العلاقات الاقتصادية السعودية ـ البحرينية
تشكل زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود للبحرين تتويجا للعلاقات الخاصة التي تربط البلدين الشقيقين على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وما يهمنا في هذا المجال، مناقشة العلاقات الاقتصادية النوعية بين البحرين وشقيقتها الكبرى.
استيراد النفط الخام
يلعب القطاع النفطي دورا محوريا في العلاقات التجارية بين البلدين عبر استيراد البحرين النفط الخام السعودي من جهة والمشاركة في إنتاج حقل أبو سعفة من جهة أخرى. تستورد البحرين النفط الخام من السعودية عبر أنابيب النفط التي يعود تاريخها إلى عدة عقود مصدرا مضمونا لمصفاة شركة بابكو النفطية الوحيدة من نوعها الواقعة في منطقة سترة الواقعة جنوب شرق العاصمة المنامة. حسب الهيئة الوطنية للنفط والغاز, وهي مؤسسة حكومية في البحرين، تم استيراد نحو 224 ألف برميل يوميا من النفط السعودي الخام عام 2009. وتم تحويل الكمية بشكل كامل للمصفاة من أجل تكريرها لمنتجات نفطية مثل الجازولين والديزل ووقود الطائرات والبنزين وقود الزيت والكيروسين والأسفلت ومنتجات أخرى. شكلت الكمية المستوردة من الجارة السعودية أكثر من 85 في المائة من منتجات المصفاة. تحديدا، بلغ حجم إنتاج المصفاة 262 ألف برميل يوميا في 2009 حيث تم تخصيص أقل من 25 ألف برميل من المنتجات النفطية للاستهلاك المحلي والباقي أي 85 في المائة من المجموع لأغراض التصدير.
حقل أبو سعفة
إضافة إلى ذلك، هناك مسألة مناصفة السعودية والبحرين إنتاج حقل أبو سعفة النفطي. حسب أرقام الهيئة الوطنية للنفط والغاز، بلغ نصيب البحرين من الحقل تحديدا 150028 برميلا يوميا في عام 2009 مقارنة بـ 149829 برميلا في 2008. اللافت في إنتاج أبو سعفة هو تصدير نصيب البحرين مباشرة من الحقل دونما حاجة إلى دخول النفط الخام الأراضي البحرينية, الأمر الذي يشكل توفيرا للتكلفة. الجانب السعودي هو من يدير الحقل، حيث يتم تقاسم تكاليف الإنتاج بين الطرفين. تنصب هذه العملية في مصلحة البحرين نظرا للخبرة الكبيرة للجانب السعودي في إنتاج النفط. تعد السعودية رائدة في إنتاج وتصدير النفط في العالم عبر إنتاجها نحو 13 في المائة من الإنتاج العالمي اليومي. وتأتي روسيا والولايات المتحدة وإيران في المراتب التالية, التي بدورها تسيطر على 12.4 في المائة و7.9 في المائة و5.3 في المائة من الإنتاج النفطي العالمي على التوالي, وذلك حسب نشرة إحصائية لشركة بريتش بتروليوم.
أسهم إنتاج حقل أبو سعفة بنحو 82 في المائة من الإنتاج النفطي الخام للبحرين الذي بلغ مجموعه 182 ألف برميل في 2009. فضلا عن أن أبو سعفة ينتج من حقل البحرين المحلي 32 ألف برميل يوميا. لا شك تؤكد الأرقام المتعلقة بالمصفاة وحقل أبو سعفة الأهمية النسبية للسعودية في القطاع النفطي البحريني.
جسر الملك فهد
يبقى الحديث عن العلاقات الاقتصادية بين السعودية والبحرين قاصرا دون التطرق للتأثيرات الإيجابية لجسر الملك فهد. يمكن الزعم بأن افتتاح جسر الملك فهد عام 1986 شكل منعطفا بالنسبة إلى الاقتصاد البحريني. حقيقة القول، يلعب جسر الملك فهد دورا محوريا في الاقتصاد البحريني عبر أعداد الزوار الذين يستخدمون هذا المرفق الحيوي. يشكل المواطنون السعوديون أكثر من ثلاثة أرباع الزوار الذين يستخدمون الجسر للوصول إلى البحرين. حسب أفضل الإحصاءات المتوافرة، يزيد متوسط عدد العابرين في الاتجاهين عبر جسر الملك فهد على 21 ألف فرد يوميا. خلافا للسعودية، يعد هذا الرقم غير عادي بالنسبة لبلد صغير مثل البحرين يبلغ عدد نفوس المواطنين والمقيمين فيه 1.1 مليون نسمة.
يتميز الزائر السعودي بصرفه على مختلف الأمور الاستهلاكية، ما يشكل مصدرا حيويا لعديد من القطاعات الاقتصادية في البحرين. وحسب متابعتنا فإن كل ريال يصرفه الزائر السعودي يؤدي في نهاية المطاف إلى ثلاثة ريالات في الاقتصاد البحريني عبر متغير مضاعف الدخل.
الاستثمارات السعودية
هناك أيضا موضوع الاستثمارات السعودية في الاقتصاد البحريني. المشهور أن هناك حصة لمستثمرين من السعودية في أكثر من 300 شركة في البحرين. كما تحتضن البحرين عديدا من المؤسسات السعودية العاملة في مجالات مختلفة, خصوصا الخدمات المالية مستفيدة من مستوى نضج الصناعة المصرفية.
على سبيل المثال وليس الحصر، تمتلك السعودية ثلث أسهم شركة الخليج للبتروكيماويات, حيث الباقي نصيب كل من الكويت والبحرين بالتساوي. كما تمتلك السعودية 20 في المائة من حصة شركة ألمنيوم البحرين المعروفة اختصار باسم ''ألبا''. تأتي صادرات كل من ''ألبا'' و''الخليج للبتروكيماويات'' في المرتبة الثانية من حيث الأهمية النسبية بعد الصادرات النفطية. ويضاف إلى كل ذلك الشركات المشتركة بين مستثمرين من البلدين الجارين، الذي ليس من المستبعد أن تعزز بعد زيارة العاهل السعودي بلده الثاني البحرين.
ختاما لا يسعنا إلا أن نقول حياك الله يا خادم الحرمين الشريفين في البحرين بين أهلك, ونؤكد أننا لا نزعم بأنك ضيف لأن المرء لا يحل ضيفا على أهله.