هل سيعيد "الفطيم" شركة سينومي ريتيل إلى التعافي من الخسائر المتراكمة؟
في لحظة مفصلية من تاريخ "سينومي ريتيل"، وبين أعباء ديون تتصاعد وخسائر تتراكم، تلوح يد إنقاذ قادمة من خارج الأسوار.
صفقة مفاجئة تحمل توقيع "الفطيم" أحد عمالقة التجزئة في المنطقة قد تقلب موازين اللعبة، وتعيد رسم مستقبل الشركة التي عانت طويلا من ظروف غير مؤاتية أبقتها تحت الضغوط.
وستضخ المجموعة الإماراتية أكثر من 2.5 مليار ريال لشراء نحو نصف الشركة من مؤسسيها، يرافقها قرض بـ1.3 مليار ريال كوقود لرحلة نمو جديدة، قد تكون الفرصة الأخيرة لإنقاذ إمبراطورية التجزئة.
صفقة استحواذ في الأفق
أعلنت "سينومي ريتيل" توقيع اتفاقية بيع وشراء أسهم مع مجموعة "ماجد الفطيم"، تستحوذ بموجبها الأخيرة على 49.95% من أسهم الشركة بسعر 44 ريالا للسهم، في صفقة تتجاوز قيمتها 2.5 مليار ريال.
في حين تتضمن شروط الصفقة تقديم "الفطيم" قرضا بقيمة لا تقل عن 1.3 مليار ريال، لدعم المركز المالي وتعزيز فرص النمو.
وتشير الشركة إلى أن صفقة الاستحواذ الخاصة لا تزال خاضعة لعدد من الشروط، بما في ذلك الحصول على الموافقات النظامية ذات الصلة
وقال فواز الحكير، أحد المساهمين المؤسسين البائعين، إن "الفطيم" تعد مستثمرا إستراتيجيا مثاليا نظرا لحضورها القوي في قطاع التجزئة العالمي ومتانتها المالية، مضيفا أن "الصفقة ستخلق قيمة لجميع أصحاب المصلحة".
من جانبه، قال عمر الفطيم، الرئيس التنفيذي للمجموعة: "نرى فرصا كبيرة لدعم سينومي في التحول الرقمي وتوسيع العلامات التجارية"، مشيرا إلى أن الاستثمار يعكس الثقة في قوة واستقرار الاقتصاد السعودي ورؤية 2030.
فرص واعدة في "التجزئة"
بحسب وحدة التحليل المالي في "الاقتصادية"، تأتي الصفقة في وقت يشهد فيه قطاع التجزئة السعودي نموا متسارعا، إذ بلغت قيمته السوقية نحو 670 مليار ريال في 2024، وفق بيانات "كين ريسيرتش"، وسط توقعات بتحقيق نمو سنوي مركب 7.1% حتى 2029، بحسب "تكنافيو".
في المقابل، قدرت "أوليفر وايمن" و"تكنافيو" أن تصل مبيعات التجارة الرقمية إلى 90 مليار ريال بحلول 2026.
آفاق النمو
من شأن الصفقة، أن تمنح "سينومي ريتيل" شريكا يتمتع بخبرة تشغيلية واسعة، إذ تعمل "الفطيم" في 18 دولة وتضم نحو 200 علامة تجارية، إلى جانب 29 مركز تسوق و3 مشاريع تحت الإنشاء، بعدد زوار سنوي تجاوز 230 مليون زائر.
وبلغت إيرادات المجموعة في 2024 نحو 34.5 مليار ريال، بصافي أرباح 2.6 مليار ريال.
فيما تسعى "سينومي ريتيل" إلى تسريع وتيرة التحول الرقمي، وتوسيع محفظتها من العلامات التجارية العالمية، إلى جانب استهداف أسواق دولية ذات هوامش ربحية مرتفعة.
تحولات هيكلية وضغوط مالية
شهدت "سينومي ريتيل" ضغوطا مالية منذ جائحة كورونا وتغير سلوك المستهلكين، ما أدى إلى دخولها نطاق الخسائر وتزايد المديونية، التي بلغ معدلها إلى حقوق المساهمين 234% في 2020، مقابل 110% في العام السابق.
ومع ارتفاع أسعار الفائدة، أصبحت الأرباح التشغيلية غير كافية بشكل مستدام لتغطية تكاليف خدمة الدين.
وأوصت إدارة الشركة في أواخر 2021 بتخفيض رأس مال الشركة ومن ثم زيادة رأس المال الشركة عن طريق إصدار أسهم، وتم التخفيض بنسبة 45% في العام التالي، دون أن تقوم الشركة بزيادة رأس المال لاحقا.
وبلغت الخسائر الرأسمالية المتراكمة 140% بنهاية الربع الاول من العام الجاري، رغم تحولها للربحية وتسجيلها 82.4 مليون ريال، كأعلى أرباح فصلية خلال عامين.
برامج إصلاح وخطة تحول
أعلنت سينومي ريتيل عن عزمها استكمال إستراتيجيتها في التركيز على العلامات التي تتبوأ المركز الأول أو الثاني في عام 2023، وحددت 26 علامة تجارية غير إستراتيجية كجزء من برنامج البيع.
وفي العام الماضي، وقعت الشركة اتفاقية مع "العثيم للأزياء" لبيع حقوق امتياز 5 علامات تجارية وما يندرج تحتها من 121 متجرا وأصول ذات صلة، ورغم تحسن المبيعات نسبيا خلال العامين السابقين إلا أن الخسائر بلغت 1.38 مليار خلال الفترة.
خيار الشريك الإستراتيجي
أعباء الدين واستمرار الخسائر المتراكمة وجهت الشركة نحو شريك إستراتيجي يعيد الشركة نحو الربحية.
وأعلنت الشركة قبل نحو عام عن دخولها في مفاوضات مع إحدى كبار شركات التجزئة الرائدة في مجال الأزياء على مستوى العالم، وذلك فيما يتعلق بصفقة جوهرية محتملة تتضمن الدمج بين عدد من وكالات الأزياء التجارية، لتوقف معها توصية تخفيض رأس مال الشركة إلى 100 مليون ريال.
وفي مطلع العام الجاري، أنهت الشركة المفاوضات مع قيام الشركة بدراسة خيارات إستراتيجية أخرى بما فيها إجراء صفقة مع مستثمر إستراتيجي. لتعلن اليوم عن إبرام الاتفاقية مع "الفطيم".
توسع "الفطيم" في السعودية
كشفت مجموعة ماجد الفطيم في 2016 عن خططها في استثمار 14 مليار ريال لتطوير مركزين رئيسيين للتسوق، "مول السعودية" و"سيتي سنتر إشبيلية".
بعد خمس سنوات قامت الشركة بمنح عقد لشركة "أيكوم" لتقديم خدماتها الاستثشارية لمشروع تطوير "مول السعودية" وعقد آخر مع شركة "ميس"، إلا أن الشركة أوقفت أعمال التطوير لاحقا، علما أن مؤسس المجموعة توفي في أواخر 2021.
وأكدت الشركة لاحقا بأن السعودية تعتبر فرصة مزدهرة، وأن الشركة تؤمن باقتصاد السعودية، وفقا لتصريح الرئيسي التنفيذي أحمد إسماعيل في لقاء مع تلفزيون "بلومبرغ".
وينحصر تواجد الشركة في السعودية، على علامتها التجارية "كارفور" و"فوكس سينما" إلى جانب عدد من متاجر التجزئة في قطاع الملابس ونمط الحياة، ومع إتمام الصفقة سيزيد تعرض الشركة على السوق السعودية بعد إتمام صفقة شراء حصة من "سينومي ريتيل".
وحدة التحليل المالي