الأمير نايف: هدفنا ليس تشخيص الفكر المنحرف بل وضع تصور لإعادة المنحرفين
الأمير نايف: هدفنا ليس تشخيص الفكر المنحرف بل وضع تصور لإعادة المنحرفين
رعى الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية البارحة الأولى، حفل افتتاح مؤتمر «فكر التطرف وتطرف الفكر» في الجامعة الإسلامية.
وحضر الافتتاح جمع كبير من المسؤولين يتقدمهم الأمير عبد العزيز بن ماجد بن عبد العزيز؛ أمير منطقة المدينة المنورة والشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي عام المملكة و عدد من ضيوف الجامعة يتقدمهم الدكتور أحمد هليل قاضي القضاة في الأردن إلى جانب الدكتور خالد العنقري وزير التعليم العالي.
وشهد الحفل حضورا نسائيا كبيرا في القاعة النسائية، في مقدمته الأميرة عادلة بنت عبد الله بن عبد العزيز، والأميرة نهى بنت سعود بن عبد المحسن حرم أمير المدينة المنورة.
#2#
وأكد الأمير نايف في كلمته الافتتاحية للمؤتمر أن انعقاد مؤتمر الإرهاب بين تطرف الفكر وفكر التطرف، يأتي في إطار اهتمامات وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وولي عهده الأمير سلطان بن عبد العزيز لمحاربة التطرف والغلو والإرهاب الذي يهدد حياة الإنسان وينتهك حرمة الدين ويعرض مقدرات الفرد والأمة للخطر.
وأضاف الأمير نايف: لقد كانت المملكة العربية السعودية من منطلق واجبها الديني والأخلاقي سباقة في كشف مخاطر الإرهاب والتطرف الفكري ومواجهته بقوة الردع ومنهجية الارتداع، كما كانت في مقدمة الدول المتضررة من تطرف الفكر وفكر التطرف الذي وقع فيه بعض من ينتمون إليها.
وأكد الأمير نايف أن هذا الاجتماع في هذا المؤتمر المهم في موضوعه وغاياته ليس لتشخيص الفكر المنحرف ولكن لوضع تصور عملي يعزز جهود إعادة المنحرف ومنع المستقيم من أن ينحرف وهي مهمة لن تكون بالسهلة ولكنها ليست بالمستحيلة أمام عزائم المخلصين واجتهاد المجتهدين فالغلبة دائماً لأنصار الحق والهزيمة دوماً لأعوان الباطل ودعاة الضلال.
وأبدى النائب الثاني أمله في أن يصل المشاركون في المؤتمر من خلال ما طرح من موضوعات ومحاور لجوانب موضوع تطرف الفكر وفكر التطرف إلى رؤية علمية تسهم - بإذن الله تعالى وتوفيقه- في نجاح جهود مواجهة الفكر المتطرف وحماية الفرد والأمة من خطره ومخاطره.
كما أكد الأمير نايف بن عبد العزيز على الدور المهم للمرأة أمنيا كونها الحاضن الأبرز للتربية بداية وهي الحامية لكل أمر يتعلق ببيتها مطالبا الزوجات بأن يكُنّ عونا لأزواجهم.
في كشف ما يلتبس على أبنائهم من أفكار مؤكدا الدور الكبير للمرأة في حماية شبابنا و بناتنا من منزلقات الفكر الضال.
من جهتهم, أبدى عدد من المتحدثين في حفل الافتتاح اهتماما كبيرا بموضوع المؤتمر حيث تحدث مدير الجامعة الإسلامية عن الهدم الذي يحصل مع عمليات الإرهاب فيما يتعلق بالأوطان و بسمعة الدين.
وقال الدكتور محمد العقلا:''إذا كنا نحن – عموم المسلمين – ندرك يقينا من داخلنا أن إسلامنا الحنيف دين بناء لا هدم، ودين سلام لا تفجير ولا تخويف.
وإننا وبعد أن ابتلينا بشرذمة ضالة شاذةِ، يتولون كبر بعض العمليات الإرهابية ، ويسيئون – بهذه الأعمال –إلى الإسلام وإلى شعوبهم وأوطانهم وذويهم ، فإن الجامعة الإسلامية، بصفتها مؤسسة تعليمية دينية يقع عليها واجب ديني ووطني _ تستشعره جيدا إزاء المواجهة الفكرية المستدامة لخوارج هذا العصر ، وأنهم خارجون عن تعاليم الدين وعن جماعة المسلمين؛ وذلك من أجل أن تتضافر وسائل العلاج الفكرية مع الجهود الأمنية في اقتلاع جذور الإرهاب من بلادنا، بلاد خادم الحرمين الشريفين خاصة، ومن ديار المسلمين عامة .
وامتدح الدكتور العقلا الدور الذي يلعبه الأمير نايف باعتباره المسؤول الأمني الأول في عملية مكافحة الإرهاب و قال: ''يدرك الحاضرون جيدا جهودكم الأمنية المباركة في الذود عن حمى الوطن، وفي الضرب بيد من حديد على رؤوس خوارج هذا العصر، وفي تحمل شرف الدفاع عن الدين والوطن ، ولست – الآن – في مقام من يمدحك أو يطريك أو يعدد مناقبك ومنجزاتك ، فأنت أكبر من ذلك، وما حضورك في هذا المساء ، وما رعايتك لهذا المؤتمر إلا دليل على ما يحمله قلبك الكبير من هم الوطن والذود عن حماه إزاء هذا الداء العضال الذي أخذت على عاتقك مواجهته، وتحملت _ عن اقتدار – مسؤولية القضاء عليه – بإذن الله .''
وأوضح مدير الجامعة الإسلامية أن مؤتمر الإرهاب الدولي هو ''مؤتمر للحوار بين الفكر الصحيح والفكر الضال ، مؤتمر لإقرار الصواب وتصحيح الأخطاء ، مؤتمر لتعزيز منهجية الحوار المستنير ، مؤتمر لدفع التهم الجائرة التي طالت بلادنا الغالية، ومواطنيها، وإبراز جهودها في مواجهة هذا الفكر المنحرف ، مؤتمر لإبراز سماحة الإسلام ووسطيته، ودعوته إلى السلم الاجتماعي والعالمي، مؤتمر لتصحيح مسار فكر الفئة الضالة الباغية التي انحرفت عن وسطية الإسلام، وأساءت إليه، مؤتمر يدعو إلى الاعتدال على علم وبصيرة، ويحذر من الفهم السقيم للدين، ومن الانخداع بالفكر المنحرف، مؤتمر يبحث فيه الجميع مسؤولية البيان لخطر هذا الفكر. وتعالج بحوث هذا المؤتمر – في محاوره الأربعة – ظاهرة التطرف الفكري، من حيث أسبابها ومنابعها ومخاطرها وآثارها والمعالجة الفكرية لها، وفقا لمدير الجامعة الذي أضاف أن هذه العلميات الإرهابية المنسوبة إلى مسلمين أدت إلى تشويه صورة الإسلام في ذاكرة العقل العربي ، واتهمته بالإرهاب، وأتباعه بالتطرف، وأضرت بالأقليات المسلمة في العالم أجمع، واستعدت العالم على المسلمين؛ فأضحوا مؤاخذين بأوزار الآثمين. مؤكدا أن هذه التظاهرة العلمية الحاشدة – بعون الله – قادرة على مواجهة الفكر الضال، وإجلاء الصورة المشرقة للإسلام والمسلمين، الذين عرفهم العالم لقرون خلت: مسالمين متعايشين مع الآخرين بناة للحضارة ، وروادا للعلم والمعرفة. من جانب آخر تحدث الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي عام المملكة عن أمة وسط عدل تقوم على مبدأ الآية الكريمة''وكذلك جعلناكم أمة وسطاً''، فإذا نظرت إلى تعاليمها وأحكامها وجدتها وسطاً بعيداًً عن التطرف والجفاء، لافتا إلى أن الذين انتهجوا فكر التطرف تجاوزوا الحد حتى صاروا مطية لأعداء الإسلام ينفذون على أيديهم ما يريدون بالأمة من مكر وكيد، فكان من الواجب مكافحة هذا الخطر الداهم ومجابهته بالحق الواضح المبين. ووجه المفتي خطابه لشباب الأمة الإسلامية مطالبا إياهم أن يفكروا في كل فكر يعرض عليهم وينظروا فيه نظر المتأمل، فكم من مدعي الإصلاح وهو من الساعين في الأرض بالفساد، مهيبا بكل مسلم يحب الخير والصلاح لأمته ووطنه أن يكون بعيداً عن هذا الإرهاب ولا يتستر على أهله ولا يؤويهم.
من جانبه تحدث الدكتور أحمد هليل قاضي قضاة الأردن باسم العلماء والأساتذة الحاضرين موجهاً الشكر والتقدير '' إلى المملكة العربية السعودية وإلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز على رعاية هذا المؤتمر انطلاقاً من أمانة المسؤولية التي تحملها في خدمة الإسلام وقضايا المسلمين، والمحافظة على الحرمين الشريفين وتوسعتهما ورعاية المشاعر المقدسة وتحقيق الأمن والرعاية للحجاج والمعتمرين، مقدما للأمير نايف كلمات الشكر والامتنان والتقدير على هذا الحضور الكريم والرعاية الميمونة، مع عظم مسؤولياتكم وجليل واجباتكم''.
ووجه قاضي قضاة الأردن حديثة للعلماء الحاضرين قائلا '' أما أنتم أيها العلماء الأجلاء فأنتم الكوكبة الخيرة والأنجم النيرة تبلغون رسالات الله وتخشونه ولا تخشون أحداً إلا الله، وتحملون رسالة الخير وتنشرون دعوة الحق، بالحكمة والموعظة الحسنة، تحملون هذا العلم العظيم تنفون عنه تحريف المغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين .
وأضاف: إن الحياة في ظلال الإيمان فيها الأمن والأمان والسكينة والاطمئنان والحياة بلا أمن خوف وقلق وفزع وأرق فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون، فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف.
وزاد: الإسلام يريد أن يعيش الناس في حب ووئام بعيداً عن الكراهية والخصام وخلقهم ليتعارفوا وأوجدهم ليتعاونوا ويتآلفوا (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا) دماؤهم وأنفسهم وأموالهم وأعراضهم محفوظة بأمر الله، وحقوقهم مرعية بسياج العدل والمساواة ومصونة عن التميز أو المحاباة، فالخلق كلهم عباد الله ,الإنسان كإنسان مكرم بأمر الله تعالى بغض النظر عن جنس هذا الإنسان أو لونه أو دينه أو وطنه .
وطالب القاضي الأردني المجتمع الدولي بضرورة تطبيق الحق والعدل والقانون بمكيال واحد وميزان واحد, فالإرهاب هو الإرهاب والقتل هو القتل والعدوان وهو العدوان فلا يجوز أن يؤثم الإرهاب ويجرم ويحلل الإرهاب ولا يحرم وما المسجد الأقصى عنا ببعيد.
#3#
وفي ختام حفل الافتتاح فتح المجال للحضور من رجال و سيدات لإبداء مشاركاتهم حول موضوع المؤتمر حيث أكدت الأميرة عادله بنت عبد الله بن عبد العزيز نائبة رئيسة برنامج الأمان الأسري الوطني أن الإرهاب ظاهرة مركبة ومعقدة وأسبابها كثيرة ومتداخلة وكلها تسهم في إنتاج العنف بنسب متفاوتة, لذا لابد من شمولية دراستها للتعرف على كيفية الحد من مسبباتها والتعامل مع تداعياتها.
و شرحت الأميرة عادلة بنت عبد الله فكرتها بالقول '' في إطار بناء شخصية الإرهابي فإننا نعول كثيرا على دور الأسرة، فمعظم الدراسات والأبحاث حول أطفال الشوارع تظهر أنهم نتاج العنف الأسري و بالتالي يخشى من كونهم نواة للإرهاب، وفي دراسة للدكتورة (منى حسن) في المؤتمر الدولي الثالث للمحللين النفسيين عام 2008 حول (الخصائص النفسية للأطفال المعنفين أسريا) أشارت إلى أن (ممارسة العنف ضد الطفل قد تؤدي إلى هروبه من كنف الأسرة إلى الشارع وهو أخطر تبعات العنف الأسري بعد الوفاة مما يؤدي إلى وجود قنبلة موقوتة من أطفال الشوارع نواة العنف والجريمة والإرهاب).
وأبدت الأميرة عادلة أهمية إضافية لدور الأسرة كمؤسسة اجتماعية أولى مسؤولة عن التنشئة الاجتماعية والضبط الاجتماعي وفق ثقافة الحوار والتسامح وضمن مسؤولية الأسرة وتحديدا مسؤولية الأم فإنه لا يمكننا تجاهل دورها كمربية فهي التي تصنع ثقافة المنزل وتغذي الأطفال بالقيم والمبادئ وكذلك دورها كزوجة وابنة وأخت في تغذية الفكر الإرهابي أو منع زرع بذوره في عقول من حولها.
وعابت الأميرة عادلة على بعض المؤسسات المعنية بحماية الأمن الفكري وتصحيح التوجه المتطرف تجاهل دور المرأة في غرس قيم التسامح وقبول الآخر كمربية في المنزل أو معلمة في المدرسة والجامعة, وهو دور لا يستهان بأثره الإيجابي في الحد من انتشار الأفكار الإرهابية والتطرفية, معتبرة أن تهميش دور المرأة في البرامج التأهيلية لأصحاب الفكر المتطرف، وعدم تأهيلها للتعامل مع الفكر المنحرف يشكل خطورة حقيقية على الأسرة.
ورفعت الأميرة عادلة شكرها و تقديرها إلي الأمير نايف بن عبد العزيز لرعايته هذا المؤتمر حاملا لواءه ومسؤوليته للتصدي لهذه الظاهرة بكافة السبل, كما توجهت بالشكر لجميع المشاركين من داخل المملكة ومن الدول العربية والإسلامية إسهاما منهم في إيجاد حلول مناسبة للحد من هذه الممارسات المدمرة للإنسان والأوطان.
وعلى صعيد الحوار المفتوح مع الأمير نايف بن عبد العزيز جدد النائب الثاني الدعوة لتجفيف منابع الإرهاب, مؤكدا أنه في حال لم يعمل الجميع على تجفيفها فإن الإرهاب سوف يتواصل و يظل قائما.
وفيما يتعلق بالعمليات الميدانية في مكافحة الإرهاب قال وزير الداخلية إن هناك أكثر من 200 حالة تم إحباطها و كذلك كشف من يقومون وراءها, مؤكدا أنهم حاليا بيد العدالة.
وحول الدور المطلوب من الإعلام تجاه الأمن قال الأمير نايف: إن دول العالم ومؤسساته ومجتمعاته تعلق أهمية على وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة خصوصاً الإنترنت فلا بد أن نواجه هذا الواقع بعلم ومعرفة ولا بد لإعلامنا السعودي أن يتحرك بشكل أقوى وأضخم ليواجه هذا الواقع، ولكن بالتزام ومسؤولية، وبشكل يرفع من واقع الوطن، ويجب أن نعلم على ماذا يعتمد وما هو توجهاته في الحاضر والمستقبل وما كان عليه في الماضي''.
وأضاف '' لا بد أن نلتزم بديننا القويم وألا نخالف نصاً شرعياً بأي شكل من الأشكال فإذا ضمنا هذا فمصلحة الوطن واضحة في إيصال الحقيقة الصادقة النافعة لكل متلق، يجب أن نواجه الواقع ونحتاج إلى الأكثر والأكثر والأقدر في العمل الإعلامي مع الالتزام بمسؤوليته نحو القارئ والمشاهد والمستمع .. وهذا للأسف ينقصنا وكأننا فقط نركز على الاستفادة المادية في نشر بعض الأفكار والمجادلات التي لا نفع منها، حتى نجذب المعلنين عن بضائعهم وعن احتياجاتهم, وهذا لا يجوز لنا كمسلمين أولاً ومؤمنين بالله ومتمسكين بكتابه وسنة نبيه ومصلحة الوطن، فليس من مصلحة ديننا ولا دنيانا أن نكون فقط نتلقف الأخطاء بدون أن نتحقق منها''.
ورحب النائب الثاني بالنقد البناء الموضوعي الذي يعتمد على حقائق، مطالبا العاملين في مجال الإعلام بتحمل مسؤولياتهم، وأضاف '' إن العصر عصر علم فإذا كان من يعمل في الطب أو غيره يستعين بصاحب الاختصاص فمن باب أولى أنه لا يكتب عن العقيدة إلا وقد استشار من هو أهل ومؤهل لهذا العلم, وأما أن يتحدث بكل بساطة وهو لا يفقه من الأمر شيئاً فهذا لا يجوز، أقول للجميع فلنعمل لأن يكون إعلامنا بمستوى تطلعاتنا ولأن نكون إن شاء الله من أفضل الأمم حاضراً ومستقبلاً وأن نتدبر ماضي أمتنا وأعمالهم الكبيرة الصادقة الصالحة ونجعلها قدوة لنا مع استعمال كل وسائل التقنية الحديثة، لتحمل المسؤولية أمام الله عز وجل ثم أمام هذا الوطن وأبنائه جميعاً.