بعد سنة .. وألف ليلة وليلة
يقول الشاعر المصري مرسي عزيز صاحب الألف قصيدة في قصيدته التي تغنت بها أم كلثوم ''مش قبل سنة دي ليلة حب حلوة بألف ليلة وليلة''، حيث ينتهي بالشاعر توجده بألا تطلع الشمس إلا بعد سنة، ويختزل العمر كله فقط في تلك الليلة. وفي إطار أول دلو في هذه السنة الميلادية أولا أعبر لأحبتي القراء من خلاله عن عميق شكري لمن ساهم أو تفاعل مع كل دلاء السنة الماضية، سواء بالقراءة أو المشاركة، كما أدعو المولى - جل وعلا - أن تكون سنة خير وبركة لنا جميعاً في ديننا ودنيانا. لقد أكملنا بالكتابة في هذه الزاوية الآن سنة كاملة وحري بنا أن نراجع الماضي، ونستشرف المستقبل، ولا نعيش فقط حبور وسعادة يوم أو ليلة واحدة، وذلك بالطبع من المنظور الاقتصادي وفي تخصص ما يطرح من سطور في هذه الزاوية إذ إن مناحي الحياة الأخرى متروكة لكل متخصص مجاله. ففي سوق الأسهم السعودية مثلاً سجل السوق أعلى ارتفاع له بين الأسواق الخليجية بواقع نحو 30 في المائة، وقد كان ذلك متفقاً تقريباً مع ما سبق أن أشرنا إليه في أكثر من مناسبة، سواء كتابة أو تلفزيونياً، وكذلك بلا شك مع ما رأته أغلبية توقعات المحللين الواقعيين، ولعل هذا آلة إلى واقعية التنظير من منطلق الأساسيات الاقتصادية التي يجب أن يعتمد عليها السوق على الرغم من ضبابية المعلومات خلال عام 2009م وما حصل من أزمات مالية، سواء إقليمية أو دولية وانعكاسها على السوق السعودي. ولذا فليس تحيزاً إلى مدرسة دون أخرى والتي منها أنني أنادي بالتحليل الأساسي، وليس الفني، إذ إن لي أكثر من وقفة في مدى صلاحيته للسوق السعودي بسبب عوامل مرتبطة بنظرية العلوم المالية وانتفاء بعض من حيثيات انطباق هذه الطريقة إلا إذا كان العمر ''الاستثمار'' يراد له أن تختزل سعادته في يوم أو ليلة. إن السوق السعودي ما زال لديه عدد من السلبيات والنواقص إلا أنه قطع مراحل كبيرة في سبيل إصلاحها والشكر لهيئة السوق، سواء كان ذلك فيما يتعلق بالبنية الهيكلية أو المعلوماتية علما بأن رؤية ثمار الإصلاح تأخذ وقتا، غير أنه يستدل على نجاح هذه الإصلاحات بتدني مقدار التذبذب في الأداء طيلة عام 2009م على الرغم من أزمات وعوامل أساسية الأولى أن يكون لها أثر أكبر يوم أن كانت البيئة للسوق تنتهج بعشوائية وتيرة المضاربات التي كانت سائدة في السنوات الخمس الماضية، خصوصاً منذ عام 2004م إلى 2007م حتى إن خبرا هامشيا من الناحية الأساسية كتغيير ساعة الوقت لافتتاح أو إقفال السوق كان يقال كسبب لتوجه معين. إن البناء على أساسيات السوق وعلى الرغم من تحديات العوامل الاقتصادية وبيئة ونسيج مجتمع الاستثمار في سوقنا أثبت بأنه الفيصل لاستشراف المستقبل في الأداء، ولذا من المتوقع أن يستمر السوق في تناميه الهادئ لأن نتائج الإصلاحات الاقتصادية سواء البنيوية أو غيرها تأخذ وقتا لترجمتها إلى واقع. وهذا النمو الهادئ، نوعا ما، ما هو إلا استجابة للنمو الهادئ على وجه العموم في العوامل الأساسية التي يجب أن تحرك السوق وتوجهه بالوجهة السليمة. إن تفعيل دور السوق في الاقتصاد من خلال ضبط إيقاعه بشكل يتسق والمعطيات الأساسية لهو الهدف الذي يجب أن يُسعى إليه إذا أردنا لأن يكون سوق الأسهم أداة فاعلة في الإنتاج الاقتصادي وإلا استهلك هناء ألف ليلة بليلة واحدة سيتمنى فيها أن يقال للشمس تعالي بعد سنة!!!