إبقاء الفائدة الأمريكية عند مستوياتها الحالية يعمق الفجوة بين باول وترمب

إبقاء الفائدة الأمريكية عند مستوياتها الحالية يعمق الفجوة بين باول وترمب
"رويترز"
إبقاء الفائدة الأمريكية عند مستوياتها الحالية يعمق الفجوة بين باول وترمب
"رويترز"

من المتوقع أن يقرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) إبقاء سعر الفائدة دون تغيير في اجتماعه غدا الأربعاء، للمرة الخامسة على التوالي، وهي خطوة من المرجح أن تُبرز الانقسام العميق بين رؤية جيروم باول، رئيس المجلس، والرئيس الأمريكي دونالد ترمب.

من المؤكد كذلك أن الاحتياطي الفيدرالي ينقسم على نفسه بشكل متزايد حول الخطوات التالية. ويتوقع عديد من الاقتصاديين أن اثنين من أعضاء المجلس، عينهما ترمب، سيشقان الصف يوم الأربعاء لصالح خفض أسعار الفائدة.

إذا حدث هذا، فستكون هذه المرة الأولى التي يُصوت فيها محافظان ضد رئيس المجلس منذ 1993.

على الرغم من هذا فإن الفجوة في الآراء بين لجنة تحديد أسعار الفائدة والبيت الأبيض ما زالت كبيرة على نحو غير معتاد. فآراء الرئيس الأمريكي تتقاطع في عدة مجالات وبشكل حاد مع آراء قيادة الفيدرالي، وهو الأمر الذي يمهد الأرض لخلافات محتملة تستمر لسنوات مقبلة، حتى بعد انتهاء ولاية باول كرئيس للمجلس في مايو المقبل.

هوّة متنامية بين ترمب وأعضاء الفيدرالي

أحد أوجه اختلاف وجهات النظر بين ترمب ولجنة السياسة النقدية، هو مطالبة الرئيس الأمريكي بخفض أسعار الفائدة، التي يستند فيها إلى ما يقول إنه تحسن في أداء الاقتصاد الأمريكي، كما لو أن الولايات المتحدة شركة رائدة ينبغي أن تدفع مقابل الاقتراض أقل مما على أي شركة ناشئة محفوفة بالمخاطر أن تدفعه.

يرى مسؤولو الفيدرالي، وجميع الاقتصاديين تقريبا، الأمر في هذه النقطة بالتحديد من زاوية مختلفة. فالاقتصاد القوي من وجهة نظرهم يعني أن أسعار الفائدة يجب أن تكون مرتفعة نسبيا لمنع ارتفاع التضخم وتفاقمه.

جينادي جولدبرج، رئيس إستراتيجية أسعار الفائدة الأمريكية في شركة "تي دي" للأوراق المالية قال بدوره: "أزعم أن أسعار الفائدة لدينا أعلى لأن اقتصادنا يعمل بشكل جيد إلى حد ما، وليس على الرغم من ذلك".

يجادل ترمب بأن الفيدرالي بشكل عام، وباول بشكل خاص، يكلفان دافعي الضرائب الأمريكيين مئات المليارات من الدولارات في صورة مدفوعات فائدة بعدم خفضهم تكاليف الاقتراض.

مع ذلك، لا يعتقد مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي أن خفض أسعار الفائدة التي تدفعها الحكومة على سندات الخزانة وسنداتها من مسؤولياتهم.

ويليام إنجلش، الخبير الاقتصادي في كلية "ييل" للإدارة، والموظف السابق في الاحتياطي الفيدرالي، يقول: "إنهم يستخدمون السياسة النقدية لتخفيف الضغط على صانعي السياسات المالية، وهذا يشير إلى ارتفاع التضخم ومشكلات أكبر في المستقبل".

ويقول اقتصاديون "إنه إذا رأت الأسواق المالية تركيزا من جانب الاحتياطي الفيدرالي على إبقاء تكاليف الاقتراض منخفضة لمساعدة الحكومة، بدلا من التركيز على هدف تحقيق هدفي استقرار الأسعار وتوفير أقصى قدر من التوظيف، فإن مستثمري وول ستريت القلقين بشأن التضخم المستقبلي سيطالبون على الأرجح برفع أسعار الفائدة للاحتفاظ بسندات الخزانة".

من وجهة نظر أصحاب هذا الرأي، فإن هذا سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض في جميع مفاصل الاقتصاد.

التضخم على كفة ميزان أثر رسوم ترمب الجمركية

يدفع ترمب في ضغطه من أجل خفض أسعار الفائدة بأنه "لا يوجد تضخم" وبالتالي يجب على الفيدرالي تخفيض سعر الفائدة قصيرة الأجل عن المعدل الحالي، البالغ نحو 4.3%، والذي جرى رفعه عامي 2022 و2023 لكبح جماح التضخم.

وغالبا ما يؤثر سعر الفائدة الذي يحدده الفيدرالي في تكاليف الاقتراض طويلة الأجل للرهون العقارية وقروض السيارات وبطاقات الائتمان. لكن هذا الأثر لا يحدث دائما.

كان التضخم قد سجل انخفاضا حادا، وهو ما جعل مسؤولي الفيدرالي يشيرون إلى أنهم سيخفضون الفائدة بما يصل إلى نصف نقطة مئوية هذا العام. لكن التضخم عاود الارتفاع قليلا في الشهرين الماضيين.

وما زال عديد من صانعي السياسات، بمن فيهم باول، يرغبون في التأكد من أن الرسوم الجمركية لن ترفع التضخم كثيرا قبل اتخاذ أي إجراء.

وأعلنت الحكومة الأمريكية في وقت سابق من الشهر الجاري أن التضخم تسارع إلى 2.7% في يونيو من 2.4% في مايو الماضي، متجاوزا هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%. الأسعار الأساسية، التي تستثني فئات الغذاء والطاقة المتقلبة، ارتفعت هي الأخرى إلى 2.9% من 2.8% في السابق.

إلى أين تشير توقعات المحللين بشأن الفائدة؟

في الأسبوع الماضي، صعّد ترمب وعديد من مسؤولي البيت الأبيض هجماتهم على باول بشأن أسعار الفائدة، وانتقدوا التكاليف الضخمة لتجديد الفيدرالي اثنين من مبانيه، ما أثار تساؤلات حول ما إذا كان الرئيس يسعى إلى إقالة باول لسبب وجيه أم لاختلافات في السياسات.

خاض ترمب وباول مواجهة غير عادية أمام عدسات الكاميرات حول تكلفة المشروع خلال زيارة الرئيس الأمريكي لموقع البناء يوم الخميس الماضي.

بعيدا عن توقيت الخفض الأول، لا تزال هناك فجوة هائلة بين ما يريده ترمب، وما سيفكر الاحتياطي الفيدرالي في فعله.

بينما توقع مسؤول الاحتياطي في يونيو تخفيضين فقط هذا العام وتخفيضا واحدا في 2026، فإنهم يعتقدون أن سعر الفائدة الرئيسي سيكون عند 3.6% بنهاية العام المقبل.

وفي حين يضغط ترمب على مسؤولي المجلس لخفض الفائدة إلى 1% فقط، يرى الخبير الاقتصادي ويليام إنجلش أن هذا "لن يحدث في وجود أعضاء مثل الأعضاء الحاليين في اللجنة".

يتوقع مستثمرو وول ستريت أيضا تخفيضين هذا العام ومثلهما في 2026، وفقا لأسعار العقود الآجلة التي يتتبعها مؤشر "Fedwatch" التابع لبورصة شيكاغو التجارية، وهي تخفيضات قليلة نسبيا.

الأكثر قراءة