جدة.. وآل سعود علاقة حب واحترام وتنمية
العلاقة بين آل سعود, وأهالي منطقة مكة المكرمة عامة، وأهالي مدينة جدة بصورة خاصة علاقة عميقة ومتجذرة في فترة زمنية تتسع حتى تبلغ الـ 90 عاماً وقد لعب آل فيصل بن عبد العزيز دوراً حيوياً لبناء هذه العلاقة وتعميقها.
ولذلك حينما أخذ بعض الإعلاميين يحملون رموزاً من أهالي جدة مسؤولية الكارثة الطبيعية التي وقعت لأهلنا في شرق جدة مستبعدين أسباباً أساسية ومباشرة تجاهلوها بقصد أو بغير قصد، وطفقوا ينهشون في أبدان أهالي جدة وكأنّ أهالي جدة هم المسؤولون عن الكارثة الطبيعية المروعة التي لا شك أنها ضيعت مناطق بأكملها وأودت بحياة نحو 130 شهيداً.
في هذا المناخ الإعلامي المسيء والمغرض نهض الأمير خالد الفيصل ينافح ويدافع عن أهالي جدة ويعدد دورهم المميز في التنمية وبناء الوطن.
وكان الأمير الذي ورث عن والده الملك فيصل وعن شقيقه الأمير عبد الله الفيصل - يرحمهما الله - تراثاً من العلاقات الحميمة والقويمة مع البيوتات العريقة في مدينة جدة .. يرد على جرافة التهم العشوائية ويردها إلى أصحابها الموتورين.
وفي مناسبة افتتاح منتدى جدة الاقتصادي وقف الأمير خالد الفيصل مع أهالي جدة، وطلب من الجميع الوقوف تحية تقدير واحترام لجدة وأهلها، ويقول لهم صبر جميل والله المستعان على ما تصفون ونعم المولى ونعم النصير وغداً تظهر الحقائق وتنجلي الغمة وإن غداً لناظره قريب.
أعود مرة أخرى إلى العلاقات التي كانت وما زالت تربط أهالي جدة بآل فيصل بن عبد العزيز لأنها علاقة مميزة ومبنية على الحب والاحترام المتبادل بين آل فيصل وبين البيوت العريقة في مدينة جدة وفي منطقة مكة بأسرها.
إن علاقة الملك فيصل بمنطقة الحجاز (منطقة مكة المكرمة) علاقة قديمة تعود إلى ما يقرب من الـ 90 عاماً، فبعد أن دانت منطقة مكة المكرمة للمليك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن في عام 1923 اختار في التو ابنه الملك فيصل بن عبد العزيز نائباً له في الحجاز.
وكان الملك الحكيم عبد العزيز بن عبد الرحمن قد اختار أمير الحكمة فيصل بن عبد العزيز ليتولى مسؤولية بناء النظام السياسي في منطقة شهدت تغييراً كاملاً في نظام الحكم، وكان الحجاز مطمعاً لكثير من الدول العظمى وغير العظمى القريبة والبعيدة، ولذلك كانت تحوط الحجاز في ذلك التاريخ الكثير من القلاقل الدينية والاقتصادية والسياسية.
بمعنى إن الموقف في الحجاز كان يحتاج إلى ''الحكمة'' في الاختيار والحكمة في الأداء، ولذلك كان الملك عبد العزيز هو رأس الحكمة وكان الملك فيصل هو ابن مدرسة الحكمة. كان الملك فيصل - يرحمه الله - يحرص على بناء علاقات متينة مع البيوتات والأهالي، وكان مجلسه يزخر بأعيان جدة، بل كان يأخذ بآرائهم ويشعرهم بأن برنامجه السياسي والتنموي لم يصنعه هو فقط، وإنما صنعه معه أهالي مدينة جدة خاصة وأهالي منطقة مكة عامة.
لقد أرسى الملك فيصل مفاهيم جديدة في الإدارة والسياسة الخارجية، وأسس أول مجلس للوزراء تحت اسم مجلس الوكلاء، ثم أنهى بناء أول مجلس للشورى في تاريخ المملكة وافتتحه في عام 1926 برعاية الملك عبد العزيز، ثم أسس الملك فيصل قواعد الاقتصاد الوطني ووضع أسس السياسة المالية والنقدية وأنشأ أول وزارة للمالية، ثم وقع في جدة أول اتفاقية للبحث عن النفط في المنطقة الشرقية، ثم أصدر أول ميزانية تقديرية في تاريخ الحكومة السعودية.
وفي الوقت الذي كان الملك فيصل مشغولاً ببناء نظام جديد للحكم.. كان في أمس الحاجة إلى بناء نظام أمني يحمي النظام من الخارجين والعاصين، وفي هذه الظروف الحساسة التي كانت تمر بها المنطقة وقع الاختيار على ابنه الأكبر الأمير عبد الله الفيصل - يرحمه الله - ليكون وزيراً للداخلية، وكانت هذه الوزارة هي أما حاملا لكثير من الوزارات، فهي مسؤولة عن التعليم وعن الصحة وعن العمل وعن الأمن وعن الحج والمواصلات حتى الرياضة، وقبل ذلك كان الأمير عبد الله الفيصل شاعراً ينشر قصائده اللافتة والواعدة، ولذلك جمع في مجلسه كل أطياف المجتمع من أدباء وشعراء وسياسيين وأعيان وتجار، ولعل من أهم الإنجازات الأمنية التي حققها الأمير عبد الله الفيصل بناء نظام أمني متين في كل أنحاء المملكة التي كانت بمثابة قارة واسعة الأرجاء.
وهكذا فقد ترك الملك فيصل والأمير عبد الله الفيصل تراثاً من العلاقات الطيبة بين آل فيصل بن عبد العزيز وأهالي جدة.
ومن حسن حظ أهالي منطقة مكة المكرمة أن أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في عام 2008 أمراً ملكياً بتعيين الأمير خالد بن فيصل بن عبد العزيز أميراً على منطقة مكة المكرمة حتى تستمر المسيرة ولا تنقطع السيرة العطرة، والأمير الشاعر النابه الفطن خالد الفيصل وجد أمامه كنزا من العلاقات والتجارب الثرية التي خلفها له الفيصل العظيم وشقيقه عبد الله الفيصل، وكان سهلاً على الأمير خالد الفيصل أن يعود إلى ذلك التراث من العلاقات ليغترف منه ويكمل ما بدأه الأب العظيم والشقيق الأمثل، ولكن الصعوبة تكمن في أن خالد الفيصل جاء بعد عملاقين من عمالقة الإدارة والسياسة والحكم.
ونستطيع أن نؤكد أن خالد الفيصل استفاد من حكمة وحنكة والده وشقيقه، ولقد تجلت هذه الاستفادة حينما اتخذ موقفاً منصفاً من أهالي جدة في الأزمة التي تعرضوا لها بسبب كارثة شرق جدة، وأكد من خلال هذا الموقف أنه خير خلف لخير سلف.
لقد كان الأمير خالد الفيصل الإنسان الوحيد الذي ناشد الصحافيين بضرورة أن يتوخوا الحذر في وصمهم لأهالي جدة بأقذع الكلمات، واستخدم - لا فض فوه - مجموعة من الكلمات الذهبية عند افتتاح منتدى جدة الاقتصادي حيث قال: في هذا المساء الجميل ونحن نزف عروسنا جدة نحو العالم الأول لا يسعني إلاّ أن أبدي وأن أعبر عن عظيم حبي وإعجابي وتقديري لجدة وأهل جدة.
إن جدة فيها رجال أسهموا بعيالهم وأموالهم في بناء جدة الحديثة وبناء المملكة العامرة، وإذا كان البعض يتهم من أسهم في بناء الوطن بتلك التهم التي يندى لها الجبين خجلاً، فلا أقل من أن نقول: حسبنا الله ونعم الوكيل!!