منصة دفع فوري على "تشات جي بي تي" تعيد رسم خريطة التجارة الإلكترونية عالميا

منصة دفع فوري على "تشات جي بي تي" تعيد رسم خريطة التجارة الإلكترونية عالميا

منصة دفع فوري على "تشات جي بي تي" تعيد رسم خريطة التجارة الإلكترونية عالميا

على مدى عقود، اعتاد المتسوقون عبر الإنترنت على إيقاع ثابت لا يتغير كثيرا: البحث، التصفح، إضافة المنتجات إلى السلة، ثم الانتقال إلى الدفع. ورغم أن هذه العملية أصبحت مألوفة، إلا أنها كثيرًا ما وُصفت بالمرهقة والمليئة بالخطوات المعقدة. ومع دخول شبكات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وإنستجرام إلى ساحة التجارة الرقمية، تغيّر المشهد جزئيا عبر إتاحة التسوق اللحظي من خلال الإعلانات المدمجة في المحتوى.

لكن اليوم، يبدو أن ثورة جديدة أكثر عمقا بدأت تتشكل، يقودها التعاون بين "أوبن إيه آي" و"سترايب"، في خطوة قد تقلب موازين التسوق الإلكتروني رأسا على عقب، وفقا لمجلة فورتشن.

في إعلان مشترك يوم الأربعاء، كشفت الشركتان عن إطلاق ميزة الدفع داخل منصة تشات جي بي تي، وذلك بالاعتماد على بروتوكول جديد للتجارة الرقمية طوّرته الشركتان معا. وتبدأ الخدمة أولًا مع بائعي إيتسي في الولايات المتحدة، على أن يتم توسيعها قريبًا لتشمل أكثر من مليون متجر على منصة سوبيفاي.

يُبنى هذا البروتوكول على معيار مفتوح يربط أنظمة الذكاء الاصطناعي بالبنى التحتية التجارية، لكنه يركز تحديدًا على المدفوعات والعمليات الشرائية. وتأتي مساهمة "سترايب" هنا محورية، إذ توفر قدراتها في منع الاحتيال، وشبكة مدفوعات عالمية، إلى جانب قاعدة ضخمة من التجار، ما يجعل من البروتوكول أداة قابلة للتطبيق الفوري من قِبل ملايين الشركات.

يرى الخبراء أن تأثير البروتوكول الجديد يتجاوز أوبن إيه آي، إذ إن كونه مفتوح المصدر يتيح لأي مساعد ذكاء اصطناع دمجه لتقديم تجربة التسوق داخل الدردشة، ما قد يسرّع انتشار هذا النمط قبل أن تستعد له العلامات التجارية. ولكن النتيجة المحتملة هو فقدان جوجل وأمازون، ولأول مرة منذ عقدين، موقعهما كنقطة البداية الافتراضية للتسوق الإلكتروني.

أما سبب فتح أوبن إيه آي البروتوكول للمنافسين، فتوضحه ميشيل فرادين، مديرة منتجات تشات جي بي تي، بأنه قرار يركز على مصلحة التجار، إذ يسهل عليهم دمج منتجاتهم في منصات متعددة وزيادة مبيعاتهم دون جهد إضافي، ويجعل المنظومة قابلة للتوسع عالميًا.

مع ذلك، قد لا تكون كل العلامات التجارية مستعدة للانخراط في هذه التجربة الجديدة. فاعتماد البروتوكول قد يعني فقدان جزء من السيطرة على العلاقة المباشرة مع المستهلكين، كما أن الرسوم المرتبطة بالمدفوعات قد تُثني بعض البائعين الذين يعملون بهوامش ربح محدودة. غير أن كثيرا من الشركات الكبرى ترى أن الوصول السلس إلى المستهلكين عبر الذكاء الاصطناعي يفوق هذه التحديات.

وأشارت فرادين إلى أن العلامات التجارية والتجار بحاجة إلى بذل بعض الجهد لإدراجهم في نتائج بحث تشات جي بي تي للدفع الفوري. وذلك لأنه إذا كنت تريد أن يوصي بمنتجك، فعليك تزويده ببيانات منظمة ومفصلة يمكن للنموذج "رؤيتها" وفهمها. قالت: "أفضل طريقة اليوم لضمان حصول منتجك كتاجر على أفضل فرصة للاختيار هي التأكد من حصولنا على أحدث المعلومات حول منتجاتك".

ومع هذا التحول، تُثار تساؤلات جدية: كيف سيقرر تشات جي بي تي أي المنتجات يوصي بها؟ هل سيعرض خيارات متعددة أم يوجّه المستهلك إلى خيار واحد؟ وهل قد يتحول الأمر لاحقًا إلى نموذج "الدفع مقابل الظهور" مثلما حدث مع محركات البحث والإعلانات الرقمية؟ في الوقت الراهن، تقول فرادين إن توصيات التسوق في تشات جي بي تي تعتمد كليًا على الذكاء الاصطناعي، دون خوارزميات ثابتة يمكن التلاعب بها كما هي الحال في محركات البحث. كلما كانت بيانات المنتج أكثر دقة وجودة، زادت فرص ظهوره للمستخدم.

من الواضح إذن أننا أمام بداية حقبة جديدة من التسوق، حيث تتحول المحادثات مع الذكاء الاصطناعي إلى قناة رئيسية للشراء. وإذا ما ترسخ هذا النموذج، فقد يعيد بالفعل رسم قواعد التجارة الرقمية لعقدين قادمين.

الأكثر قراءة