السعودية تبدأ خصخصة الأندية الرياضية الصغيرة .. ما الأسباب والعوائد المتوقعة؟
ستسهم خصخصة 3 أندية سعودية، في تسريع خصخصة الأندية الأخرى، لتحويلها إلى كيانات تجارية مستقلة، إضافة إلى تحسين الأداء المالي فيها، فضلا عن جذب الاستثمارات المحلية والدولية، حسب ما أكده خبراء اقتصاديون في القطاع الرياضي لـ «الاقتصادية».
الخبراء، أكدوا أن البدء بخصخصة الأندية الصغيرة لتقليل المخاطر عند الانتقال إلى الأندية الأخرى، فضلا بأن العوائد المعنوية والاسترشادية من هذه الخطوة تتجاوز العوائد الاقتصادية المتوقعة.
وزارة الرياضة، أعلنت عن تخصيص أول 3 أندية رياضية عبر الطرح العام بالتعاون مع المركز الوطني للتخصيص، ونقلها إلى ملاكها الجدد حيث ستنتقل ملكية الزلفي إلى شركة نجوم السلام، الخلود إلى شركة Harburg Group، والأنصار إلى شركة عودة البلادي وأبنائه.
قال فضل البوعينين عضو مجلس الشورى: إن تخصيص أول 3 أندية عبر الطرح العام يعد خطوة مهمة في استكمال ملف الخصخصة، الذي يُعد قاعدة أساسية للمشروع الرياضي في السعودية، موضحًا أن العوائد المعنوية والاسترشادية من هذه الخطوة تتجاوز العوائد الاقتصادية المتوقعة بالنظر إلى حجم وقيمة الأندية في السوق.
وأضاف أن تخصيص هذه الأندية قد يسهم في تسريع طرح الأندية الأخرى، لتحقيق أهداف الخصخصة وتحسين أداء كرة القدم السعودية، وزيادة العوائد المالية لتحقيق متطلبات وأنظمة "فيفا".
الدكتور أحمد سالم، خبير التسويق الرياضي، يرى بأن الأندية الرياضية السعودية كانت تعتمد بشكل كبير على الدعم الحكومي في السنوات السابقة، لكن مع إطلاق "رؤية السعودية 2030"، بدأ التحول نحو خصخصة الأندية وتحويلها إلى كيانات تجارية مستقلة قابلة للاستثمار والربحية، ما يسهم في جذب القطاع الخاص وزيادة التنافسية.
مراحل الخصخصة بين 2023 و2025
أضاف سالم: "الخصخصة تمر بعدة مراحل، بدأت بتطوير البنية التنظيمية والتشريعية للأندية قبل 2023، إضافة إلى إطلاق برامج حوكمة لضمان الشفافية والمساءلة، كما تم تأسيس شركات لكل نادٍ رياضي كخطوة أولى نحو الخصخصة، حيث تم تحويل ملكية أندية مثل: الهلال والنصر والاتحاد والأهلي إلى شركات بإدارات خاصة، لكن بملكية تابعة لصندوق الاستثمارات العامة (PIF).
كما تم نقل ملكية القادسية لأرامكو السعودية، الدرعية لهيئة تطوير بوابة الدرعية، العلا للهيئة الملكية لمحافظة العلا، ونيوم "الصقور سابقا" لنيوم.
وأوضح أن المرحلة الثانية من الخصخصة، والتي تمتد من 2024 حتى 2025، تركز على فتح المجال أمام مستثمرين محليين ودوليين لشراء حصص في الأندية، إضافة إلى تطوير البنية التحتية والمرافق الرياضية، وإطلاق مشروعات تجارية مثل: المتاجر والحقوق الإعلامية والرعاية.
التسريع لضمان الاستدامة المالية
وزارة الرياضة، كشفت عن فتح المجال لاستقبال طلبات الاهتمام من الجهات الاستثمارية التي ترغب في الاستحواذ على أي من الأندية الرياضية السعودية الأخرى، على أن يتم بعد ذلك دراسة جاهزية النادي أولاً، ثم دراسة العروض المقدمة من الجهات الاستثمارية، وأخيراً مرحلة طرح النادي للمنافسة العامة.
يرى البوعينين أن تخصيص أندية مثل: الهلال والنصر والاتحاد والأهلي يمثل جزءًا أساسيًا من إستراتيجية الخصخصة، لكن من المهم الإسراع في طرحها، كي يسهم في تحسين أدائها بشكل أكبر، لتحقيق أهدافها مثل الاستدامة المالية، كفاءة الإنفاق، والحوكمة.
وتابع "نحتاج إلى فتح المجال بشكل أسرع أمام القطاع الخاص لاستثمار أندية دوري روشن، وهذا سيسهم في تحقيق التنافسية العادلة ووقف الهدر المالي"، مطالبا بضرورة إعلان وزارة الرياضة عن جدول زمني لاستكمال ملف الخصخصة، ولا سيما أنه سيكون جزءًا من مؤشرات قياس الأداء.
جذب الاستثمارات وتقليل الدعم الحكومي
خبير التسويق، يؤكد بأن الأهداف الأساسية للخصخصة تشمل تحسين الأداء المالي وتقليل الاعتماد على الدعم الحكومي، ما يحقق الاستدامة المالية.
وأشار إلى أن المشروع يهدف إلى جذب الاستثمارات المحلية والدولية ورفع مستوى التنافسية في الدوري السعودي من خلال تطبيق ممارسات الإدارة الحديثة، ما سيؤدي إلى زيادة شعبية الدوري على المستوى العالمي.
تابع: "من النتائج الأولية حتى 2025، تمكنت الأندية من التعاقد مع نجوم عالميين مثل: كريستيانو رونالدو وكريم بنزيما ونيمار، ما أسهم في رفع قيمة الدوري السعودي في التصنيفات العالمية وزيادة العوائد التجارية والرعائية للأندية".
الشفافية والمساءلة من أبرز التحديات
عضو مجلس الشورى، أشار إلى أن أحد التحديات الكبرى في عملية الخصخصة هو ضمان الشفافية والمساءلة في إدارة الأندية.
وقال: "لقد شهدنا هدرًا ماليًا كبيرًا وضعفًا في الشفافية والحوكمة، لذا نحتاج إلى العمل بسرعة على تحسين هذه الجوانب".
وأضاف: "من المهم أن نحقق الأهداف الأساسية للخصخصة، مثل الكفاءة المالية والشفافية، لأن غياب هذه العناصر قد يؤثر سلبًا في النتائج المنتظرة، كما لفت إلى ضرورة التعامل مع المصاريف المرتفعة والرواتب الكبيرة التي يمكن أن تؤثر في الاستدامة المالية للأندية.
واتفق سالم مع أبو العينين، حيث قال: إن أبرز التحديات التي تواجه الخصخصة هي ضمان الشفافية في الإدارة المالية، وضبط المصاريف والرواتب المرتفعة، كما أشار إلى ضرورة الحفاظ على الهوية الثقافية والجماهيرية للأندية، وعدم تهميش الأندية الصغيرة أو الأقل جماهيرية".
ما سبب البدء بالأندية الصغيرة؟
وزارة الرياضة، أوضحت بأن انتقال ملكية أندية (الأنصار، والخلود، والزلفي) إلى جهات استثمارية، بعد أن تم الإعلان في أغسطس 2024، عن طرح 6 أندية للتخصيص، وهي: (الأنصار، والأخدود، والخلود، والزلفي، والعروبة، والنهضة)، ضمن المسار الثاني لمشروع الاستثمار والتخصيص للأندية الرياضية.
سالم، يؤكد بأن المستثمرين سيحققون عوائد مالية من الأنشطة التجارية التي سيملكها النادي بعد خصخصته، مثل بيع التذاكر والرعايات والإعلانات، بجانب فرصة توسيع علاماتهم التجارية من خلال النادي، خاصة إذا كانوا نشطين في مجالات أخرى مثل الإعلام والترفيه.
وتابع "البدء بالأندية الصغيرة يقلل من المخاطر ويتيح للحكومة والمستثمرين فرصة التعلم من التجربة قبل تطبيقها على الأندية الكبرى، خاصة أن الأندية الصغيرة تتمتع بهيكل إداري أبسط، ما يسهل عملية إعادة الهيكلة والحوكمة عند تحويلها إلى شركات".
وأختتم قائلاً: "تخصيص الأندية الصغيرة يسهم في تحفيز الاستثمار في مناطق جديدة، ما ينعش الحركة الاقتصادية والرياضية في هذه المناطق، ويعزز التنوع في السوق ويساعد على إيجاد فرص لمستثمرين جدد".