خفض الفائدة الأمريكية.. ما له وما عليه من منظور خبراء اقتصاد

خفض الفائدة الأمريكية.. ما له وما عليه من منظور خبراء اقتصاد

خفض الفائدة الأمريكية.. ما له وما عليه من منظور خبراء اقتصاد

قبل أيام، اتخذ مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قرارا طال انتظاره بخفض سعر الفائدة الأساسي ربع نقطة مئوية، في خطوة شكّلت تحولا جوهريا عن دورة التشديد النقدي التي طبعت السنوات الـ4 الماضية.

القرار لقي ترحيبا من الشركات العالمية ورؤوس الأموال الدولية، على الرغم من أنه جاء في سياق اقتصادي معقّد داخليا وخارجيا. فالتضخم في الولايات المتحدة تراجع، لكنه ما زال أعلى من مستهدف الفيدرالي البالغ 2%، فيما يسجل النمو العالمي تباطؤا عند حدود 3% سنويا، وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي.

يحمل القرار له كثير من الانعكاسات الإيجابية على الاقتصاد الأمريكي. فخفض الفائدة يقلل تكلفة الاقتراض، ويحفّز الاستهلاك والاستثمار ويعزز الطلب على العمالة. لكن التأثير الحقيقي للقرار لا يقف عند اعتاب الاقتصاد الأمريكي.

كريد بلنت، الاستشاري السابق للجنة المالية في بنك إنجلترا، يرى أن القرار "بداية لاتجاه دولي في خفض الفائدة"، ويتوقع انعكاسه إيجابا على الاقتصاد الأمريكي والعالمي، مشيرا إلى أن الشركات الأمريكية سارعت بعد القرار بإصدار سندات قاربت قيمتها 15 مليار دولار، ما يبرز ثقة أكبر في بيئة تمويلية أكثر مرونة.

فرصة يمكن أن تتحول إلى "فخ"

مع تراجع قوة الدولار، كنتيجة طبيعية لخفض الفائدة، تنخفض أعباء خدمة الدين على الاقتصادات الناشئة، المثقلة بديون خارجية تتجاوز 31 تريليون دولار. كما يمكن أن يشجع هذا على تدفق رؤوس الأموال نحو الأسواق التي ينطوي الاستثمار فيها على مخاطرة أعلى.

قضية الديون تفرض نفسها، إذ يرى أن. ال. ماكينزي، الباحث في بنك التسويات الدولية، أن قرار خفض الفائدة يخفّف مؤقتا أعباء الفوائد على الاقتصاد الأمريكي، الذي تقترب مديونيته من 37 تريليون دولار، ويمنح الاقتصادات الناشئة متنفسا ماليا.

لكنه يحذر في الوقت ذاته من أن استمرار الاعتماد على الاقتراض دون إصلاحات هيكلية "سيحوّل الفائدة المنخفضة من فرصة إلى فخ"، مشيرا إلى أن رؤوس الأموال التي تتدفق على الأسواق الناشئة غالبا ما تكون "أموالا ساخنة" تغادر سريعا مع أي انعكاس في السياسة النقدية.

لكن المخاطر القائمة، والمتعلقة باحتمال عودة التضخم مجددا في وقت تتخطى فيه الديون العالمية 234% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، يجعل الاقتصاد الدولي عرضة لهزات الجميع في غنى عنها.

خفض الفائدة يحمل معه مخاطر التضخم

يبلغ مستوى التضخم العام في الولايات المتحدة 2.9% حاليا، بينما التضخم الأساسي عند 3.1%، وهما مستويان بعيدان عن مستهدف الفيدرالي بكثير، بحسب الخبير المصرفي باري ريدمان.

يحذر الخبير المصرفي قال لـ "الاقتصادية" إنه "إذا استجابت الأسواق للخفض بزيادة مفرطة في الاستهلاك فقد يخرج التضخم عن السيطرة مجددا".

أما الدكتورة أليس إيفانز، أستاذة التجارة الدولية، فتعد أن اتخاذ خفض الفائدة قرارا جيدا وإن جاء متأخرا، إذ تتوقع أن ينعش أسواق العقارات والاستهلاك، سواء عبر تراجع معدلات الرهن العقاري أو انخفاض كلفة البناء، فضلا عن أن بصمته ستكون شديدة الوضوح على صناعات رئيسية مثل السيارات.

لكنها على الرغم من ذلك تحذر من أن "الانتعاش الحقيقي للتجارة الدولية يتطلب تخلي واشنطن عن سياسات الحماية التجارية وليس خفض الفائدة فقط".

قد يستفيد الاقتصاد الأمريكي من تحفيز الاستهلاك والاستثمار، وقد تحصل الاقتصادات الناشئة على متنفس. غير أن شبح التضخم وعبء المديونية العالمية ما زالا يثقلان كاهل الاقتصاد الدولي، ويجعلان الطريق إلى التعافي مليئا بالتحديات.

الأكثر قراءة