بنك إنجلترا يخفض الفائدة لأقل مستوى في عامين بعد انقسام حاد

بنك إنجلترا يخفض الفائدة لأقل مستوى في عامين بعد انقسام حاد
حافظ بنك إنجلترا على توجيهاته العامة للأسواق نحو سياسة "تيسير تدريجي وحذر". "رويترز"

خفض بنك إنجلترا أسعار الفائدة إلى أدنى مستوى لها منذ أكثر من عامين، في قرار جاء بفارق ضئيل بين الأعضاء، حيث تعارضت المخاوف من ارتفاع التضخم إلى 4% مع إشارات ضعف سوق العمل.

صوّت 5 أعضاء من لجنة السياسة النقدية لصالح خفض بمقدار ربع نقطة مئوية إلى 4%، بينما أيد أربعة أعضاء الإبقاء على المعدلات دون تغيير. وجاء هذا بعد انقسام أولي ثلاثي الاتجاهات لم يسفر عن أغلبية، ما استدعى إعادة التصويت، وهي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك في تاريخ اللجنة الممتد لـ28 عاماً.

الجنية الإسترليني يقفز
سجل الجنيه الإسترليني قفزة أمام الدولار بعد القرار، مرتفعاً بنسبة 0.5% إلى 1.3428 دولار، في حين تراجعت السندات الحكومية (جيلتس)، مما دفع عائد السندات لأجل عامين للارتفاع ست نقاط أساس إلى 3.88%، مع تقليص الأسواق المالية رهاناتها على وتيرة تخفيض الفائدة من بنك إنجلترا خلال العام المقبل.

وقال المحافظ أندرو بيلي في بيان مكتوب: "كان القرار متوازناً بدقة... أسعار الفائدة لا تزال على مسار هبوطي، لكن أي تخفيضات مستقبلية يجب أن تتم بشكل تدريجي وحذر".

ذعر من شبح التضخم
كان خبراء الاقتصاد يتوقعون قبل القرار أن يكون هناك دعم أقل للإبقاء على المعدلات دون تغيير، ويُظهر التصويت المنقسم حجم الخلاف داخل البنك المركزي البريطاني بشأن كيفية التعامل مع بوادر تباطؤ النمو الاقتصادي في مقابل عودة التضخم للارتفاع بشكل مقلق.

وعلى النقيض من ذلك، لم يُقدم مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي حتى الآن على خفض أسعار الفائدة هذا العام، مفضلاً مراقبة الضغوط السعرية المحتملة، وهو ما أثار انتقادات من الرئيس دونالد ترمب.

وحافظ بنك إنجلترا على توجيهاته العامة للأسواق نحو سياسة "تيسير تدريجي وحذر"، مشيراً إلى بوادر فتور في الاقتصاد وتراجع الطلب على العمالة. وتُظهر بيانات الضرائب أن الاقتصاد البريطاني فقد نحو 185 ألف وظيفة منذ أن أعلنت حكومة العمال خططها لزيادة ضرائب الرواتب على أصحاب العمل والحد الأدنى للأجور.

لكن اللجنة حذرت أيضاً من أن المخاطر الصعودية للتضخم "ارتفعت قليلاً منذ مايو"، مع الإشارة بشكل خاص إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية. ويتوقع المسؤولون الآن أن يبلغ التضخم ذروته عند 4% في سبتمبر، مقارنةً بتقديرات سابقة بلغت 3.7%، وأكدت اللجنة أنها "تظل يقظة" تجاه الآثار الثانوية المحتملة.

ورغم أن توقعات النمو الاقتصادي لعام 2025 تم رفعها قليلاً إلى 1.25%، بدعم من أداء قوي في الربع الأول، إلا أن المسؤولين أكدوا أن "الصورة الأساسية لا تزال ضعيفة".

كما أشاروا إلى أن السياسة النقدية أصبحت أقل عبئاً على الاقتصاد، وأن أي تخفيضات مستقبلية في الفائدة ستعتمد على استمرار تراجع الضغوط التضخمية الأساسية على المدى المتوسط.

مستقبل أسعار الفائدة البريطانية
وقالت محاضر الاجتماع: "إن توقيت وتيرة التخفيف المستقبلي للسياسة النقدية سيعتمد على مدى استمرار تراجع الضغوط التضخمية الأساسية... كما أن تشديد السياسة النقدية قد خف مع خفض سعر الفائدة".

وكانت الأسواق تتوقع، قبيل القرار، تخفيضاً آخر للفائدة قبل نهاية العام، يليه خفض إضافي ليصل المعدل إلى نحو 3.5%.

ويمثل قرار يوم الخميس خامس خفض منذ أن بدأ بنك إنجلترا دورة التيسير قبل عام، ويواصل بذلك وتيرته الحذرة في التخفيف بمعدل ربع نقطة كل ثلاثة أشهر تقريباً.

انقسام في صفوف بنك إنجلتر
في حين شهدت اللجنة في عام 1998 قراراً حُسم عبر صوت الترجيح لمحافظ البنك، فإن الانقسام الحالي كان أعمق، مما استدعى نهجاً غير معتاد عبر التصويت مرتين – وهو ما يعكس صعوبة اتخاذ القرار في ظل المعطيات الاقتصادية المتباينة.

كان عضو اللجنة الخارجية ألان تايلور قد دعم في البداية خفضاً بنصف نقطة مئوية، لكنه انضم لاحقاً إلى معسكر مؤيدي الخفض بربع نقطة لضمان تشكيل أغلبية.

أما نائب المحافظ كلير لومبارديلي، وكبير الاقتصاديين هيو بيل، بالإضافة إلى العضوين الخارجيين كاثرين مان وميغان غرين، فقد عارضوا إجراء مزيد من التخفيضات.

وحذّر التحليل الاقتصادي للبنك أيضاً من بوادر توتر في سوق السندات طويلة الأجل، وذلك قبيل القرار السنوي في سبتمبر بشأن وتيرة برنامج التشديد الكمي.

ومن المتوقع أن يعزز هذا التقييم التوجه نحو إبطاء وتيرة تقليص الميزانية العمومية للبنك، والتي تُنفذ حالياً بوتيرة تقارب 100 مليار جنيه إسترليني (133 مليار دولار) سنوياً.

الأكثر قراءة