"المواسم الانتقالية" تجذب السياح .. عطلات خارج الذروة تتحدى الصيف والأسعار
باتت فكرة السفر في "المواسم الانتقالية" – ما بين ذروة السياحة وضعفها – تكتسب زخما ملحوظا لدى المسافرين الباحثين عن بديل أذكى لشهور الصيف الحارة والمزدحمة.
مع اشتداد موجات الحر في يوليو وأغسطس، وارتفاع الأسعار، وازدحام الوجهات الساحلية، يجد كثيرون أن التوقيت المثالي لقضاء العطلة هو في أبريل أو مايو أو سبتمبر وأكتوبر، حيث يكون الطقس ألطف، والأسعار أقل، والأجواء أكثر هدوءاً.
هذا التحول المتنامي لا يقتصر على تحسين تجربة السياح فحسب، بل يحمل إمكانية تخفيف الضغط عن الوجهات المزدحمة في ذروة الصيف، ويعزز استغلال مرافق الإقامة والنقل في الأشهر التي كانت تُعد "راكدة" في السابق.
لكن، بحسب خبراء السياحة، لن ينجح هذا التحول إلا بتنسيق واسع بين القطاعات السياحية لإبقاء المنتجعات والمعالم مفتوحة، وتكثيف الترويج لمزايا السفر خارج الموسم، وربما إعادة النظر في جداول العطل المدرسية، وفقا لـ "ساوث تشاينا مورنينج بوست".
منذ جائحة كوفيد-19، شهدت شركة دلتا إيرلاينز الأمريكية "تحولا منهجيا" على مدار عدة سنوات في الطلب الأمريكي على الرحلات الأوروبية من يوليو وأغسطس إلى فترات الذروة.
وقال رئيس الشركة، جلين هاوينشتاين، للمستثمرين في وقت سابق من هذا الشهر، "يتطلع المستهلكون إلى تجنب حشود الذروة وحرارة الصيف"، مضيفا أن "الذروة أصبحت أقل حدة والموسم الانتقالي أصبح أقوى".
شركات الطيران الأوروبية تشهد الظاهرة نفسها. فشركة إيزي جت البريطانية، رغم حفاظها على حجوزات الصيف، سجلت نمواً في الطلب خارج الموسم، ما يفتح الباب أمام أرباح محتملة في الربع الأخير من العام الذي كان تاريخياً موسم خسائر.
كما شهدت شركة الطيران اليونانية إيجيان إيرلاينز تحسنًا في أدائها المالي في الفترة من أكتوبر إلى ديسمبر، مع زيادة السفر من أثينا وسالونيك وإليهما. يُعزي ذلك جزئيًا إلى تغير المناخ واعتدال درجات الحرارة في الشتاء، ما أدى إلى "تخفيف تدريجي" للطلب، وفقًا لما صرّح به رئيس مجلس الإدارة إفتيكيوس فاسيلاكيس في مارس.
الأرقام تؤكد هذا التوجه. ففي نوفمبر الماضي، ارتفع عدد الزوار إلى اليونان 24% مقارنة بالعام السابق، وقفزت الإيرادات السياحية الشهرية 45% لتصل إلى 618 مليون يورو، بينما زاد إنفاق السياح الأمريكيين 78% وشكلوا نحو خُمس الإجمالي.
وتشهد سوق الإيجارات قصيرة الأجل في أوروبا أيضًا زيادة في الطلب في فصل الخريف، وفقًا لشركة أير دي إن أيه، التي تتتبع قوائم العقارات على أير بي إن بي وفربو.
وارتفعت الليالي المحجوزة 18% على أساس سنوي في أكتوبر 2024، وكانت أعلى 31% من الإجمالي في أكتوبر 2019.
شركات السياحة النشطة التي تقدم رحلات مشي ودراجات وجولات ثقافية، تؤكد أن السياح لا يفضلون هذه الأنشطة عند تجاوز الحرارة 40 درجة مئوية، ما يدفع بعضهم شمالاً أو إلى السفر في الخريف.
وامتد موسم الشركة الأوروبي من أبريل حتى نهاية أكتوبر، مع خطط للتوسع إلى نوفمبر في وجهات جنوبية. لكن التحديات لا تزال قائمة، أبرزها محدودية السعة الجوية خارج الموسم، وصعوبة إقناع المطاعم ووسائل النقل والمعالم بالبقاء مفتوحة.
العاملون الموسميون يغادرون مع نهاية الصيف، ما يفرض على الشركات السياحية البحث عن حلول مثل تمديد العقود، أو تقديم حوافز نهاية الموسم، أو اعتماد جداول مرنة للحفاظ على الموظفين، وفق توصيات المفوضية الأوروبية للسياحة.
إلى جانب ذلك، تحتاج المنتجعات إلى تنويع عروضها خارج الشمس والبحر، عبر الاستثمار في الثقافة والطبيعة والرياضة والصحة. شركات كبرى مثل تي يو آي بدأت تنظيم فعاليات رياضية، منها رعاية سباقات ماراثون في رودس ومايوركا وقبرص، لجذب زوار الخريف والشتاء.
ويبقى تعديل العطلات المدرسية عاملاً أساسياً لمساعدة العائلات على الاستفادة من المواسم المتوسطة.