فوبيا الولايات المتحدة من الاستثمارات العربية.. فاشية أمريكية أم ضرورة أمنية؟

<a href="mailto:[email protected]">smmohanna@yahoo.com</a>

في 15 تشرين الثاني (نوفمبر)2005م أعلن بنك الاحتياط الأمريكي نيته التوقف نهائيا (من23  مارس 2005م) عن إصدار M3 Data ( 1959-2005) وهي نشرة أسبوعية/ شهرية، تحتوي إضافة إلى M1 M2 على مؤشرات اقتصادية مهمة عن الاقتصاد الأمريكي مثل التضخم وكمية السيولة المتوافرة من الدولار حول العالم (أكثر من 10 ترليونات بنهاية 2005)  في الحسابات الجارية والاستثمارية أيضا M3 Data يعد أهم مؤشر يعتمد عليه لزيادة أو تقليل سعر الفائدة هذه المؤشرات وغيرها تعد أداة مهمة للمستثمر الأجنبي للقراءة المستقبلية عن الاقتصاد الأمريكي وخاصة فيما يتعلق بسوق الأسهم والسندات الحكومية. التكلفة العالية لجمع ونشر الإحصائيات أهم أسباب التوقف عن إصدار M3 Data ولكن بغض النظر عن الأسبابM3 Data   يعد أفضل مؤشر لقراءة الاقتصاد الأمريكي حسب رأي الكثير من المحللين الاقتصاديين والماليين، ويرون أن إيقاف نشر M3 Data  والتعامل بسرية بمضمونة يعطي دلالات غير إيجابية عن المناخ الاقتصادي ومؤشرا خطيرا وغير صحي وخطوة للخلف عن مستقبل  الاقتصاد والاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة.
الاقتصاد الحر وحرية الاستثمار للأجنبي (من تملك/ تسهيلات مالية/ إقامة مفتوحة) ركيزتان أساسيتان استقطبتا العديد من الاستثمارات الأجنبية للولايات المتحدة إضافة إلى عمق وضخامة الاقتصاد الأمريكي من تعدد الفرص الاستثمارية نسبة ربحية جيدة، وشفافية في نشر المؤشرات الاقتصادية التي تساعد المستثمر على تقييم استثماراته المستقبلية، والأهم من هذا كله إعطاء المستثمر حرية كاملة في التعامل من خلال القنوات الاستثمارية المعهودة بما يتماشى مع قوانين وأنظمة الاستثمار في الولايات المتحدة  كل هذه المحفزات والمغريات الاستثمارية بدأت تتساقط الواحدة تلوى الأخرى بعد أن بدأت بعض الأطراف السياسية في واشنطن استخدام مصطلحات أمنية لتحقيق مكاسب سياسية تهدف إلى زيادة مخاوف الشعب الأمريكي من أخطار غير موجودة على أرض الواقع وبدون أدلة مادية ووضعها في إطار عريض وضخم وغير محدد مثل "تهديد الأمن القومي" تماما كما حدث للعرض الذي قدمته موانئ دبي العالمية لشراء شركة بن سولار اورينتل O&P وهى شركة بريطانية تدير ستة موانئ أمريكية إضافة إلى نشاط محدود في 16 ميناء آخر (الإدارة لا تشمل النواحي الأمنية أو الجمركية)  فقد ألغيت الصفقة بعد إجازتها من قبل هيئة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة CFIUS لا لأسباب فنية/  قانونية / نظامية / أو مالية  ولكن ألغيت لأنها تحمل اسم دبي المالكة للشركة (ملكية استثمارية) وهي الحجة التي استخدمها المعارضون لمرور الصفقة فهل ما حدث يا ترى يعد فوبيا مؤقتة على كل ما هو عربي حتى التسميات بسبب الحرب على "الإرهاب" أم أن معايير الاستثمار الأجنبي وخاصة العربي في الولايات المتحدة بدأت تأخذ نوعا من النزعة الفاشية من البعض ولكن ببدلة من ثلاث قط؟
التوقف عن نشر M3 Data وتجربة موانئ دبي والتشريع الخاص بمنظمة الأوبك الذي تمت الموافقة عليه في مجلس الشيوخ في 22/6/2005م والمعروف باسم دواين – كول DEWINE-KOHL نسبة إلى السيناتور مايك دواين جمهوري من ولاية أوهايو وهيرب كول ديمقراطي من ولاية ويسكونسن هذا القانون يعتمد على تشريع قديم (1890)  يعرف باسم :   The Sherman Anti-Trust Actللاحتكار تم تعديله لكي يعطي الأحقية لوزارة العدل الأمريكية برفع قضية أو عدة قضايا على منظمة الأوبك أو أية دولة تنتمي للمنظمة بحجة التحكم في أسعار النفط في الأسواق العالمية وتطبيق قوانين الجزاءات المعمول بها في الولايات المتحدة ولا أعتقد أن الأمر يحتاج لمخيلة جورج لوكس (مخرج حرب النجوم) لمعرفة ما يمكن الذهاب إليه بهذا التشريع خاصة أن هذا التشريع يضع الولايات المتحدة في موقع المدعى والقاضي والمنفذ للأحكام في آن واحد , أثبت (التجارب السابقة) بما لا يدع للشك أن الأمر لا يتطلب أكثر من سيناتور أمريكي مع ميكروفون وقلة من الصحافيين وقناة تلفزيونية، إضافة إلى إعلان مدفوع ومقال في صحيفة ذات نفوذ لشحن الرأي العام ضد فئة أو دولة لديها استثمارات أو ترغب بالاستثمار في الولايات المتحدة دون أي قانون أو تشريع ولأسباب لا يوجد لها أساسا من الصحة، فقط إدراجها تحت اسم تهديد للأمن القومي ومن الممكن مستقبلا مصادرة أو التحفظ على أصول أو موجودات لأرصدة مالية لدول / أفراد / مؤسسات/  أو شركات عربية بحجة أنها خطر على الأمن القومي، ومن يعارض هذا التوجه داخل الولايات المتحدة سيتم وصفة بأنه غير وطني unpatriotic  ومن المؤكد أن أي الحزبين لا يرغب أن يوصف بأنه غير وطني.
المناخ السياسي في واشنطن غير مطمئن في ظل تطرف يميني  JACOBINST من الجمهوريين وحزب تائه وغير واضح المعالم كما كان في عصر الرئيس كيندي وأقرب لاسم FLOPPER FLIP- بوجود جو ليبرمن وجان كيري أكثر من هو إلى حزب ديمقراطي، خاصة أن حجم وقيمة استثمارات دول المنطقة في الولايات المتحدة ضخم جدا وعرضة للابتزاز لأسباب عديدة وربما يحتاج الأمر إلى إعادة تقييم مع الأخذ بعين الاعتبار المستجدات الجديدة على الساحة السياسية الاقتصادية المالية / والتشريعية سواء بتقليل حجم الاستثمارات أو استبدال منطقة الاستثمار بأخرى أكثر أمننا.