زابوس.. خدمة العملاء تصنع شركة بقيمة فاقت المليار دولار

زابوس.. خدمة العملاء تصنع شركة بقيمة فاقت المليار دولار

زابوس.. خدمة العملاء تصنع شركة بقيمة فاقت المليار دولار

عادة ما يشكل المعطى الذاتي عنصر قوة في نجاح أي رائد أعمال، فلا بد أن يكون السعي وراء حل مشكلة معينة، قد لا تبدو كذلك للآخرين، دافعا وراء فكرة أو مشروع يحقق الريادة لصاحبه.

تلك حكاية الشاب الإنجليزي نيك سوينمرن الذي طالت جولته في شوارع سان فرانسيسكو، وهو يتنقل بين المحلات التجارية بحثا عن حذاء، فحينما يجد اللون المناسب لا يكون القياس كذلك، وإذا وجد القياس يغيب اللون، ليعود في النهاية خاوي الوفاض دون حذاء.

في الطريق نحو البيت تردد سؤال في ذهن الرجل؛ لماذا لا يوجد عرض لجميع الأحذية بالمقاسات والتفاصيل على الأنترنت، الذي لم يكن في أواخر عقد التسعينيات منتشرا، بحيث يختار الزبون من بينها الأنسب، ويرسل إليه في المنزل ما يعفيه من جولة بلا طائل.

قرر نيك سوينمورن اختبار الفكرة رغم غرابتها، على غرار كل الأفكار في البداية، بالتعاون مع صديقه توني شاي، صاحب شركة صغيرة متخصصة في الاستثمار المجازف، الذي ضخ استثمارا بقيمة 1.1 مليون دولار منحته موقع الشريك التنفيذي في إدارة الشركة الناشئة.

افتتح الشابان متجرا إلكترونيا لبيع الأحذية تحت اسم "Shoesite"؛ أي موقع الأحذية، ولاحقا تم تغييره مع الإقبال الكثيف عليه، ليصبح "Zappos"، وهي مقابل لأحذية باللغة الإسبانية المنتشرة في جنوب الولايات المتحدة الأمريكية.

كان التحدي الأكبر الذي يواجه المشروع هو كيفية إحداث تغيير في الذهنيات، وذلك بالقدرة على إقناع "الزبون" بالقيام بعملية الشراء عن طريق الإنترنت دون قياس أو تجريب أو حتى مجرد لمس المنتوج.

حقق موقع زابوس إيرادات غير متوقعة حتى بالنسبة إلى صاحب الفكرة نفسه، فخلال عام واحد تجاوز العائد 1.6 مليون دولار، ثم قفز إلى 32 مليون دولار عام 2002، وبلغ خلال 5 سنوات 370 مليون دولار. ونجحت في مضاعفة الأرباح 1000 بتخطيها 1 مليار عام 2008.

شكل مفهوم خدمة العملاء كلمة السر خلال السنوات الأولى، فالمتجر يمنح الزبائن مدة شهر كامل بعد الشراء لإعادة المنتج أو تغييره في حال عدم الرضى. كما يقدم خدمة الشحن والتوصيل المجاني نحو جميع الولايات في أمريكا، ثم في وقت لاحق خدمة الإرجاع المجاني أيضا، وذلك من أجل بناء الثقة مع الزبائن.

سرعان ما ستفقد زابوس هذه الميزة الفريدة في البداية، على اعتبار أنها سهلة التطبيق وفي متناول أي شركة أخرى، ما حتم البحث عن فكرة إبداعية أخرى لتطوير المنصة، والحفاظ على المنحى التصاعدي لأداء المتجر، ومواصلة جلب مزيد من المستخدمين.

هكذا عاد مجددا إلى العملاء فهم أساس المشروع برمته، فوضع إستراتيجية تقوم على تحويل كل عملية شراء إلى تجربة مميزة مع العملاء، بتوجيه الموظفين في الشركة إلى اعتبار كل شراء حملة تسويقية قائمة بذاتها. فكانت عملية التواصل تلقائيا بلا نصوص أو عبارات جاهزة، مع ضرورة إبداء طابع عاطفي خلال المحادثة.

نجحت الخطة بشكل لافت، حتى أن زابوس سجلت أطول محادثة خدمة العملاء في التاريخ، تعدت 8 ساعات دون توقف. علما أن المحادثة في الأصل لم تكن غايتها مساعدة العميل، بل كان نقاشا عاما حول نظام الحياة في لاس فيغاس، لكنها انتهت بشراء العميل زوجا من الأحذية.

كانت إستراتيجية خدمة العملاء دافع أمازون الأكبر لشراء زابوس بعد 10 سنوات على نجاح مثير، فالشركة لم تبتكر أي خدعة أو فقاعة تسويقية، كعادة أغلب الشركات ذات الصعود الصاروخي، بقدر ما استثمرت في إذكاء بعد عاطفي في العلاقة مع عملائها.

تعد زابوس إحدى أضخم صفقات أمازون عام 2009، في عز الأزمة المالية العالمية، فقد حددت القيمة السوقية الإجمالية لها ب 1.2 مليار دولار عند إتمام الاستحواذ، ما جعل الشركة تدخل نادي المليار دولار بعد أقل من 10 أعوام على تأسيسها.

سيرة زابوس ومعها قصة سوينمرن تمثلان دليلا على أن التحول الكبير للمفاهيم والقواعد أيضا، ففكرة العمل بالمفهوم القديم ولت. فنحن هنا أمام ذكاء في التقاط ثغرة في السوق، ثم العمل على تلبيتها ليكون العائد ثروة فاقت المليار.

الأكثر قراءة