الشريك الاستراتيجي لمعالجة أداء الشركات المساهمة المتعثرة
الشريك الاستراتيجي لمعالجة أداء الشركات المساهمة المتعثرة
<a href="mailto:[email protected]">m_alsaja@yahoo.com</a>
يرتبط أداء أسواق المال بالمؤشرات الاقتصادية للدولة ويكون انعكاسا للتطور والنمو الاقتصادي الحاصل، ولكن ما يحدث الآن لدينا يعتبر حدثاً متناقضاً، حيث إن الاقتصاد يزداد قوة وتنظيماً ونجد الفوائض المالية وحجم المشاريع والشركات التي يتم الإعلان عن نية تأسيسها أو طرحها في المستقبل القريب تأكيداً على ذلك، إلا أن سوق المال يعاني اهتزاز الثقة لدى المستثمرين والمضاربين على حد سواء ويعكسه التذبذب الحاصل في أسعار أسهم الشركات المتداولة، آخذين في الحسبان أن خمس شركات تحدد 60 في المائة من المؤشر و60 شركة تؤثر فقط في 5 في المائة منه من إجمالي الشركات الـ 79 المتداولة، وكون عدد الشركات يعتبر قليلا نسبياً فإنه من المتوقع وبحد أدنى أن يكون معظم هذه الـ 79 شركة من الشركات المميزة في أدائها وفي جدواها الاستثمارية ولكن هناك عدداً لا يستهان به تدخل في تصنيف شركات المضاربة (وهو اسم تجميلي للشركات الخاسرة أو المتعثرة على الأقل من الناحية التشغيلية)، وهذه الشركات أصبحت تبدو وكأنها وجدت ليكون هذا دورها، إذ إنه من المفهوم أن تمر الشركة بالدورة الاقتصادية للأعمال التجارية من مراحل التأسيس والنمو والربحية والمنافسة والتراجع ولكن أن تكون من اليوم الأول لنشاطها وهي كذلك فهناك خلل ما
وعندما بدأت عملية التصحيح في السوق نتيجة للتضخم الهائل لأسعار أسهم هذه الشركات مقارنة بالأداء ومكررات الربحية نجد أن الكثير من المواطنين قد وقعوا ضحية ذلك التصحيح إذ وضعوا أموالهم ومدخراتهم في أسهم شركات خذلتهم لأسباب عديدة منها المهارات الاستثمارية المحدودة أو قلة المعرفة بتحديد فرص استثمارية مناسبة فأضحوا في نهاية الأمر يتعاملون على أساس أن سوق الأسهم مضمونة وسريعة العوائد ناسين أو متناسين أو غير مدركين أن أسواق المال لا ترحم وأنه في نهاية المطاف لا يصح إلا الصحيح. وهذه الشركات المتعثرة هي حقيقة واقعة ولها سنوات وهي محلك سر ولقد تعرضت أسهمها إلى اختراق من قبل كبار المضاربين، وصارت لقمة سائغة للمتلاعبين وأصبحت مرتعا لخططهم من خلال التسلل من الثغرات النظامية مما أدى في النهاية إلى أن الغالبية تعاني من الانهيارات الحاصلة في أسعار تلك الأسهم.
لذلك فإن المقترح أن يتم إعادة النظر في تقييم جدوى تلك الشركات ليتم تصحيح أوضاعها التشغيلية ومعالجة الخلل أو الخطأ الموجود، فلقد صدرت جميعها بمراسيم ملكية وبحسب دراسات جدوى اقتصادية فليس من المنطقي أن تكون هذه الشركات قد نشأت متعثرة واستمرت في التعثر وستنتهي متعثرة وكأنه القضاء والقدر الذي لا مفر منه. وبناء على ذلك فقد يكون من المناسب أن يتم تشكيل لجنة بمبادرة حكومية من خلال المجلس الاقتصادي الأعلى أو الهيئة العامة للاستثمار على سبيل المثال وهذه اللجنة تقوم بوضع خطة وآلية تعنى بمتابعة أداء الشركات المساهمة المتعثرة (فهي قائمة قبل صدور العديد من الأنظمة والتشريعات الحالية) للإشراف على أداء الشركات التي لا يظهر أي اتجاه إيجابي في خططها للنهوض لحث ومتابعة إداراتها للتحالف مع شركاء استراتيجيين سواء أكانوا دوليين أم محليين متخصصين في الأنشطة المحددة لكل منها أو أن تقوم بالاندماج مع الشركات المحلية العاملة في القطاعات والخدمات المناسبة والتي تهدف إلى الطرح في السوق العام أو بمشاركة الشركات التي ستقوم بالاستثمار في مشاريع عامة كالتي تعمل الدولة على تخصيصها، فيتحقق بذلك التوجه الاستفادة من خبرات الشريك الاستراتيجي (الفني) في الإدارة والتشغيل ومن إمكانياته في استقطاب وتطوير الأعمال، والذي سيعمل أيضا على إضافة فريق إداري يتمتع بخبرات متنوعة وفهم عميق للنواحي المتعلقة بصياغة الاستراتيجيات وطرق التمويل وإعادة تنظيم الجوانب القانونية والمالية، والعمل في تصميم الهياكل التنظيمية التي تحقق الأهداف التشغيلية وإعداد الأنظمة والإجراءات التي من شأنها زيادة الفعالية ودعم عملية اتخاذ القرار، وكذلك إعداد خطط العمل المستقبلية، فدخول الشريك الاستراتيجي سيؤدي إلى دراسة ومراجعة ووضع الحلول وتصحيح أو حتى تغيير المسار لتلك الشركات وتنظيم وتطوير الأداء ورفع كفاءة وجودة المنتجات واتباع أساليب الإدارة الحديثة ورسم استراتيجيات واضحة وطويلة المدى. وهذا التوجه سيكون خطوة إيجابية نحو تأهيل تلك الشركات لتطبيق معايير حوكمة الشركات والتي تعمل عل ضمان حسن إدارة المنشآت مستقبلاً وبوجود الرقابة والمتابعة من قبل هيئة السوق المالية.
فنجد أنه إذا كان الكثير من المستثمرين قد وضعوا أموالهم في استثمارات أصبحت تتناقص أمامهم ولا حول لهم ولا قوة فإنه بتحول تلك الشركات إلى الأنشطة التشغيلية والمشاريع الناجحة أو الواعدة بدلاً من المتعثرة تبدأ أسهمها بالارتفاع وعلى أسس سليمة فتصبح تلك الأموال استثمارات ومدخرات على المدى الطويل وفي شركات تشكل جزءا من دعائم الاقتصاد الوطني وإن لم يكن ذلك هو الهدف الأساسي لدى هؤلاء المستثمرين عند قرار الشراء في بداية الأمر.