العام 2008م حلت فرنسا في المرتبة الثامنة بين أكبر الدول المصدرة للمملكة حيث بلغت قيمة تلك الصادرات (15.24) مليار ريال ، فيما بلغت قيمة الواردات الفرنسية من المملكة (18.6) مليار ريال مايشير إلى أن الميزان التجاري بين البلدين يميل إلى صالح المملكة.
ومن جانب آخر تضاعف حجم الاستثمارات الفرنسية في المملكة بين عامي (2000-2008) نحوخمس مرات ومعظم هذه الاستثمارات في مجالي الطاقة والبنية التحتية حيث بلغت قيمتها في العام 2008 نحو (1.41) مليار ريال. وتمثل الاستثمارات الفرنسية في المملكة نسبة 45 في المائة من مجمل الاستثمارات الفرنسية في منطقة الخليج.
أما فيما يتعلق بتأثير الأزمة المالية العالمية على العلاقات الاقتصادية بين المملكة وفرنسا فهو تأثير وقتي وآنٍ وسيزول بزوال الأسباب كما أنه تأثير محدود للغاية وذلك بسبب عدم تأثر الاقتصاد السعودي بالأزمة المالية العالمية .
ولقد لمست شخصيا حرص معالي الوزيرة أيدراك على تقوية وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين ، وظهر ذلك جليا خلال اجتماعها برجال الأعمال السعوديين ، حيث شددت على ضرورة تكثيف اللقاءات والمتابعة المستمرة لتذليل جميع المعوقات التي قد تعترض مسار التعاون الاقتصادي بين البلدين . أما من الناحية الأكاديمية وقع البلدان اتفاقية في التعاون العلمي والبحث في 13 كانون الثاني ( يناير) 2008 وذلك أثناء زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي للمملكة.
ونتيجة لذلك شهد التعاون العلمي والأكاديمي بين المملكة وفرنسا تطورا كبيرا في الفترة الأخيرة وكان لبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي دور كبير في تعزيز هذا الجانب حيث يوجد حاليا في الجامعات الفرنسية أكثر من ألف طالب وطالبة في مختلف التخصصات العلمية.
كما وقع عدد كبير من الجامعات السعودية عشرات الاتفاقيات العلمية مع عدد من الجامعات والمؤسسات البحثية والأكاديمية الفرنسية يتم بموجبها خلق جسور التعاون العلمي والبحثي بين مؤسسات التعليم العالي في البلدين، في أكثر من 14 مجالاً، وشملت هذه العقود التخصصات العلمية مثل الهندسة وعلومها وكذلك الطب والعلوم الطبية كجراحة التجميل، والتعليم الإلكتروني، وكذلك العلوم الإنسانية ومنها القانون والتجارة والاقتصاد واللغة والسياحة والآثار والعلاقات الدولية.
وبالنسبة لجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية فيمكن القول بإن الوفود العلمية بين البلدين لم تتوقف من أجل تكثيف التعاون بينها والجامعات الفرنسية.