علاج لسوق الأسهم

علاج لسوق الأسهم

قال أستاذ علم إدارة الأعمال في جامعة هارفارد حسبما روت الصحف الأمريكية في حينه وأصبح مثلا فيما بعد "طلابي الأعزاء هناك في التجارة والأعمال شيء واحد إذا عرفتموه فأنتم لا تحتاجون إلى ولا إلى الجامعة لتعلمكم إدارة الأعمال وهو متى تعرف أن تشتري بسعر رخيص وتبيع بسعر أعلى لأننا في هذه الجامعة نعلمكم متى يكون السعر رخيصا ومتى يكون عاليا" وما حدث في سوق الأسهم السعودي منذ بداية عام 2005 هو أن جموع المستثمرين أصبحت تشتري بسعر عال لتبيع بسعر أعلى في سوق يرتفع باستمرار مدعوما بمحفزات قوية تتعلق بارتفاع أسعار النفط ووفرة السيولة وتحسن ربحية الشركات وانخفاض التضخم وارتفاع الإنفاق الحكومي بميزانية توسعية وسياسة نقدية مرنة وداعمة للتوسع لإقراض البنوك وتشجيعها عليه بأسعار فائدة متدنية نسبيا. وكان جو التفاؤل كبيرا مدعوما بهذه العوامل الإيجابية حتى أصبح المستثمرون وخصوصا الصغار منهم يتحدثون عن الثروة المقبلة في سوق الأسهم وأنه أصبح مثل سوق العقار في الطفرة السابقة وخرج كثير من المحللين في القنوات الفضائية يتحدثون عن سوق الأسهم بالطريقة نفسها التي تحدث بها تجار العقارات سابقا مثل أنك لن تجد شركة صناعية بأقل من 200 ريال للسهم ولن تجد زراعية بأقل من 100 ريال للسهم متجاهلين أي تحليل منطقي أو علمي يبنون عليه كيفية تقديرهم لهذه الأسعار, ولم يسألهم أحد عن ذلك وأصبح كثير من المحللين يتحدثون فقط عن عوامل فنية بحتة ورياضية صرفة عن المؤشر ونقاط الدعم والمقاومة مع أن المؤشر ليس كالدول الصناعية حيث تتوافر الإحصائيات لعدة عقود وربما 100 سنة, وليس عددا قليلا من السنوات هي عمر مؤشر سوق الأسهم السعودي. ومن الواضح أن المستثمرين والمحللين في سوق الأسهم السعودي لم يستمعوا إلى نصيحة أستاذ إدارة الأعمال في جامعة هارفارد أي لم يعرفوا بالسليقة السعر المتدني والسعر العالي ولم يحاولوا دراسة أو تحليل ارتفاع سهم معين وانخفاضه والعوامل المؤثرة فيه مثل مكررات الربحية ومستوى الإدارة وتوقعات الأرباح والخسائر وأهمية القطاع بالنسبة للاقتصاد الوطني فأصبحنا نرى شركات خاسرة تصعد أسهمها وشركات رابحة تنخفض أسهمها وشاهدنا شركات متواضعة النمو تتفوق أسعارها السوقية على أسعار شركات وبنوك قيادية دون مبرر سوى اندفاع المستثمرين للشراء وعدم البيع وعندما يحدث هبوط يسرعون ببيع ما اشتروه غاليا وبسعر مرتفع بسعر أدنى أي أنهم عكسوا نصيحة البروفيسور تماما مما أسهم في تذبذب السوق وخسائره. وعندما بدأت عملية التصحيح المتوقعة لهذه الأسعار سادت حالة من التشاؤم التي أدت بدورها إلى حالة الخوف والهلع من هول الصدمة التي لم يتوقعوها فسادت عقلية القطيع وطالت أسعار الشركات القيادية بعد الهامشية في مسلسل متواصل أرهق المتعاملين ولم تساعد فيه تصريحات بعض المسؤولين والمحللين التي كانت أكاديمية وبعيدة عن واقع السوق وأحيانا متضاربة, كما أسهم في ذلك تدني مستوى المحللين واستمرار الحديث عن الهبوط والتشاؤم حتى تدخلت القيادة الكريمة ممثلة في خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله، فبثت كلماته الاطمئنان في السوق وأعادت الثقة والتفاؤل. والسوق السعودي لا يزال يملك مقومات القوة التي رفعت أسعار الشركات والعوامل الإيجابية التي ذكرتها سابقا لم تتغير وما يحتاج إليه في نظري هو إعادة الثقة وتحسين البيئة الاستثمارية من خلال العوامل التالية التي سوف أضعها على شكل نقاط احتراما لوقت القارئ العزيز والمساحة في صحيفتنا الغراء. 1 ـ خفض مدة التعامل إلى فترة واحدة فقط ولمدة خمسة أيام في الأسبوع وتكون من الساعة الرابعة عصرا حتى الثامنة مساء كما سبق أن ذكرت في مقال سابق. 2 ـ التشدد في منح رخص المحللين الماليين ويجب أن يكون متخصصا في ذلك بموجب شهادات وخبرة عملية حيث لاحظنا أن الكثير من المحللين ليسوا مدركين للعوامل المؤثرة في السوق. 3 ـ وقف الاكتتابات الجديدة حتى يستقر السوق تماما. 4 ـ الحد من كثرة التصريحات من قبل المسؤولين عن سوق المال حيث ثبت أنها تزيد البلبلة وبعيدة عن واقع السوق. 5 ـ تعزيز الشفافية في الشركات للقضاء على الإشاعات التي تربك السوق. 6 ـ محاسبة إدارة الشركات ومجالس الإدارة على أعمالهم والتدقيق في اختيارهم. 7 ـ الإسراع في تفعيل نظام السوق المالي وتأسيس شركة السوق حتى لا تصبح هيئة سوق المال تقوم بدور إشرافي وتنفيذي أي خصما وحكما ودراسة إنشاء صندوق صانع السوق. 8 ـ إشاعة الثقافة الاستثمارية عبر وسائل الإعلام والندوات والجامعات. 9 ـ تشجيع الأفراد على الاستثمار من خلال الصناديق أو الوسطاء بدلا من الاستثمار مباشرة مما يعرضهم للخسائر جراء القرارات المتسرعة. وختاما أكرر أن عاملي الثقة والحالة النفسية مهمان جدا في أسواق المال وعلى من يتطرق للموضوع أن يكون مدركا لهذا فلا يكفي أن ما يقوله صحيح بل لا بد أن يكون أثره معروفا لديه قبل أن يتحدث لأن سوق الأسهم مثل العين إذا لمستها أضررت بها, والسوق لا يزال بخير وفيه فرص كثيرة ولا تنطبق عليه معايير الأسواق القديمة نفسها في الدول الصناعية حيث إن شركاته جديدة ومكررات الأرباح فيها تتغير باستمرار والتحليل الفني له يختلف أيضا. والله الموفق،،،
إنشرها

أضف تعليق