الشركات المساهمة إلى أين تسير؟

الشركات المساهمة إلى أين تسير؟

<a href="[email protected]">[email protected]</a>

في هذه الأجواء الساخنة لتداول أسهم الشركات المساهمة، وأنا أكتب الآن في جريدة تنتمي إلى شركة مساهمة، تصبح الحاجة ملحة لوجود مزيد من الكتاب عن الأنظمة التي تحكم مسار تلك الشركات وآليات عملها. ولعلي أخص بالذكر كبار المسؤولين في الشركات المساهمة وكذلك القائمين على صياغة مواد نظام الشركات وعلى الخصوص نظام الشركات المساهمة.
وقد بذل أبناء هذا الوطن جهوداً كبيرة لصياغة الأنظمة التي تسير حياتنا، ولا شك أن أنظمة الشركات كان لها نصيبها من الجهد لوضع الآليات ومواد النظام التي تيسر على تلك الشركات القيام بمهامها بدقة واقتدار. وقد نتفق على أن هناك اجتهادا في وضع نظام الشركات المساهمة وتطويره منذ بدايته كشكل من أشكال نظام الشركات، الذي صدر بالمرسوم الملكي رقم م/6 وتاريخ 22/3/1385هـ في عهد الملك فيصل, رحمه الله. وأيضاً قد لا نختلف على أن الجهد المبذول لوضع نظام ما في وقت ما قد لا يكون مناسباً في وقت آخر. ويلاحظ ذلك من خلال تغير الكثير من مواد النظام منذ وضعه إلى الآن.
ونحن الآن في هذه الأيام قد نحتاج بشكل ملح إلى مراجعة دقيقة لمواد نظام الشركات لكي تحقق الهدف الذي أنشئت من أجله. وقد استغربت كثيرا من بعض مواد نظام الشركات المساهمة عندما تصفحتها على موقع وزارة التجارة، الذي يبدو أن الوزرة مهتمة بتحديث وتغيير أي مادة عند صدور أي مرسوم جديد خاص بتلك المادة.
وقد يستوقفك الكثير من مواد نظام الشركات ويدعوك إلى التأمل والاستفهام حول مدى تحقيق تلك المواد الأهداف المرجوة من وجود الشركات، والشركات المساهمة على وجه الخصوص، فقد تسهم تلك المادة في عدم ثبات واستمرارية الشركات المساهمة بالشكل المطلوب والمأمول. ولعلنا نستعرض على سبيل المثال إحدى مواد نظام الشركات المساهمة (المادة 100), التي تنص على التالي: "لا يجوز تداول الأسهم النقدية التي يكتتب بها المؤسسون أو الأسهم العينية أو حصص التأسيس قبل نشر الميزانية وحساب الأرباح والخسائر عن سنتين ماليتين كاملتين لا تقل كل منهما عن 12 شهرا من تاريخ تأسيس الشركة، ويؤشر على هذه الصكوك بما يدل على نوعها وتاريخ تأسيس الشركة والمدة التي يمتنع فيها تداولها. ومع ذلك يجوز خلال فترة الحظر نقل ملكية الأسهم النقدية وفقاً لأحكام بيع الحقوق من أحد المؤسسين إلى مؤسس آخر أو إلى أحد أعضاء مجلس الإدارة لتقديمها كضمان للإدارة، أو من ورثة أحد المؤسسين في حالة وفاته إلى الغير".
والاستفهام المثار حول المادة المذكورة؛ وقد نسأل: هل يا ترى تكفي مدة سنتين لإعطاء الحق للمؤسس أن يتخلص من الشركة التي كان له دور كبير في تأسيسها وظهورها للواقع لتحقيق أهداف محددة تخدم المجتمع ككل؟! وأقصد بالتخلص التنازل عن الأسهم إلى شخص آخر. إضافة إلى أن المادة في نهايتها تشير إلى أنه يجوز انتقال ملكيتها قبل نهاية السنتين. !
فنحن نعلم أن للمؤسسين دورا كبيرا في مسيرة الشركة المساهمة، وهم الأداة القوية للضغط على إدارة الشركة لتطوير الأداء والتفوق والإنجاز بالجودة العالية والواعية، فلماذا يتم إعطاء فرصة للمؤسسين للتنازل عن الشركة قبل أن تقوى وتبدأ في شق طريقها نحو الإنجاز والاستمرارية؟
ونقدي هذا قد ينطبق على الشركات المساهمة الجديدة وليس الشركات القائمة التي تم تحويلها إلى شركات مساهمة بعد أن قطعت شوطاً طويلاً في إثبات وجودها وانتشارها.
إن المادة المذكورة لم تكن إلا مثلا يحثنا على الاهتمام والتطوير والمراقبة لنظام الشركات، وتحديداً الشركات المساهمة، فهي في هذا الوقت تأخذ الكثير من الوقت والاهتمام من قبل المحللين والمستثمرين على حد سواء، بل إن عددا كبيرا من أبناء المجتمع أصبح مساهماً ولو بنسبة قليلة في واحدة أو أكثر من الشركات المساهمة. فلا بد من إعطاء مواد الشركة المساهمة الاهتمام الكافي لنرقى بشركاتنا نحو التقدم والازدهار, خصوصاً أن شركاتنا تدخل جو المنافسة مع الشركات العالمية، فلا بد أن نكون مستعدين لهذه المنافسة. التي أتمنى أن تخدم (المنافسة) المجتمع الإنساني بأسره. وأؤكد في النهاية أن مواد نظام الشركات له دور كبير في تعزيز تلك الشركات ونجاحها، وأتمنى ألا نرى مزيدا من الشركات التي تحقق سنوياً مزيدا من الخسائر وتستمر عشرات السنين تأكل وتشرب معنا بل تشاركنا أموالنا.

عضو هيئة التدريب في معهد الإدارة العامة في الرياض

الأكثر قراءة