الأسواق تخشى سطوة ترمب على الفيدرالي وتهديد الدولار

الأسواق تخشى سطوة ترمب على الفيدرالي وتهديد الدولار

قال استراتيجيون وخبراء اقتصاديون إن الدولار وغيره من الأصول الأمريكية معرضون لمزيد من موجات البيع بسبب التهديدات التي تواجه مصداقية المؤسسات في البلاد.

بات لدى الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، الآن فرصة لاختيار بديل لأدريانا كوغلر عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي، عقب استقالتها يوم الجمعة، مما يخلق ديناميكية قد تُضعف نفوذ رئيس المجلس جيروم باول.

تقليص الاستثمار في الأصول الأمريكية
مع إقالة ترمب لرئيسة مكتب إحصاءات العمل، إريكا ماكنتارفر، الأسبوع الماضي، يبرز خطر تقليص المستثمرين لتعرضهم للأصول الأمريكية بسبب تهديدات تطال استقلالية البيانات الاقتصادية والسياسة النقدية. وأضرت هذه المخاوف بالفعل بالدولار العام الجاري ودفعت بعض الصناديق إلى الابتعاد عن السندات والأسهم الأمريكية.

قال روبرت بيركفيست، كبير الاقتصاديين في "إس إي بي" (SEB AB) في ستوكهولم: "للأسف، نشهد محاولات جدية جديدة لتركيز سلطة أكبر في يد البيت الأبيض.. كل هذا يبرر علاوات المخاطر المرتفعة للاحتفاظ بمختلف الأصول الأمريكية".

تأتي المخاوف بشأن تسييس المؤسسات الأمريكية في وقت تظهر فيه أدلة على تباطؤ الاقتصاد. وبينما أظهر الدولار مؤشرات على انتعاش حذر في مطلع الأسبوع الماضي، تراجع بشدة يوم الجمعة أمام جميع عملات مجموعة العشر بعد صدور تقرير وظائف أمريكي أضعف من المتوقع.

رهان أكبر على خفض الفائدة
أدت بيانات الوظائف إلى تعزيز رهانات المتداولين على تيسير السياسة النقدية من قبل الفيدرالي، إذ توحي توقعات سوق المال بأن خفض أسعار الفائدة الشهر المقبل بات مرجحاً أكثر من عدمه. وتسارعت هذه التوجهات بعد استقالة كوغلر، التي صوّتت لصالح الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير الأسبوع الماضي، وذلك في ظل مطالبة ترمب بخفض فوري للفائدة.

قال إلياس حداد، استراتيجي في "براون براذرز هاريمان" (Brown Brothers Harriman) في لندن: "مصداقية السياسات الأميركية باتت مهددة بشكل متزايد"، متوقعاً مزيداً من التراجع للدولار.

أشار إلى أن محاولة ترمب للضغط على باول وزملائه لخفض الفائدة "تقوض استقلالية الاحتياطي الفيدرالي"، بينما تُعرّض إقالة ماكنتارفر "نزاهة البيانات الاقتصادية الأميركية للخطر".

في حين كان المستثمرون يتحضرون لاحتمال تعيين ترمب لرئيس احتياطي فيدرالي أكثر ميلاً إلى التيسير، مع المراهنة على وتيرة أسرع لخفض الفائدة اعتباراً من انتهاء ولاية باول العام المقبل، فإن استقالة كوغلر تُقرب الجدول الزمني المحتمل لذلك. إذ قد ينتقل مرشح ترمب لعضوية مجلس المحافظين إلى منصب الرئيس عندما تنتهي ولاية باول في مايو.

وقد يؤدي إعلان مبكر عن الرئيس المقبل للاحتياطي الفيدرالي إلى خلق ما يُعرف بـ"رئيس الظل". وتقوم الفكرة على أن المستثمرين قد يولون اهتماماً أكبر للتوجيهات المستقبلية التي يقدمها مرشح ترمب لخلافة باول، بدلاً من باول نفسه، انطلاقاً من فرضية أنه سيتولى المنصب قريباً.

رأي "بلومبرغ"
"لا توجد طريقة إيجابية يمكن للأسواق من خلالها تفسير خبر إقالة الرئيس ترمب لرئيسة مكتب إحصاءات العمل، فإما أن البيانات الأمريكية كانت مشوّهة سابقاً كما يلمح ترمب، أو أن موثوقيتها كانت ضمن أفضل ما يمكن تحقيقه لكنها باتت الآن مُسيّسة. وفي كلتا الحالتين، فقد تم تقويض الثقة بالإصدارات المستقبلية للبيانات، ويُفترض أن تكون علاوة المخاطر على الأصول الأمريكية أعلى بكثير"، وفق مارك كودمور، استراتيجي الاقتصاد الكلي.

قال ديريك هالبني، رئيس أبحاث الأسواق العالمية في "ميتسوبيشي يو إف جي" (MUFG) في لندن، إن من بين الأسماء المتداولة علناً كمرشحين لخلافة باول، يُعد مدير المجلس الاقتصادي الوطني كيفن هاسيت "الأسوأ بالنسبة للدولار الأميركي نظراً لارتباطه الوثيق بالرئيس".

وأضاف أن وزير الخزانة سكوت بيسنت سيُنظر إليه بسلبية أيضاً من قبل المستثمرين بسبب علاقاته مع ترمب، وإن كان بدرجة أقل من هاسيت.

شهية محدودة للدولار
أشار هالبني إلى أن العضو السابق في مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي كيفن وورش، بالإضافة إلى العضوين الحاليين كريستوفر والر وميشيل بومان، سيُنظر إليهم بشكل أكثر إيجابية نظراً لخبراتهم السابقة داخل البنك المركزي.

 تابع: "حتى يصدر إعلان رسمي، فإن شهية إعادة شراء الدولار بعد تراجعه يوم الجمعة ستبقى محدودة". 

شهد مقياس لقوة الدولار تغيراً طفيفاً يوم الإثنين، بعد أن خسر نحو 8% العام الجاري.

في جميع الأحوال، يعد ترشيح رئيس للفيدرالي حدثاً محفوفاً بالمخاطر للأسواق خلال ضعف السيولة في أغسطس مع ذهاب المستثمرين في عطلات. وكان ترمب قد قال يوم الأحد إنه يعتزم الإعلان عن بديلَين لكوغلر وماكنتارفِر خلال الأيام المقبلة.

وقال فريق في "دويتشه بنك"  بقيادة جيم ريد: "إن استبدال كل من عضوة مجلس الاحتياطي الفيدرالي ورئيسة مكتب إحصاءات العمل قد يؤثر في نهاية المطاف على سهولة تمويل العجزين المزدوجين في الولايات المتحدة.. وهذا قد يُعيق انتعاش السندات طويلة الأجل ما لم يحدث تباطؤ اقتصادي كبير".

الأكثر قراءة