الحجية المطلقة.. والانضمام إلى المنظمة

الحديث عن "حجية صكوك العقارات" تكرر أكثر من مرة في هذه الزاوية، وذلك لأهمية الموضوع ومحوريته في استقرار الملكيات، والتي تعني نمو وانتعاش السوق العقارية بأوعيتها المختلفة، وتتضح الأهمية إذا علمنا أن الاستثمار العقاري يؤثر في نحو 90 قطاعاً ونشاطاً تجارياً وصناعياً بشكل مباشر وغير مباشر "حسب الخبير العقاري سلمان عبد الله بن سعيدان - الاقتصادية 10/10/1426هــ".
كما يؤكد أهمية الحديث عن هذا الموضوع ما تشهده المملكة من تطورات اقتصادية وتنظيمية "تشريعية" متسارعة، أما الاقتصادية: فمن آخرها انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية وما يعنيه ذلك من دخول استثمارات كبيرة وكثيرة ستؤدي إلى انتعاش السوق العقارية بشكل أو بآخر سواءً بالاستثمار المباشر في البناء والتطوير والتسويق، استقلالا أو بمشاركة سعودية، أو من خلال ما تقوم به الشركات المالية وعلى رأسها البنوك من تمويل ومشاركة وبيع وشراء وغيرها من الأدوات المالية التي تتطلب تقديم ضمانات ثابتة, ويعد رهن العقار أهم هذه الضمانات، ويرتبط بما سبق توقع صدور أنظمة للرهن العقاري، والتمويل العقاري والإسكان، وهذه كلها تدور على العقار, وأهم ما تتطلبه هذه الأنظمة إكساء الحجية المطلقة للتملكات العقارية.
ومن جهة أخرى تتضح أهمية الحديث عن الحجية بعدما سمعنا عن تأسيس شركات عقارية عملاقة ومن أشهرها الشركة العقارية الكبرى التي يتوقع أن يكون رأسمالها 30 مليار ريال، وتهدف إلى إنشاء مدن سكنية وصناعية وسياحية، وإيجاد مفهوم جديد للإسهام في تطوير القطاع العقاري "الاقتصادية 11/10/1426هـ", كما تناقلت الصحف أخبارا عن مشاركات على مستوى شركات عقارية كبيرة تعدت الإطار المحلي إلى المشاركات الإقليمية، ويتوقع أن تتجاوز هذه المشاركات نطاق الإقليمية إلى العالمية بعد انضمام المملكة إلى منظمة التجارة، وهذه الشركات التي تعمل في العقار بيعاً وشراءً وتطويراً وبناءً وتمويلاً تحتاج إلى تملكات مستقرة ثابتة، لأن فتح المجال للطعن في التملك يعني تأخر المشاريع وتوقفها، ومن ثم وقوع الخسارة على الجميع.
ولكن هل يعني هذا أن الصكوك العقارية الصادرة من الجهات المختصة "المحاكم وكتابات العدل" لا تفيد الحجية؟ الجواب: بالطبع لا، فالصكوك لها حجية ولا يجوز الطعن فيها إلا وفق ما ورد في الأنظمة والتعليمات.
ولكن حديثي هنا عن الحجية المطلقة, وقد فصلت الحديث عن هذا في مقالات سابقة, ومن أهم ما يتعلق بذلك: قاعدة "إقامة الدعوى على من بيده العين" والتي تسمح بل وتلزم بتتبع مالك العين, في حال المطالبة بها, وهذا هو المختار فقها وقضاء في المملكة, وهذه القاعدة, في رأيي, تحتاج إلى مراجعة لدراسة مدى إمكانية منع تتبع من بيده العين إذا كان قد تملكها بطريق صحيح وعن حسن نية، وحصر المطالبة بالتعويض عن الضرر من المتسبب في حال انتقل العقار من يد من استولى عليه ظلماً إلى يد آخر حسن النية, وهذه مسألة فقهية سوف أعود إليها في مقال مستقل إن شاء الله.
من المعلوم أن نظام التسجيل العيني للعقار أخذ بـ "مبدأ الحجية المطلقة" وبالحماية الشاملة لصاحب القيد بعد مرور المدد والآجال المنصوص عليها في النظام فيما عدا حالتي التزوير ومخالفة الأصول الشرعية إلا أن هذا النظام لم يطبق بعد، كما أن تطبيقه على جميع مناطق المملكة يحتاج إلى وقت طويل, فهل يمكن أن يتم إجراء تعديل على النظام الحالي مراعاة لظروف المرحلة ليعطي صكوك العقار هذه الميزة, هذا ما يستطيع الجواب عنه المختصون في الجهات المختصة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي