آلة الصين التصديرية تزداد قوة رغم ضعف التجارة مع أمريكا
سجلت صادرات الصين نموا يفوق التوقعات في يوليو، هو الأسرع منذ أبريل، بدعم من ارتفاع الطلب العالمي الذي عوض التراجع المستمر في الشحنات المتجهة إلى أمريكا.
أظهرت بيانات الجمارك الصادرة اليوم الخميس، أن إجمالي الصادرات ارتفع بنسبة 7.2% على أساس سنوي ليصل إلى 322 مليار دولار، متجاوزا توقعات معظم الاقتصاديين الذين رجحوا تباطؤا بعد نمو بلغ 5.8% في يونيو.
جاء هذا الأداء القوي مدفوعا بزيادة ملحوظة في الشحنات الموجهة إلى الاتحاد الأوروبي، وجنوب شرق آسيا، وأستراليا، وهونج كونج، وأسواق أخرى، ما عوض الانخفاض الذي تجاوز 10% في الصادرات إلى الولايات المتحدة للشهر الرابع على التوالي.
الصادرات الصينية تتحدى الرسوم
كبيرة خبراء الاقتصاد الصيني في بنك "بي إن بي باريبا" جاكلين رونج قالت "السبب وراء الصادرات الصينية القوية وغير المتوقعة في الأشهر الثلاثة الماضية كان نمو الصادرات إلى الأسواق بعيدا عن أمريكا".
وتُظهر هذه المتانة في أداء الصادرات الخارجية أن الطلب العالمي على السلع الصينية لا يزال قوياً، رغم الرسوم الجمركية المرتفعة التي فرضتها الولايات المتحدة، ما يشكل دعماً كبيراً للاقتصاد المحلي الصيني.
من المقرر أن تنتهي الهدنة الجمركية المؤقتة بين بكين وواشنطن في 12 أغسطس، بينما أفادت الصين بأن الطرفين اتفقا على تمديدها بعد محادثات في السويد الشهر الماضي، إلا أن مسؤولين أمريكيين أشاروا إلى أن الرئيس دونالد ترمب هو من سيتخذ القرار النهائي بشأن استمرار الاتفاق.
رأي خبراء "بلومبرغ إيكونوميكس"
قال المحلل الاقتصادي إريك تشو "تدعم أرقام يوليو وجهة نظرنا بأن الصادرات قد تبقى مرنة إجمالاً رغم ضعف التجارة مع أمريكا، الخطر الرئيسي يكمن في احتمال تشديد الدول الأخرى للرقابة على عمليات إعادة التصدير بموجب اتفاقياتها التجارية مع واشنطن".
وساهم تحسن الطلب من خارج الولايات المتحدة في دفع إجمالي قيمة الصادرات لعام 2025 إلى مستويات قياسية غير مسبوقة، مع إمكانية بلوغها 3.8 تريليون دولار إذا استمر هذا الزخم. ومع ذلك، يتوقع بعض الاقتصاديين تباطؤاً في النصف الثاني من العام، مع اتجاه الشركات لتصريف المخزونات المتزايدة.
اليوان الصيني يعزز التجارة
كما أدى سعر صرف اليوان دورا في دعم الصادرات، إذ رغم تحسنه الطفيف في يوليو، لا يزال ضعيفاً مقارنةً بمستويات السنوات الماضية مقابل سلة من العملات الأجنبية.
أوضحت رونغ: "رغم الشكوك حول إعادة توجيه بعض الصادرات إلى دول آسيان، فإن الشحنات إلى أمريكا اللاتينية وأفريقيا، حيث احتمالات التلاعب أقل، كانت أكثر قوة. السلع الصينية تنافسية جداً، وقد ساعد انخفاض اليوان مقابل العملات غير الأمريكية على دعم الصادرات".
الصين تتحرك عبر دول ثالثة
وأضافت أن الصين زادت أيضاً من اعتمادها على دول ثالثة لتصنيع المنتجات النهائية أو مكوناتها، وهي ظاهرة تسارعت بعد الحرب التجارية الأولى التي أطلقها ترمب وتشديد القيود على الاقتصاد الصيني.
وبحسب "بلومبرغ إيكونوميكس"، ارتفعت حصة الصين من القيمة المُضافة الإجمالية للسلع المتجهة إلى الولايات المتحدة عبر دول مثل فيتنام والمكسيك إلى 22% في 2023 مقابل 14% فقط في 2017.
على الرغم من هذا الزخم، تراجعت الشحنات إلى الولايات المتحدة بنسبة 22% على أساس سنوي في يوليو، بعد انخفاض بلغ أكثر من 16% في يونيو. لكن الشركات الصينية عوضت هذا التراجع بزيادة الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي بنسبة 9.3%، وبنحو 17% إلى دول رابطة الآسيان.
الواردات الصينية تنتعش أيضاً
أما الواردات فقد ارتفعت بنسبة 4.1%، وشهدت واردات الدوائر المتكاملة (الرقائق الإلكترونية) أعلى مستوى لها في 4 سنوات. كما سجلت صادرات الصين من الرقائق أداءً قوياً، مدفوعة بازدهار صناعة أشباه الموصلات عالمياً والنمو السريع في تطوير الذكاء الاصطناعي، وفقاً لرونغ.
وفي المقابل، تراجعت صادرات السفن لأول مرة منذ خمسة أشهر، بينما استمرت مبيعات السيارات إلى الخارج في الارتفاع، مسجلة زيادة بنسبة تقارب 19% بالقيمة في يوليو. كما زادت صادرات الآلات والمنتجات عالية التقنية، فيما استمرت مبيعات العناصر الأرضية النادرة في التراجع للشهر السادس على التوالي.
وأظهرت البيانات أن واردات الصين من السلع الأساسية حافظت على قوتها في يوليو، مع ارتفاع سنوي في واردات النحاس وخام الحديد وفول الصويا والنفط الخام.
نمو مهدد بالتباطؤ
لكن رونج حذرت من أن النمو القوي المفاجئ في الواردات قد لا يدوم طويلاً، خاصة مع تفاقم أزمة القطاع العقاري في يوليو، وأشارت بيانات عالية التردد إلى أن النشاط التجاري بدأ في التباطؤ، حيث تعاملت الموانئ الصينية مع عدد أقل من الحاويات خلال الأيام السبعة المنتهية في 3 أغسطس، في ثاني أسبوع على التوالي من التراجع.
ورغم انخفاض الفائض التجاري إلى 98.2 مليار دولار مقارنة بيونيو، إلا أنه لا يزال أعلى بكثير من المتوسط التاريخي، وإذا استمر هذا الاتجاه، فقد يتجاوز الفائض تريليون دولار في 2025، ما يشكل دعماً مهماً لاقتصاد يعاني من الانكماش وضعف الطلب المحلي.