رياح معاكسة تهب على الاقتصاد العالمي بعد تقبل زيادة الرسوم الجمركية
رياح معاكسة تهب على الاقتصاد العالمي بعد تقبل زيادة الرسوم الجمركية
يبدو أن الاقتصاد العالمي قد استوعب الزيادة الحادة في الرسوم الجمركية الأمريكية وتزايد حالة عدم اليقين بشأن مستقبل النظام التجاري الدولي، لكنه يواجه رياحا معاكسة أشد مع استمرار ارتفاع معدلات الضرائب.
مع إصدار كثير من الدول لبيانات النمو الاقتصادي التي تغطي الربع الثاني من هذا العام، برز نمط واضح. فالاقتصادات التي نمت بسرعة في الربع الأول مع تسابق الشركات الأمريكية على بناء المخزونات قبل زيادة الرسوم الجمركية، تباطأت في الربع الثاني مع فرض تلك الرسوم.
وبحسب وول ستريت جورنال، أبرز مثال على هذا التحول هو أيرلندا، التي شهدت ارتفاعا في ناتجها المحلي الإجمالي 7.4% في الأشهر الثلاثة المنتهية في مارس، قبل أن ينخفض 1% في الأشهر الثلاثة المنتهية في يونيو.
أظهرت البيانات البريطانية تباطؤ النمو من 0.7% في الربع الأول إلى 0.3% في الربع الثاني، وهو انخفاض أبسط مقارنة بأيرلندا. كما أعلنت سويسرا يوم الجمعة تباطؤ النمو من 0.8% إلى 0.1%.
الأرقام كانت جيدة جدا في النصف الأول من العام لكل من المملكة المتحدة وسويسرا. ورغم أن عددا من الاقتصادات الكبرى لم تُصدر بعد بيانات الربع الثاني، يبدو واضحا أن النمو الاقتصادي العالمي صمد بشكل أفضل من المتوقع عندما لاح خطر فرض الرسوم الجمركية المرتفعة. وكانت اليابان من بين أحدث الدول التي نشرت بيانات يوم الجمعة، مسجلة انتعاشا في النمو خلال الربع الثاني بعد بداية أقوى قليلا للعام مما كان متوقعا سابقا.
هناك قطاعات من الاقتصاد العالمي لم تتأثر كثيرا حتى الآن سواء بتوقع الرسوم الجمركية المرتفعة أو بفرضها فعليا، رغم أنه قد يحدث تأثير لاحق. في إسبانيا، ارتفع النمو 0.6% في الربع الأول ثم إلى 0.7% في الربع الثاني، بينما شهدت بولندا، ذات الاقتصاد الأصغر قليلا، تجربة مشابهة.
من منظور من يتابع نتائج الحرب التجارية، الخيار الذي اتخذته عديد من الدول بعدم الانتقام قد يعتبر سلسلة من الخسائر لها وسلسلة من الانتصارات للولايات المتحدة. لكن هذه الخيارات هي أيضا انتصارات للاقتصاد العالمي، ويبدو أن العودة إلى الفوضى الانتقامية المتبادلة كما في الثلاثينيات غير مرجحة في الوقت الحالي.
هذا لا يعني أن الاقتصاد العالمي لم يتضرر من ميل ترمب لفرض الرسوم على الواردات. على العكس تماما. لكن تأثير الزيادات الحالية في الرسوم لن يتضح إلا بعد مرور بعض الوقت، ومن المرجح أن أي زيادات مستقبلية ستزيد الضرر.
تؤدي التعريفات الجمركية المرتفعة الآن إلى ضعف تدفقات التجارة. قدر مكتب تحليل السياسات الاقتصادية الهولندي أن حجم البضائع المنقولة عبر الحدود الوطنية ارتفع بسرعة 1.9% في الأشهر الثلاثة الأولى من العام، مدفوعا باستباق الشركات الأمريكية لزيادات التعريفات الجمركية. أما في أبريل، انخفضت التجارة العالمية 1%، ثم 0.9% أخرى في مايو. لم تصدر أرقام شهر يونيو بعد، ولكن من المرجح حدوث انخفاض إضافي.
قالت نغوزي أوكونجو إيويالا، المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية: "لا يزال الأثر الكامل لإجراءات التعريفات الجمركية الأخيرة يتكشف(...) لا يزال شبح عدم اليقين بشأن التعريفات الجمركية يُلقي بظلاله الثقيلة على ثقة الشركات والاستثمار وسلاسل التوريد".
رفعت منظمة التجارة العالمية توقعاتها للتجارة العالمية في السلع هذا العام، وتتوقع الآن نموا بنسبة 0.9%، بعد أن توقعت انخفاضا بنسبة 0.2% في أبريل. ويعود جزء كبير من هذا التحسن إلى الارتفاع الكبير في واردات الولايات المتحدة خلال الربع الأول.
وتشير المنظمة إلى أن الرسوم الحالية ستحدث تأثيرا أكبر في النهاية من الرسوم المنخفضة التي فُرضت في أبريل. يتفق صانعو السياسات حول العالم على ذلك، ويتخذون إجراءات عملية لمواجهته.